أبو دغش.. مجابهة الإعاقة بالرسم
نابلس- وفا– زهران معالي- على كرسيه المتحرك، كان منشغلا بتوضيح ما آلت إليه خيالاته وأبدعت فيه ريشته الفنية من تجسيد عشقه لفلسطين وطبيعتها وأحداثها السياسية والاجتماعية لعدد ممن ارتادوا معرض "حكاية لون" في خان الوكالة بمدينة نابلس.
الفنان الشاب محمود أبو دغش (24 عاما)، من طولكرم، بات بعد عام من تخرجه في تخصص إدارة وأتمتة المكاتب علما في فنون الرسم وتجسيد الشخصيات في المدينة، بعد أن أغلقت الأبواب في وجهه بالحصول على وظيفة بمجال تخصصه.
أبو دغش الذي ولد وهو مصاب بمرض هشاشة العظام، تحدث لـ"وفا"، أن المرض أقعده على كرسيه المتحرك وباتت حياته محصورة بين عجلاتها، إلا أنه بعزيمة وإصرار واصل تعليمه في جامعة خضوري، وأن موهبة الرسم لديه ظهرت منذ الصغر.
ويضيف أنه منذ قرابة العام نتيجة عدم توفر فرص عمل له بمجال تخصصه، اتجه لاستغلال موهبته بالرسم بكافة أنواع الأدوات ما بين أقلام الرصاص والألوان الخشبية، وألوان الأكريليك والريشة، إلى الرسم ثلاثي الأبعاد.
في المعرض، كان عدة لوحات للشهيد الراحل ياسر عرفات والأسيرين الشقيقين محمود ومحمد البلبول، إضافة لمسجد قبة الصخرة، وعدد من الطيور وبراءة الأطفال، تعكس جميعها خيال أبو دغش، علقت على جدران خان الوكالة التاريخي.
ويواجه أبو دغمش العديد من الصعوبات، أبرزها عدم مقدرته على حضور المعارض والفعاليات خارج طولكرم، إلا أن العزيمة والإصرار تدفعه لمواصلة موهبته وإيصال إبداعاته لجمهوره، بكل الوسائل ومنها صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" التي يستغله لتسويق رسوماته.
وحول الوقت الذي يحتاجه لرسم لوحاته، يقول أبو دغش وهو يشير للوحة رسمها لطاووس من خلال ألوان الأكريليك، أن لوحاته تحتاج ما بين 20 ساعة لأسبوع، بناء على حجم اللوحة والألوان المستخدمة فيها. ويؤكد أن الإرادة والعزيمة سر نجاحه، مطالبا ذوي الاحتياجات الخاصة بألا تكون الإعاقة حاجزا أمام إبداعاتهم وتنمية مواهبهم، كما دعا الجهات ذات العلاقة بالاهتمام بذوي الإعاقة ودعم مواهبهم، وتنظيم المعارض الخاصة بتجاربهم ودعمهم للمشاركة بمعارض دولية ترفع اسم فلسطين.
لم يكن أبو دغش المشارك الوحيد بمعرض "حكاية لون"، بل كان واحد من ستين مشاركا بالمعرض الذي نظمته مجموعة "موهوبون بلا حدود" التي تطمح لإيصال ثقافة الفن للجميع وتسليط الضوء على المواهب لخلق مجتمع واعٍ ومثقف، وفق ما أوضحت صفاء ناصر العرندي إحدى القائمين على المعرض.
وأشارت العرندي في حديث لـ"وفا"، إلى أن المعرض انطلق يوم أمس الأحد بحضور ممثلين عن القنصلية الفرنسية، ويستمر حتى يوم الثلاثاء القادم، وجاء بدعم من المعهد الفرنسي وبلدية نابلس ومركز يافا الثقافي.
وتتراوح أعمار المشاركين في المعرض بين "17 -42" عاما، من محافظات الضفة الغربية موزعين بين طلبة مدارس وخريجي جامعات، وموهوبين لم يحالفهم الحظ بإكمال التعليم واتجهوا لممارسة هواياتهم.
وتضمن المعرض وفق العرندي على عدة أقسام جميعها أعمال يدوية، في مجالات "التصميم الداخلي والهندسة المعمارية، تصاميم ثلاثية الأبعاد لمشاريع منفذة، مشاريع عمارة ومجسمات للبلدة القديمة من كلية الهندسة من جامعة النجاح الوطنية، قسم الجرافيك تصميم مطبوعات، قسم الخط العربي، ولوحات فنية ورسومات ورقية، والرسم على الزجاج، ورسم الحنة، وأعمال يدوية اكسسوارات وتطريز، وقسم الحلويات، والخزف والسيراميك والرسم عليه، بالإضافة لقسم خاص بجمعية ركن المرأة من بلدية نابلس".
وتؤكد أن هدف المعرض الرئيسي إعطاء الفرصة للموهوبين لعرض منتجاتهم ومواهبهم وتطويرها وبيعها بالإضافة لعرض المشاريع الفنية والمنتجات للجمهور، وتعميق مفهوم الفن والموهبة بالمجتمع.