أبو عرب..مقعدٌ يصنع الأبطال
معن ياسين
بيديه مفتولتي العضلات يدير كمال أبو عرب (66 عاما) عجلات كرسيه المتحرك يمينآ ويسارا في بيته المتواضع بمخيم بلاطه القريب من نابلس، ليتحدث نشاطه غير المتناهي عن شخصية رياضية لم توقف الإعاقة مسيرة تفوقها.
أبو وائل كما يحلو لسكان بلاطة مناداته؛ هو بطل سابق في رفع الأثقال، وصاحب العديد من البطولات التي جعلت من اسمه عنواناً لهذه الرياضة محليا وعربيا، إلا أنه اليوم ونتيجة بتر قدمه بسبب مرض السكري مقعد لا يقوى على الحركة إلا بكرسيه المتحرك.
عشق الرياضة منذ صغره وارتبط اسمه وعمله بها، حتى أن ممارستها وتتبع أخبارها احتلا نصيب الأسد في سنين عمره، ولم يعد يتخيل حياته بدونها، كما يقول.
أبو عرب ورياضة رفع الأثقال تجمعهما قصة بدأت منذ أكثر من نصف قرن، حين أجبره خاله على الذهاب إلى النادي لممارسة هذه الرياضة الجديدة على قاموسه آنذاك، فتدرّج على سلمها بعد أن تعلّق بها، ليتوّج بالعديد من الألقاب ابتداء ببطولة الجمهورية اللبنانية عام 1969 لكمال الأجسام، وانتقالا الى بطولة المملكة الأردنية الهاشمية عام 1971، إلى جانب مشاركته في العديد من البطولات والعروض.
أصاب مرض السكري المزمن أبو وائل بما أدى إلى بتر ساقه اليسرى، لكن الإعاقة لم تحل دون استمرار تعلقه بالرياضة التي أحب، إلا أنها أجبرته على الانتقال إلى مرحلة صناعة الأبطال.
تقول زوجته: "لم يكفّ أبو وائل عن ممارسة الرياضة حتى بعد إصابته، واستمر بنشاطه المعتاد دون أن يشعر أحد بأنه مبتور الساق، وكسر حاجز إعاقته واستمر بحياته على طبعتها".
منذ 10 سنوات انخرط كمال أبو عرب كمتطوع في نادي بلاطه الاجتماعي، يشرف على تدريبات مجموعة لامعة من رافعي الأثقال، وينقل لهم خبرته في هذا المجال، مستعينا بطرفٍ اصطناعي ومتعكزا على أداة تعينه على الوقوف والمشي.
يقول أبو عرب: "لا أشعر باختلاف كبير بين الماضي والحاضر، بالماضي كان اسمي البطل واليوم اسمي مدرب الأبطال، الكثير من أبطال اللعبة أشرفت على تدريبهم وهذا بالنسبة لي مصدر فخر. أقسمت أن استمر بالرياضة رغم كل المصاعب والمعيقات وحتى ان توقفت عن الحركة نهائيا".
استمرت انجازات أبو عرب حتى بعد الإعاقة، وأصبح محورآ يتجمع حوله الرياضيون الشباب، يتعلمون من تجربته ويحذون حذوه، ويقدّرون كفاحه الذي أبقاه متمسكا بطموحه الرياضي رغم إعاقته.