جدار الفصل يجمع بين عاشقين ..... الماني يتزوج من فرنسية ويؤكد: سور برلين لا يذكر امام جدار فلسطين
شكل جدار الفصل لكل من الالماني ستيفان كلوز والفرنسية كليمانس بوسليوت ، فرصة نادرة لم يخطط لها على الاطلاق كي ينسجا علاقة عاطفية تكللت بالزواج ومن ثم بإنجاب طفلهما نعيم البالغ من العمر سنة وشهر.
تم ذلك في العام 2004 حينما كان ستيفان كلوز الذي يبلغ من العمر 33 سنة في ذلك الوقت يعمل مدربا لموضوع حل النزاعات لدى مؤسسة فلسطينية في بلدة بيت حانينا بمدينة القدس ، وسمع عن نية اسرائيل ببناء جدار الفصل على الاراضي الفلسطينية ورغب بالفعل مشاهدة ما يجري لا سيما وان في ذهنه جدار برلين حيث كان قد شاهده قبل سقوطه بأربعة اشهر فقط، فتوجه الى المقطع الذي يبنى من جهة بلدة ابو ديس مع صديق له وشاهد الجدار قد ارتفع لنحو مترين فقط واعتبره في ذلك الوقت انه جدار عادي فيه فتحات صغيرة ولا يمكن ان يسمى جدارا للفصل، وحينها شاهد الفتاة كلميانس مع صديقة لها تشاهد بناء الجدار ايضا وكان عمرها لم يتعدى الـ26 سنة وهي تعمل متطوعة في مدرسة راهبات الوردية التي لم تبعد عن مكان عمل ستيفن الا بضعة امتار، وهناك على مقربة من الجدار تبادلا الاحاديث عن مغرى هذه الخطوة واتسع الحديث ليصل الى مسقط رأس كليهما و تبادلا المعلومات عن طبيعة عملهما ومن ثم ارقام الهواتف ليلتقيا بعد ذلك مرارا ومن ثم تطورت العلاقة الى عاطفية، وكل ذلك بدأ من جدار الفصل .
الجدار قتل الحياة الفلسطينية....
ويقول ستيفن خلال مقابلة مع القدس : انه وبعد ذلك توالى على الذهاب الى مكان الجدار في اكثر من موقع وواكبه على مدى سنوات وجوده في الارض الفلسطينية حيث جاء الى هنا في العام 2002 وظل حتى 2007 ، بينما جاءت كليمنس الى هنا في العام 2004 وظلت حتى 2007 وقد غادرا مع بعضهما وفي العام 2008 تزوجا وفي العام 2010 انجبا طفلهما الاول واسمياه "نعيم" حيث قررا اختيار اسم عربي يرمز او يعني "الجنة" كما يقول، ويضيف "انه ومع مرور الوقت والجدار يرتفع حيث كان يشاهده ايضا في طريق "عابر اسرائيل" من جهة قلقيلية، ليتضح ان ارتفاعه اصبح تسعة امتار ومحكم الاغلاق وان جدار برلين الذي كان بارتفاع اربعة امتار لا يذكر امامه، واضحى جدار الفصل امرا واقعا بني على الارض الفلسطينية وفصلها عن بعضها البعض، وحرم اطفالا ان يذهبوا الى مدارسهم ومنع المزارعين من الوصول الى اراضيهم التي عزل مساحات واسعة منها ويقول"لقد شاهدت مقاطع من الجدار اقيمت في منتصف الشارع الرئيس كما حصل في بلدة الرام، لقد قتل الجدار الحياة في فلسطين بكل ما تعني الكلمة من معنى".
الالمان والقضية الفلسطينية ....
وتطرق ستيفن في حديثه الى موقف الشارع الالماني من القضية الفلسطينية بقوله "الناس في المانيا لا يعرفون الحقيقة عما يجرى هنا، فهم يتابعون اعلاما المانيا يساوي بين اسرائيل وفلسطين، ويحاول الايهام بوجود دولتين فلسطينة واسرائيلية بذات القوة ويلومون الفلسطينيين لانهم لا يعترفوا باسرائيل، والاعلام يحاول التهويل ايضا فالالمان لا يعرفون عن الجدار كثيرا ولا يعرفون خطورته او خطورة الاستيطان وذلك وسط اعلام عربي ضعيف لا تأثير له الا القليل، وحتى فيما يتعلق باستحقاق ايلول وحينما ذهب الرئيس "ابو مازن" لطلب عضوية فلسطين الكاملة في الامم المتحدة فقد اعتبر غالبية الالمان انه لا لزوم لذلك وان الدولة لا يمكن تثبيتها الا من خلال المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، انهم لا يحاولون حتى ان يفهموا بوجود متطرفين داخل حكومة اسرائيل تطالب بترحيل الفلسطينيين الى الاردن من امثال وزير الخارجية ليبرمان".
