المحكمة الدستورية.. تنتصر للضحايا
كتب موفق مطر
"وبالتالي فإن المحكمة الدستورية العليا ترى أن القرار بقانون رقم (4) لسنة 2012 الصادر بتاريخ 3/1/2012 المتضمن رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي محمد يوسف شاكر دحلان (المطعون ضده) بالقضية الجزائية نقض رقم (326) لسنة 2015 قد صدر وفقا للأصول والصلاحيات المخولة للسيد الرئيس بموجب القانون".
النص اعلاه منسوخ من نص قرار المحكمة الدستورية بتاريخ 3 تشرين الثاني 2016 الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية "وفا" في خبر عن تصريح لوزير العدل علي ابو دياك.
وهكذا تسير دماء الحق في جسد النظام السياسي العادل حيث يقرر القضاء الفصل في اي قضية، وتقرر المحكمة الدستورية الفصل في اي خلاف على تفسير او دستورية ونظامية وقانونية اي قرار يصدر عن السلطة التنفيذية.
القرار الذي اكد وزير العدل صدوره عن المحكمة الدستورية، يعني انطباق صفة القانوني على قرار رئيس الدولة محمود عباس، ويعني أن يعرف كل مواطن تضرر من دحلان وفساده وجرائمه ان دحلان الذي دخلت حصانته دائرة الأخذ والرد خلال السنوات الأربع قد خرج مجردا خاسرا حصانته بعد ولوجه قاعات المقامرة والمؤامرة على المشروع الوطني، وبعد استغلالها - (الحصانة)- لمنافعه الخاصة الممنوعة عليه وعلى أي نائب في التشريعي حسب المادة (54 (التي نصت على: لا يجوز لعضو المجلس التشريعي أن يستغل عضويتـه في أي عمل من الأعمال الخاصة، وعلى أي نحو).
لأن دحلان استغل الحصانة الممنوحة لأعضاء التشريعي، وجمع السلاح في بيته في رام الله، وهرب بعد ضبطها ليعمل مستشارا امنيا في دولة عربية، ولأنه ظن انه بتسليم قطاع غزة لحماس وانفراط عقد المجلس التشريعي الى اجل غير محدد، بعد فوزه (بعباءة الحصانة) بانتخابات العام 2006 سينجو من المحاسبة والمساءلة، ولأن ملفات الفساد والجرائم المتهم بها تستوجب مثوله أمام القضاء، وهذه غير تلك التي حكم فيها، ولأنه بات كالفتيل المتفجر، يسعى لقطع علاقة القيادة الفلسطينية وتخريب طريقها السالك مع الدول العربية، علاوة على استثماره المشبوه في سلاح (الخريف العربي) ولقاءاته السرية مع ليبرمان، ولأن اعلى رتبة في استخبارات دولة الاحتلال حضرت بالتهديد والوعيد للرئيس ابو مازن فيما اذا تم تجميد دحلان من مركزية حركة فتح وطرده منها، ولأن الرئيس مؤتمن على امن وسلامة الشعب ومصالحه العليا، ولأن الرئيس يستند على قواعد قانونية صلبة، ويمثل ارادة الشعب في محاسبة الفاسدين والمجرمين والمتآمرين، ومنع المتاجرين بقضيته من استثمار دماء شبابه جاء قرار المحكمة الدستورية منصفا، حيث اكد شرعية وقانونية قرار الرئيس بقوة القانون في اسقاط الحصانة عن النائب دحلان.
قد لا يحتاج الأمر الى فقهاء القانون والمستشارين والقضاة لتفسير نص المادة 43، لكن بما انها كانت موضع الخلاف فلا بأس، ومن الضروري اعادة تذكير القراء بنصها حيث وردت كالتالي:" لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
تعلق دحلان بقشة المادة (47) مكرر من القانون الأساسي، التي نصها التالي :" تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية". ظنا منه ومن اعضاء حماس في التشريعي ان ولايتهم قائمة الى ان تتم الانتخابات القادمة للتشريعي ويؤدي الأعضاء الجدد اليمين، ما يعني حسب تفسيرهم المنبعث من عقلية المؤامرة، انهم يتمتعون بالحصانة والمكانة الى حين انتخاب مجلس تشريعي جديد ويؤدي الفائزون الجدد اليمين الدستورية، ما يعني ايضا بالنسبة لهم بقاءهم الى اجل يوم يأتي فيه شهر شباط ونعده بواحد وثلاثين يوما!!! فيما الأصل في هذه المادة ان اداء اليمين الدستورية للنواب الجدد يأتي بعد اعلان النتائج واجتماعهم في اول جلسة بعد انتهاء مدة التشريعي السابق، وقد لا يعلم المواطنون العاديون ان الدقة الشديدة في نظم هذه المسؤوليات والصلاحيات هي الحفاظ على المؤسسات الدستورية للبلاد وضمان سير التشريع فيها حتى اللحظة الأخيرة من الاجراءات القانونية الديمقراطية لانتقال السلطة سلميا من اعضاء مجلس منتخبين الى اعضاء جدد سيتولون السلطة التشريعية.
أما المادة 53 التي نصت على حصانة النواب التي يسعى دحلان ومعه المشتغلون على منوال الفئوية والجهوية على استغلالها لحماية انفسهم من مساءلة تاريخية، علما ان نصها مثالي فقد نصت على التالي: "لا تجوز مساءلة أعضاء المجلس التشريعي جزائيا أو مدنيا بسبب الآراء التي يبدونها، أو الوقائع التي يوردونها، أو لتصويتهم على نحو معين في جلسات المجلس التشريعي أو في أعمال اللجان، أو لأي عمل يقومون به خارج المجلس التشريعي من أجل تمكينهم من أداء مهامهم النيابية". لكن المادة لم تنص على حصانة نواب فاسدين ومجرمين وانقلابيين، شجعوا سفك الدم الفلسطيني، وساهموا بتقطيع اوصال الوطن بالانقلاب، واشتغلوا بتجارة السلاح والدماء البريئة، واثروا على حساب الفقراء، وكرسوا انفسهم كمستخدمين لأجهزة مخابرات اسرائيلية ورسمية ناطقة بالضاد، واستثمروا عشرات ومئات الملايين سرقوها من المال العام، واستحوذوا جنسيات اجنبية ليتمكنوا من الافلات من العدالة الفلسطينية وخاصة بعد انضمام فلسطين للشرطة الدولية ( الأنتربول).
وزير العدل ابو دياك قال: " قررت المحكمة بشأن تفسيرها لنصوص المواد (47 و47 مكرر و51 و53 فقرة 1) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته لسنة 2005، والمادة (96) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي ما يلي 3: - لم يجاوز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية سلطته في إصدار القرار بقانون لرفع الحصانة عن أي عضو من أعضاء المجلس التشريعي في غير أدوار انعقاد جلسات المجلس التشريعي.. " ما يعني ان الدستورية انتصرت لضحايا دحلان وعصابته (فرقة الموت) وضحايا الانقلاب في غزة، وضحايا الانفلات الأمني المغطى اسرائيليا، عندما اجازت قرار الرئيس بقوة القانون رفع الحصانة عن النائب دحلان.