احذروا هذا المصير
بموضوعية شديدة، وبصريح العبارة، لابد ان نعرف ونعترف، ان التاريخ لن يرحمنا ابدا، وسيحاكمنا بمنتهى القسوة، إن لم نكن في وسائلنا الاعلامية المختلفة، على مستوى المسؤولية الوطنية، والمهنية، وحتى الاخلاقية، في مثل هذه المرحلة التي يشتد فيها اللغط المدسوس، وفوضى الكلام حول طبيعة العلاقات الداخلية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وعموم الساحة الفلسطينية، ومن هذا اللغط وهذه الفوضى، ترويج هذه الفرية التي تزعم ان هناك "خصومة شخصية" للرئيس ابو مازن مع افراد هنا او هناك، وأنه لهذا السبب فان حال "فتح" لا بل حال فلسطين كلها ليست على ما يرام ...!! ومع ان اهل مكة ينبغي ان يكونوا ادرى بشعابها كما يقول المثل إلا أن بعض وسائل الاعلام الالكترونية المحلية،ودون ان تلتفت الى مسؤولية الكلمة ومصداقيتها،تنخرط وبنوع من الهوس الليبرالي في عملية ترويج هذه الفرية، وتتابع تسويقها بهذه الصورة او تلك ...!!
ومع ان تحريض اسرائيل اليمين المتطرف، المحموم تماما، ضد الرئيس ابو مازن، ينطوي على مفردات هذه الفرية، بل هو الذي فبرك اساساتها، ومن ذلك ما قاله افيغدور ليبرمان مؤخرا في مقابلته مع صحيفة القدس ان الرئيس ابو مازن "مهتم بإرثه ومصالحه وعائلته" وبرغم ان اهداف هذا التحريض لم تعد خافية على احد، حيث انها تسعى وراء رأس المشروع الوطني الفلسطيني، برأس حاميته في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ورأس قائدها، إلا ان بعض وسائل الاعلام الالكترونية تلك، تتجاهل ذلك وعلى نحو بالغ الغرابة، لتواصل مهمة الانخراط في ترويج وتسويق فرية " الخصومة الشخصية " وعلى ما يبدو ان لاشيء مهم عند هذه المواقع، القائمة على اسس ثقافة الاستهلاك المدمرة، غير تسليع الانباء والتقارير لغايات الربح المادي اكثر من اي شيء اخر، او قبل اي شيء اخر.. وهذا مع حسن الظن والنوايا !!( لا نتحدث هنا عن المواقع الالكترونية المأجورة، مواقع " ليبرمان" التي تتحدث بالعربية، التي يقودها الخارجون على الصف الوطني، فهذه لها غايات واهداف اسرائيلية تماما، هذه التي تريد كما قلنا، رأس المشروع الوطني، مشروع الحرية والاستقلال ) .
ليست هناك جماعات متناحرة داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي ستعقد مؤتمرها السابع بعد قليل،لتبرهن انها واحدة موحدة، وانها لن تكون يوما غير ذلك، والذين سقطوا من بين صفوفها وخرجوا عليها، وباتوا ابواقا لتحريضات "ليبرمان" لا يشكلون ولن يشكلوا ابدا جماعة لها هذه العلاقة لا بفتح ولا بالشأن الوطني كله، لا من قريب ولا من بعيد، ولأن واقع فتح هو هذا تماما باساس فكرتها وسلامة خطابها وعافية شرعياتها واطرها التنظيمية، فأنه من المؤكد انه ليس لدى الرئيس ابو مازن اية خصومات شخصية، وهو اليوم اذ يتابع مستلزمات واجراءات عقد المؤتمر السابع لفتح، ومن ثم المجلس الوطني الفلسطيني، فانه يؤكد ان "خصومته" الوحيدة اذا ما صح التعبير، هي مع الاحتلال ومشروعه التدميري، لمواجهة هذا المشروع والانتصار للمشروع الوطني الفلسطيني، مشروع الدولة الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين وفق القرار الاممي 194 .
مرة اخرى نقول للتاريخ محاكمه العادلة، التي لن ترحمنا اذا لم نكن اليوم على مستوى المسؤولية الوطنية والمهنية والاخلاقية في خطابنا الاعلامي،وفي سلوكنا الوطني، واذا ما تعامينا عن الحقائق والوقائع، وروجنا الشائعات والاقاويل المغرضة التي لا تصب إلا في طاحونة "ليبرمان" وجماعته وادواته، ولكل مواقع الاعلام الاستهلاكية نقول احذروا هذا المصير .
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير