"ابتسامة" تذهب إلى فلسطين
يامن نوباني
في السابع من أيلول الفائت تسلّمت الدكتورة الهام الخطيب، وهي أستاذ مساعد في كلية طب الأسنان بجامعة القدس، جائزة "ابتسامة" "Smile Award" بنسختها الأولى، عن أفضل مشروع لتعزيز الصحة الفموية، والوقاية من أمراض الأسنان، في فئة المشاريع الإبداعية، والتي يقدمها الاتحاد العالمي لطب الأسنان (FDI) .
الخطيب وهي الباحث الرئيسي للمشروع استلمت الجائزة بالنيابة عن نقابة أطباء الأسنان الفلسطينية في السابع من أيلول للعام الجاري، خلال اجتماع البرلمان العالمي للأطباء الأسنان، في المؤتمر السنوي لمجلس الاتحاد العالمي لطب الأسنان الذي أقيم في مدينة "بوزنان" البولندية.
وقالت الخطيب لـ"وفا": أن فوز فلسطين بهذه الجائزة الرفيعة فرحا ودعما من جميع ممثلي الدول الأخرى في الاتحاد، والذين مثلوا 190 دولة من جميع أنحاء العالم.
وأضافت: المشروع فريد من نوعه لأنه استخدم أسلوب المقابلات التحفيزية Motivational Interviewing (MI) ، والتوجيهات التوقعية Anticipatory Guidance (AG) كطرق إبداعية لإيصال الرسائل التعليمية للأمهات للعناية بصحتهن الفموية، وصحة أطفالهن الفموية، ورفع مستوى الكفاءة الذاتية في إبقاء أسنان ولثة أطفالهن صحية.
وتتابع: يوجد دلائل قوية في المنشورات العلمية العالمية تدعم فعالية استخدام أساليب المقابلات التحفيزية والتوجيهات التوقعية في مجال تعليم الصحة الفموية، وعلى النقيض، وجدت الأبحاث الحديثة أن الطرق التقليدية في تعليم الصحة الفموية، والتي تعتمد أسلوب تعليم المفاهيم العامة، ومن ثمة التخصص في التفاصيل traditional top-down Oral Health Education غير مجدية في تغير سلوكياتهم.
وأوضحت أن المشروع كان أيضا ناجحا في اختيار المكان الملائم لتقديم رسائل الصحة الفموية، حيث تم استهداف الأمهات في مراكز الطفولة، والأمومة، ومراكز التطعيم بالرسائل التعليمية، والتطبيقات الوقائية، وتعتبر هذه الأمكنة ممتازة لترغيب النساء الحوامل في متابعتهن، ومتابعة أطفالهن بسهولة، وبأسرع وقت ممكن، والأكاديميتان الأميركيتان لطب الأطفال(AAP) ، ولطب أسنان الأطفال (AAPD) توصيان بأن تتم مراجعة الطفل عند طبيب أسنان سواء خلال الستة أشهر الأولى من بزوغ أول سن لبني، أو عند بلوغ عمر 12 شهرا حسب الذي يأتي أولا.
بالإضافة الى ذلك، فقد أشارت بياناتنا الأساسية التي تم جمعها إلى أن الأمهات اللواتي يستخدمن عيادات طب الأسنان العامة التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية هن غالبا ذوات دخل قليل، ومستوى تعليم متدني، و(50%) من الأمهات اللواتي يقصدن هذه العيادات العامة لديهن شهادة اقل من الثانوية العامة، و26% يحصلن على أقل من 350 دولار أمريكي كدخل البيتي الاجمالي، وهذه الفئة المهمشة ستكون المستفيد الأكبر من مثل هذه التداخلات الطبية.
وكافة المشاركين سيحصلون على المنافع من هذه الخدمات المتاحة، وخصوصا الإجراءات الوقائية، مثل: طلاء الفلورايد الوقائي (Fluoride Varnish)، والتي لها منفعة كبيرة في تقليل الإصابة بتسوس أسنان الاطفال المبكر (ECC) عندما يتم تطبيقها مبكرا.
وتم تقسيم المشاركين لمجموعتين: واحدة ستستقبل تدخلا علاجيا فوريا، والأخرى سوف تستقبله بعد الفحص الفموي للأطفال بين عمري 30-36 شهرا (تدخل علاجي متأخر).
وأضافت: الهدف من المشروع الفائز هو اختبار مدى فعالية بمزيج من الإجراءات الوقائية، والمداخلات الطبية السلوكية قبل وبعد ولادة الطفل في الوقاية من تسوس أسنان الأطفال المبكر عند الذين يعانون من مستويات عالية من مرض تسوس الأسنان، ولديهم صعوبة في الوصول إلى أطباء الأسنان للحصول على العلاج اللازم .
ويستهدف المشروع –حسب قولها- بشكل رئيسي النساء الحوامل محدودي الدخل، واللواتي يسكن في مناطق محافظة القدس، من خلال رسائل التوعية الصحية الفموية، بواسطة استخدام وسائل غير تقليدية لرفع الوعي بين الأمهات، وزيادة اعتمادهن على أنفسهن، في رعاية صحتهن الفموية، وصحة أطفالهن الفموية.
