إنه ياسر عرفات... حتى القدس
لا يمر يوم، ولا نظن أن يوما سيمر، دون أن نذكر ونتذكر ياسر عرفات، إنه الذي لا يغيب حقا، رغم اثني عشر عاما مرت على حادثة التراب المفجعة، لا بل إنه الذي لا يعرف ولن يعرف الغياب، لا لشدة رمزيته، ولا لترامي مساحته الفارهة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني المعاصر فحسب، وإنما أيضا لشدة حنوّه الإنساني الذي عرف عنه، الحنو الذي لا يزال يشع من ضريحه، مثلما تشع فكرة خلاقة بين سطور نص المعرفة.
واصطلاحا، ارتأينا أن يكون يوم رحيله الفيزياوي في كل عام يوما لإحياء ذكراه، لا لنقول للعالم أجمع إن ذاكرة الفلسطينيين هي ذاكرة الحياة المفعمة بالوفاء والمحبة لصناع تاريخها المشرق فقط، وإنما كذلك لكي نسجل ولأغراض التاريخ، حقيقة الموقف الوطني الفلسطيني، بوصفه ولي الدم الذي لا ينسى من أجل يوم يحق فيه الحق، ويحل فيه العدل مثلما ينبغي له أن يكون.
ونقول اصطلاحا ارتأينا أن يكون للزعيم الخالد يوم لاحتفال الذكرى في كل عام لأن ياسر عرفات حاضر كل يوم في أحاديثنا المختلفة، من أحاديث النضال والسياسة إلى أحاديث المعرفة والثقافة والقصيدة، وحتى أحاديث الشارع والحارات والبيوت في تعابيرها البسيطة، وما يؤكد ذلك أن اثني عشر عاما مرت على رحيله المر وكأنها لحظة قد مرت قبل قليل، لا بل إننا لا نصدق هذا الرحيل وهو الذي يطل علينا في كل كلمة ومناسبة.
هو ياسر عرفات الذي بملحمته النضالية قد هزم الموت تماما، بعد أن بات الموت حادثة عارضة في مسيرته الحرة، التي ما توقفت يوما، ولن تتوقف إلا عند بلوغها قمة الرضى، حيث فلسطين الدولة الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وستصل المسيرة هذه القمة؛ لأن شعب ياسر عرفات، هو شعب الإرادة الحرة، وشعب الصمود والثبات والأمل والمقاومة، شعب المشروع الوطني، مشروع الحرية والتحرر، ولأن قائدة هذا المشروع وحاميته حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بقائدها الرئيس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين، لا تعرف التردد ولا التراجع ولا المساومة ولا تقبل بغير النصر تاجا لمسيرة شعبها وتضحياته العظيمة.
سلاما أبا عمار... ومعا وسويا حتى القدس حتى القدس حتى القدس.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير