شبان طوباس.. انتصار للبيئة
سلطت الحلقة (55) من سلسلة "أصوات من طوباس" الضوء على مبادرة بيئية ينفذها مركز مصادر التنمية الشبابية في نادي طوباس الرياضي بالشراكة مع برنامج (آيركس)، المؤسسة دولية غير الربحية الداعمة لبرامج القيادة الفكرية والإبداع لتعزيز التغيير الايجابي المستدام عالمًيا.
وشكل عشرون شابًا وشابة دائرة في قاعة مستطيلة بمقر نادي طوباس، وفتحوا حواراً مع مدير مجلس الخدمات المشترك للنفايات الصلبة باسل بني عودة، ومسؤول الصحة والبيئة في المحافظة سامي دراغمة، ومنسق وحدة الخريجين في "القدس المفتوحة" بلال دراغمة، ونثروا مبادرتهم التي أسموها "الطريق إلى المنزل أجمل من المنزل"، وتهدف إلى وضع حد للنفايات المتراكمة على الطريق الرئيس الرابط بين طوباس ومخيم الفارعة.
أزمة وحل
وشرعت المدربة العشرينية إسراء دواس في سرد سيرة ذاتية للمبادرة الخضراء، التي تفوقت على مبادرتين مجتمعيتين أخريين في مجال الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت: انحزنا للبيئة لأنها قضية حياة، وتتبع عشرون شاباً أزمة النفايات المستعصية في الشارع الرابط بين طوباس والفارعة، واقترحوا ربط مبادرتهم مع المجتمع، من خلال إعداد شريط مرئي يظهر آراء الأهالي، ويساعدنا في تقديم حل للمشكلة التي تشوّه وجه المنطقة، وتنشر الروائح الكريهة، وتخلف أكواماً من الركام.
وأضافت: هذه الطاولة المستديرة ليست اتهاماً لأحد بالتقصير، بل هي بالأساس لحل التحديات البيئية، ومنح المواطنين والمارة حقهم في مشاهدة طريق خالٍ من التعديات والروائح.
وتابعت دواس: نوفر اليوم ربطًا بين المبادرين والمسؤولين، وعيننا على حل سريع لهذه المشكلة. صحيح إن البيئة مسألة هامشية بتصنيف البعض، لكنها في الواقع قضية مهمة جدًا.
أسئلة "دسمة"
وانطلق الحوار بوجبة أسئلة دسمة وجهها المبادرون للمسؤولين في الجهة المقابلة، قدمها محمد عثمان، وهديل العرجا، وبراء جوابرة، وطه صبح، وخلود صلاحات، وسجى العسوس، وهند عرجا، ومريم نواجعة، وآخرون يتوزعون في أماكن سكنهم بين الفارعة وطوباس وطمون.
وقال الشبان: نريد حلاً عاجلاً، فلا يعقل أن تستمر المشكلة على حالها، الأمر لم يعد يطاق: أكوام نفايات، وجيف، وركام أبنية متداعية، وإطارات سيارات تالفة، وسيارات نضح المياه العادمة تفرغ حمولتها في طرف الوادي، وهذا كله لا يشوّه البيئة ويلوثها فقط، بل ينشر الروائح الكريهة والبعوض، والأمراض، ويشاركنا الهواء الذي نتنفسه.
من أسئلة المبادرين وحرارة جملهم ومداخلاتهم، يمكن رسم خريطة للطريق الذي يعتبر همزة الوصل بين طوباس وجارتها نابلس، فالوادي الذي يسبق مخيم الفارعة ومقر مركز صلاح خلف الشبابي، الذي كان محطة للتعذيب والتحقيق مع أسرى الحرية عشية انتفاضة عام 1987 وما قبلها. أما النفايات والركام فتشوِّه الإطلالة الطبيعية لجبال نابلس وطمون، والأجزاء البعيدة من جبال الأغوار.
يفيد بني عودة: مهمة مجلس الخدمات المشترك للنفايات الصلبة ترحيل النفايات من الحاويات إلى مكب زهرة الفنجان، وليست مسؤوليتنا التعامل مع النفايات أمام المنازل، أو خارج المدن والبلدات، فنحن لسنا جهة تنفيذية، ومع ذلك نأخذ زمام المبادرة، ونساهم في حلول لهذه المشكلات، ومستعدون للعمل مع الشبان، لكننا نخشى اليوم التالي لحملات النظافة، وأن تعود النفايات إلى فوضاها.
معضلة النفايات
ويؤكد دراغمة: النفايات معضلة للمنطقة، وأخذنا في المحافظة بالشراكة مع مؤسسات عديدة مبادرة من 14 يوم عمل للتخلص من الإطارات التالفة عبر إعادة استخدامها، ودشَّنا حديقة في أحراش طوباس من هذه القطع التي عادة ما يتسبب حرقها بتلوث كبير. ونقلنا صخوراً كبيرة من أحياء المدينة الجديدة، التي اشتكى سكانها من حيوان الوبر الصخري (البويري)، الذي يتسبب بتكاثر ذبابة أريحا (اللشمانيا)، ووضعنا الحجارة كساتر في محاذاة الطريق التي نفذ الشبان المبادرة فيها، وننفذ جولات دائمة، وأوقفنا على ذمة المحافظ أشخاصًا يتسببون في تلويث المنطقة، واتخذنا قراراً إداريا في هذا الاتجاه في الحالات التي تتطلب ذلك. وأطلقنا خلال ست سنوات ثلاث حملات لتشجير المنطقة لإغلاق المجال أمام الملوثين، إلا أن ما غرسناه أقتلع.
من حديث دراغمة وبني عودة، يكتشف السامع ثغرة في العقوبات التي تفرض غرامات متواضعة على المتسببين بالتلويث ونشر النفايات والركام، الذين سرعان ما يعودون إلى سابق عهدهم، وتبرز الحاجة إلى إجراءات أخرى كالتربية والتوعية بجانب القانون والردع، إضافة إلى إجراءات للحل كتخصيص منطقة للتخلص من الردم والجيف، وهو لا يبعد عن الطريق أكثر من 3 كيلو مترات.
يقول باسل بني عودة: حين نشاهد أحد المواطنين بتلويث البيئة علينا تخييره بين الدعوة إلى مقاطعته من الأهالي، أو إجباره على إزالة الأضرار، والتعهد بعد العودة إلى أفعاله.
ويقول بلال دراغمة إن "القدس المفتوحة" تمنح طلبتها فرصة للتطوع في مجال البيئة، ونفذنا في السابق حملات بالشراكة مع وزارة الإعلام ومركز التعليم البيئي ومؤسسات أخرى، وسنخصص جزءاً من الخمسين ساعة توعية لمبادرات نظافة، تترك أثراً دائمًا.
تقول المبادرة براء جوابرة: لدينا مشاكل عديدة، ونحتاج لفرض غرامات على أصحاب صهاريج نضح المياه العادمة إلى المنطقة، ومالكي الشاحنات التي تتخلص من حمولتها في طريقنا.
طاقة غضة
تروي منسقة مركز مصادر التنمية الشبابية في نادي طوباس الرياضي، رولا الخضيري، أن المؤسسة الدولية غير الربحية، التي تدعم برامج القيادة الفكرية والإبداع لتعزيز التغيير الايجابي المستدام عالمياً، تنفذ في فلسطين مشروع (الشراكة مع الشباب)، ويسعى لإتاحة فرص تعليمية وقيادية أفضل للشباب في الضفة الغربية، تلبي تطلعات الفئة بين (14 – 29) عاماً، عبر توفير محاور مستدامة للشباب هدفها الابتكار والتعلم.
تضيف: ينفذ مركز مصادر التنمية الشبابية بنادي طوباس الرياضي، وعبر مشروع الشراكة مع الشباب فعاليات وأنشطة متنوعة ومتعدد، تختص بمجالات القيادات الشبابية والتوظيف والتكنولوجيا والإعلام.
ووفق الخضيري، فإن أنشطة المركز استهدفت 20 من قيادات شابة في الفارعة وطوباس, توجت بخطة بمبادرة "الطريق إلى المنزل أجمل من المنزل. وتتمحور فكرة المبادرة الخضراء حول حل مشكلة النفايات المتراكمة في الطريق بين طوباس ومخيم الفارعة، عبر إنتاج فيديو يوضح المشكلة وآراء الأهالي والمارين منها، وعرضه في لقاء مفتوح يجمع جهات الاختصاص، ويعرف بأسباب المشكلة وحلها، ويسبقه عمل ميداني بالشراكة مع مجلس الخدمات المشترك للنفايات الصلبة؛ لتنظيف الموقع وإحداث لفته للمشكلة.
نقوش بيئية
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس، عبد الباسط خلف إلى أن "أصوات من طوباس" تابعت العديد من الشؤون البيئية في المحافظة، أبرزها تعطيش الاحتلال للأغوار، ومدرسة بنات طوباس الثانوية الصديقة للبيئة، ومبادرات "بنات طوباس" العلمية لكشف التلوث في وادي الباذان، وأول مدرسة خضراء في فلسطين تستضيفها بلدية عقابا، وحكاية روضة جمعية طوباس الخيرية الصديقة للبيئة، التي أطلقها مركز التعليم البيئي/ الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة وجمعية طوباس الخيرية.
وأضاف: تتبعت الوزارة قصة الأعشاب الطبية التي تشق طريقها إلى العالم، وسيدة الأزهار ربيحة خضيري التي حولت منزلها إلى حديقة لافتة، وحكاية جبل جادر الذي يتعطش للحرية والماء، وعين الساكوت التي يصادرها الاحتلال، ومياه وادي المالح الذي جففه الاحتلال، وتجربة فواز الحسن الذي يزين بيته بعشرات أنواع نبتة خبيزة الراعي، واحتفال أطفال الأغوار بيوم الجبال العالمي، ويوم المياه الأممي، وبطيخ البقيعة، ولوز عقابا.