ونوهت إلى أن المشروع سيتابع الأطفال منذ الولادة، وحتى عمر (3 سنوات) بوسائل وقائية، مثل: طلاء الفلورايد على أسنان الأطفال Fluoride Varnish application ، وسيوفر المشروع خدمات علاجية شبه مجانية للأمهات اللواتي يحتجن العلاج في عيادات طب الأسنان الطلابية بجامعة القدس.
ويوضح هذا المشروع مفهوم الرعاية ما قبل الأولية Primary Care، حيث نمنع فيها مرض تسوس الأسنان بين الأطفال الصغار، من خلال تطوير وتحسين الصحة الفموية لأمهاتهم.
لماذا تم اختيار القدس؟ في عام 2000 تم اقامة حدود جديدة، واعتمادها من قبل الحكومة الاسرائيلية، وتم أيضا بناء جدار فصل عنصري، وكانت القدس المنطقة الأكثر تأثرا، وجرى فصل المركز المدني للقدس عن العديد من القرى الفلسطينية المجاورة (والتي هي الآن خارج الجدار)، التي كانت تعتمد على مدنية القدس من حيث الصحة، و التعليم، والنشاطات الترفيهية، والخدمات الاجتماعية.
وهذه القرى الآن تتبع لمحافظة جديدة سميت محافظة القدس ( والتي هي تقع تحت سيادة السلطة الفلسطينية)، بانضمامها مؤخراً، ومحافظة القدس كانت الأقل تطورا في مجال الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية.
المتعاونون في المشروع: نقابة أطباء الاسنان الفلسطينية، وجامعة القدس، وكلية طب الأسنان، ووزارة الصحة الفلسطينية.
بدوره، رئيس اتحاد طب الاسنان الفلسطيني ابراهيم غنام، قال: نأمل من خلال هذا المشروع زيادة معرفة وتثقيف الأمهات حول الصحة الفموية، والتغذية، وتحسين كفاءتهن الذاتية في القيام بمهام تتعلق بالصحة الفموية للأمهات، والأطفال، وزيادة الانتفاع للرعاية الفموية للأمهات، وتقليل حدوث تسوس الأسنان بنسبة (30%) في مجموعة التدخل العلاجي الفوري أكثر من مجموعة التدخل المتأخر.
رئيس جامعة القدس عماد ابو كشك التي كان لها دورا مهما في هذا المشروع أكد أهمية دمج البرامج الجديدة المقترحة في برامج رعاية صحية قائمة، وناجحة في استقطاب شريحة كبيرة من الفلسطينيين، وأهمية جمع البيانات خلال تنفيذ هذه المشاريع، لعمل تقييم وتغذية راجعة، قائمة على بيانات دقيقة.
ونوه إلى أن جامعة القدس ستبقى دوما داعمة للمشاريع المجتمعية التي تحقق رؤيتها في خدمة مجتمعنا الفلسطيني، وأن نجاح أي مبادرة مجتمعية يعتمد على اشراك جميع المهتمين، والفاعلين في مجال هذه المبادرة، في مراحل التخطيط، والتنفيذ."
من جهته، أشار وكيل وزارة الصحة أسعد الرملاوي إلى أن دمج التوعية الصحية الفموية، والوقاية من الأمراض في برامج رعاية صحية أوسع، مثل: برامج رعاية الأمومة، والطفولة، ومراكز التطعيم لهؤلاء الأطفال، هي طريقة فعّالة جدا لتحسين الصحة العامة للطفل، وعافيته.
وأكد الرملاوي أهمية توصيل رسالة الصحة الفموية في سياق الصحة العامة، واشراك مقدمي الرعاية الصحية في المراقبة، وتقييم خطر الأمراض الفموية، معتبرا ذلك الطريقة الأكثر منطقية، فعالية لتأكيد أهمية الصحة الفموية بالنسبة للصحة العامة، موضحا أن هذا المشروع يندرج ضمن سياسة وزارة الصحة في تقديم خدمات صحية كاملة شاملة ومتشابكة للمواطن الفلسطيني.
يشار إلى أن الجائزة منحت من قبل شراكة الوقاية من تسوس الاسنان (CPP)، وهي مبادرة جديدة لتحسين الوقاية من الأمراض الفموية، من خلال المواد التعليمية المتناقلة عالية المستوى، والأنشطة التي تستهدف ممتهني طب الأسنان، والمرضى، وعموم المجتمع.
وتهدف جائزة الاتحاد العالمي لطب الاسنان "ابتسامة" لترويج الرعاية الوقائية الفموية على المستويات المحلية. الجائزة تميز أعضاء الاتحاد العالمي في الأفرع الإقليمية للاتحاد (NDA)، والذين يصنعون فرقا في مجال الصحة الفموية في بلادهم، من خلال مشاريعهم المجتمعية الهادفة، والمستدامة، لإيصال التوعية الصحية الفموية لعموم المجتمع.