عمر كمال – سيناترا فلسطين
رامي سمارة وإيهاب الريماوي
في يوم واحد، مقابلة لوظيفة في مجال تخصصه الأكاديمي لدى إحدى الشركات التي تمثل له ولغيره طموحاً مهنياً، ومقابلة مع منتج شركة رأت فيه فناناً عالمياً.
الصدفة لعبت دورها، توجه من شمال لندن لجنوبها حتى لا يجلد نفسه إن ضيع إحدى الفرصتين، لكن القدر اختار، أول فلسطيني يوقع عقداً فنياً مع واحدة من كبرى شركات الإنتاج العالمية ارتحل على إثره إلى الولايات المتحدة ليسجل ألبومه الاحترافي الأول.
يتقن الغناء بالعربية والانجليزية، ومتمرس بعزف البيانو ويؤلف أيضاً بعضاً من مقطوعاته، وفي بعض الفترات عزف الكمان.
لمدة ثلاث سنوات، كان المغني الرئيسي لفرقة الأوكسترا في جامعة "كارديف" ببريطانيا والتي حصل منها على درجة الماجستير في هندسة الإنشاءات.
قبل تخرجه بعام نظم حفلين غنائيين في رام الله ونابلس، لفتا كشافي شركة "سوني" لإنتاج الموسيقى لموهبة يمكن أن تزاحم هامات عالمية.
عمر كمال، ابن نابلس فيها ولد وتربى، أطلق في 21 تشرين أول/ أكتوبر الجاري أول أغانيه "Love Never Felt So Good" التي أنتجتها "سوني"، وهي أغنية شهيرة للمغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون.
هذه الأغنية باكورة الأعمال الاحترافية التي ستكلل بألبوم يصدر في كانون الأول/ ديسمبر قبيل أعياد الميلاد المجيدة يضم 14 أغنية، وفيه إعادة توزيع لأغان قديمة وحديثة.
"البدايات تكون هكذا، يتم اختيار مجموعة أغان معروفة ويعاد توزيعها لتقريب صوت المغني الحديث للجمهور قبل التوجه لإنتاج أغان تكتب وتلحن له" يقول عمر.
بدايات عمر الفنية تأثر بها بعمالقة الموسيقى الكلاسيكية، مثل بيتهوفن وشوبان وموتزارت، ثم كان للموسيقى الشرقية نصيب من اهتماماته، وفي سن الخامسة عشرة اتجه نحو الغناء الغربي، واحتذى منذ ذلك بـ "فرانك سيناترا" المغني الأميركي ذو الأصول الإيطالية، أحد أشهر مطربي القرن العشرين.
"فرانك سيناترا برز كظاهرة غناء في عصره، كان صوته يستحوذ على اهتماماتي، لم أكن في سنٍ تؤهلني لإطلاق الأحكام الفنية، ولكن لم أترك أي تفصيل عن حياة وشهرة هذا المغني إلا واطّلعت عليها، ربما كان بفعل سن المراهقة، إذ دوماً ما نبحث في تلك المرحلة من العمر عن قدوة في المجال الذي نحلم بامتهانه في المستقبل".
ولمدى تعلقه به؛ أدى عمر كمال في فترة تكونه فنياً، العديد من أغاني سيناترا، حتى أن له صورة تجمعه بابنته كريستينا المعروفة فنيا باسم "تينا" وهي مغنية وممثلة ومنتجة أفلام، التقطت في متحف خاص أقيم للفنان الأميركي الشهير في لوس انجلوس بالولايات المتحدة الأميركية.
لا يغفل عمر كمال أهمية التجربة الفنية التي خاضها أثناء فترة دراسته الجامعية، خلالها شارك في عدة حفلات موسيقية ومسابقات، وطاف بالعروض معظم أنحاء بريطانيا، ولما كان المغني الرئيسي لفرقة اوركسترا تتبع الجامعة؛ اكتسب تجربة فريدة توّجت بتوقيع العقد مع شركة "سوني".
عملاقة شركات الإنتاج لها معايير خاصة أوقعت الاختيار على عمر كمال ليكون واحداً من المشاهير الذين تقوم بإنتاج أعمالهم، للعمر كان نصيب فهو لم يتجاوز 25 عاماً، وإتقانه الغناء بالإنجليزية والعربية ساهم في ذلك أيضاً، فضلا عن إجادته للعزف على البيانو، هو حالة فنية نادرة.
ولأنه من فلسطين ويعيش فيها؛ لعب ذلك دوراً في ضمه، حيث ستكون هويته مثار جدل بين الوسط الفني، ما سينعكس تسويقياً على أعماله وإنتاجات الشركة، وهذه مسأله تحمل أبعاداً سلبية وإيجابية، حسب ما يعتقد عمر.
الفن لديه لا بد وأن يرتبط بهدف أسمى، حتى لا يكون مجالاً للتسلية وإرضاء الأهواء فقط، "إذا لم يرتبط العمل الفني بقيمة إنسانية أو عاطفية أو وطنية يصبح بلا قيمة، لا أنكر أن جزءاً كبيراً من مشروعي هو انعكاس لطموح شخصي؛ لكن أعتقد أنني قادر على تمثيل فلسطين بشكل جيد والنجاح بها ولها عالمياً".
يحمل بصوته رسالة للتقريب بين الشرق والغرب، اهتمامه بالغناء بالإنجليزية سيعكس صورة أخرى عن فلسطين، وبذلك يمكن أن ينمي اهتمامات الناس أكثر بهذا اللون الفني.
لم يغادر عمر كمال فلسطين رغم إدراكه لمحدودية النجاح فيها فنياً خاصة للون الغنائي الذي اختار، الأحلام يمكن أن ترى النور هنا ولا تحتاج لـ "هوليوود" أو "باريس" حتى تصبح حقيقة.
يجد عمر كمال عذراً لمن يحلم بالهجرة إلى الغرب لتفجير طاقاتهم الإبداعية فيها، لاعتقاده أن العالم العربي لديه اهتمامات أخرى "أكبر من الفن والثقافة"، اللذان يعتبران جانباً تكميلياً وترفيهياً، "لا أستطيع أن أقول إن فلسطين أو غيرها من الدول العربية قادرة على احتضان هذه المشاريع بالشكل الذي يمكن لأميركا أن تحتضنها به".