ويستنتج ستيفان كل ذلك بقوله:" لوجود علاقة خاصة بين اسرائيل والمانيا ولربما يشعر جزء من الالمان بالذنب من جراء المحرقة واخرون يشعرون انهم يدفعون ثمن ما فعله هتلر في الحرب العالمية الثانية".
وبعكس الموقف في المانيا فان داخل فرنسا وحسب كليمانس هناك موقف للشعب الفرنسي يمكن ان يتم تصنيفه الى عدة مواقف فهناك متعاطفين كثر مع الشعب الفلسطيني، وهناك من لم يعرف عن القضية الفلسطينية وانما يحاول ان يعرف ويهتم بالحصول على معلومات اكيدة وصحيحية من الاعلام اذ يوجد انشطة مختلفة بهذا الاتجاه في الشارع الفرنسي.
التغيرات المذهلة على الارض ....
الزوجان كليمانتس وستيفن عادا الى فلسطين في اواخر عام 2011 ومعهما ابنهما نعيم وجاءا في زيارة استغرقت نحو الاسبوعين وزارا عدد من اصدقائهما في فلسطين وشاهدا التغيرات المذهلة التي حصلت منذ مغاردتهما هذه الاراضي في العام 2007، وقالت كليمانس انها شاهدت الجدار قد احكم قبضته في شمال الضفة ووسطها وحول القدس ايضا، ولكن الاخطر ما شاهدته من استيطان التهم الارض الفلسطينية بشكل رهيب فهناك تلال جبلية كانت تصعد عليها قبل خمس سنوات عادت اليوم لتشاهدها وقد جثمت عليها بؤر استيطانية اقتربت كثيرا من القرى والمواقع السكنية الفلسطينية بل اقترب بعضها الى حواف الشوارع الرئيسة كمستوطنة "افرات" وما جوارها اذ وصلت الى شارع القدس - الخليل بشكل ملحوظ، " وهنا تكمن مشكلتنا حينما نحاول ان نشرح عما يدور في الاراضي الفلسطينية لشعوبنا فان ذلك سيكون اكثر صعوبة مما قبل خاصة وان في الظاهر بعض المعطيات من بينها ان الفلسطينيين لهم سلطة وجيشا وشرطة ويتنقلون بين المدن بسهولة ويسر اكثر مما قبل وان الحواجز العسكرية قد خف ضغطها عما قبل عشر سنوات ولكن الحقيقة غير ذلك على الاطلاق ، انها اكثر تعقيدا وصعوبة بعد ان زحف الاستيطان في الضفة الغربية واكل الجدار مئات الاف الدونمات بهدوء لا يمكن وصفه ولذلك اضحت المهمة لنا اصعب كي نشرح لشعوبنا" حسب ما قالته كليمانس التي ذهلت حينما ذهبت مع زوجها وابنها الى البلدة القديمة من مدينة الخليل مع اثنين من اصدقائهما الفلسطينيين فحينما وصولوا حاجزا عسكريا يغلق مدخل شارع الشهداء التاريخي حيث كانوا ينوون التجول اليه فقال لهم الجندي ان الدخول مسموح لغير المسلمين، فالمسلم ممنوع دخوله الى شارع الشهداء ، وحينها استشاطت غضبا وقالت انها العنصرية بذاتها وان اسرائيل لا تمارس نظام الفصل فقط ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بل ايضا تمارس العنصرية ضد الفلسطينيين داخل اسرائيل فهم ليس بمقدورهم ان يشتروا منازل او استئجارها اينما يريدون، وليس بمقدورهم ان يلحقوا اطفالهم في مدارس ذات اغلبية اسرائيلية .
حادثة لا يمكن نسيانها ....
ويختتم ستيفن وزوجته كليمانس حديثهما بالتأكيد على انهما سوف يسردان قصة حبهما الى نجلهما نعيم وانجالهما المفترضين حيث ينويان انجاب عدد من الاطفال وسوف يقولان لهم انهما تعرفا على بعضهما البعض حينما كانا في بلد اسمها فلسطين تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي وانهما حبا بعضهما البعض بالتحديد عند مقطع الجدار الذي فصل ابو ديس عن محيطها في القدس العربية، حادثة لا يمكن نسيانها ورغم انها مناسبة سعيدة لهما ان تعرفا على بعضهما فانهما لا يمكن ان ينسيا ان المكان كان بغيضا للغاية فالجدار لا زال منصوبا ولا بد ان يزال مهما طال الانتظار.