سقط الرهان عن دحلان والمطلوب الالتفاف حول القيادة الفلسطينية
عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب- ظاهرة دحلان ليست جديدة في الحياة الفلسطينية , وهي جزء من تأسيس الانقسامات أو مسمار جحا الذي ظل يدقه المتدخلون عبر تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال منذ قيام القضية الفلسطينية قبل أكثر من قرن.
"حصان طروادة " هذا ظل يأخذ اشكالا مختلفة كلها كانت تستهدف الإجماع الفلسطيني أو الأغلبية أو القرار الفلسطيني أو الشرعية الفلسطينية, فالتدخلات في الشأن الفلسطيني لم تنقطع وظل معظمها إضافات سلبية, فقد استعملت التدخلات دائما لإضعاف التوجهات الفلسطينية المستقلة أو القرارات ذات الطابع الكفاحي والنضالي وحتى السياسي الملتزم.
ظلت القوى الاستعمارية المتعاقبة ( بريطانيا قبل قيام إسرائيل ) والولايات المتحدة بعد قيامها, وأطراف من الأنظمة العربية الموالية بشكل مطلق للغرب, كما حدث من تدخلات عربية لفك الاضراب الكبير في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 والطلب من الفلسطينيين والضغط عليهم "بان يركنوا الى حسن النوايا الصديقة بريطانيا", وهي الصديقة التي أصبحت فيما بعد أميركا.
اما على المستويات المحلية فقد جرى منازعة التمثيل الفلسطيني المستقل لسنوات طوال وجرى وضع العصي في دولاب التمثيل لوقفه او التشكيك فيه او ادعاء التمثيل للحالة الفلسطينية وانتزاع وكالتها باعتبار ان ممثلها الحقيقي غائب, وباعتبار الشعب الفلسطيني انذاك كالأرض الفلسطينية التي اعتبرت ممتلكات غائبين قبل المصادرة, وفي هذا المجال ابتدعت الانظمة العربية في سنوات صعود الكفاح الفلسطيني بعد انطلاقة فتح عام 1965 وخاصة بعد هزيمة 1967 فصائل ومنظمات وميليشيات وهيئات ومجموعات تحت تسميات مختلفة, ومن كان يتأمل الخريطة السياسية الفلسطينية في اواخر السيتينيات وبداية السبعينيات, كان يجد كومة من الفصائل الفلسطينية المدموغة بأختام انظمة عربية, وقد ورثت تلك الفصائل والمجموعات صراعات تلك الانظمة مع بعضها وكيفية تدخلاتها, وتصفية حساباتها على حساب القضية الفلسطينية, واصبحت الولاءات منقسمة ومتباينة في تلك الفصائل التي غاب اكثرها الان, وصار على رئيس منظمة التحرير الفلسطينية زمن الرئيس عرفات ان يتعامل مع مجموعة ممثلة لأنظمة عربية او مدعومة منها, وظل التمثيل الفلسطيني مشوها او ناقصا او متأثرا بغياب الاستقلالية, وكان هذا التمثيل في فلسطين يجد مناكفة روابط القرى بداية حين لم تشأ إسرائيل أن تنشئ لها فصيلا في العمل الفلسطيني يحمل اسمها مباشرة.
لم يعش الفلسطينيون يوما بلا تدخل في شؤونهم حتى وهم يتجرعون اوسلو هروبا من الحصار العربي, ويعودون الى الوطن بموجبه, اذ كان من المفترض ان يتراجع التدخل وان يدعم النظام العربي خيار الفلسطينيين, ولكن ما لبث الفلسطينيون الذين قبلوا نتاج المطاردة السياسية والجغرافية لهم من اكثر من عاصمة, وخاصة بعد خروجهم من بيروت ورحيلهم البعيد عن حدود وطنهم الى تونس, ان وجدوا فصائل قد انشقت واتخذت من عواصم عربية متاريس لقذف قيادتهم وتخوينها والتشكيك فيها, وعدم السماح لها ان تتحرك بكامل طاقاتها, وقد كانت تلك المواقف اوراقا في يد انظمة عربية للضغط على القرار الفلسطيني.
في زمان قيادة عرفات حين عاد الى فلسطين خف التنازع مع القيادة الفلسطينية, في تمثيلها المقر من خلال منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد رغم الانشقاقات التي وقعت فيها اثناء خروجها من بيروت وبعد ذلك, والمتمثلة في مجموعات بقيت في دمشق, ومع ذلك ظلت القيادة الفلسطينية الشرعية تجد طريقها للحوار مع مختلف الفصائل, الى ان جاءت حماس ببرنامج اخر و رؤية اخرى تحت اسم المشاركة في النضال, ومتصادقة مع الرؤية الوطنية الفلسطينية في بعض جوانبها, ومع كل هذا ظل الفلسطينيون يجدون اسلوبا للشراكة جرى التعبير عنه بحكومات الوحدة الوطنية التي عرفتها السلطة الفلسطينية الى ان وقع الانقسام البغيض عام 2006.
لقد دفع الفلسطينيون لقبول كثير من القرارات بضغط النظام العربي واستعمل معهم اسلوب العصا والجزرة, فقبلوا قرار مجلس الامن (242) وقبلوا قرارات فاس, وفك الارتباط واوسلو, وضغط عليهم ان لا يواصلوا انتفاضاتهم في مجال الصراع النضالي, وان لا يذهبوا الى الامم المتحدة في مجال العمل السلمي حتى لا تغضب اسرائيل.
وحين لم يجد بعض النظام العربي الذي يتعاطى مع الغرب طريقة افعل للضغط على القيادة الفلسطينية , جرى ابتداع " ظاهرة دحلان " التي كانت تأخذ اشكالا من مخاضات عسيرة, فقد استطاعت اسرائيل بوسائل مباشرة وغير مباشرة ان تلوي يد الرئيس الراحل عرفات وان تحاصره وتسممه وان تستعمل ادوات فلسطينية للإطاحة به ثم قتله وبقية الخبر استكمل بعد تصريح الرئيس محمود عباس في ذكرى الـ (12) لرحيل الرئيس عرفات حين قال "انه يعرف القاتل لكن شهادته وحدها لا تكفي " وهذه مقدمة لمعرفة الحقيقة لاحقا .
التدخل الذي بدأ سافرا الان في الشأن الفلسطيني هو زراعة ظاهرة دحلان "حصان طروادة" الذي ارادوا من خلاله غزو القلعة وتشظي القيادة وابطال تمثيلها ومفعولها , وأرادوا ان يكون من داخل القلعة نفسها حتى اذا ما انكشف وهرب تبنوه واعادوا تأهيله ورغبوا في إعادة تصديره بشكل علني بعد ان مهدوا له طويلا.
وقصة دحلان ومحاولاته الانقلابية ليست جديدة, فالرجل بسبع ارواح كالقطط كما يقولون, وهناك من يراه طائر الفينيق الذي يبعث من الرماد.
لقد جرى امداده في الداخل بوسائل عديدة في مقدمتها اليمين الاسرائيلي المتمثل في ليبرمان الذي تعرف على الرجل وادرك ان له طموحا في القيادة ورغبة في الانقلاب, وكان شارون من قبل قد اطلع على النوايا وبارك اتجاهات الانقسام, وعبر عن رغبته في دعمها اثناء انسحابه الملغوم والاحادي من قطاع غزة .
"حصان طروادة" هذا تابعنا له قصة نحب في هذا المقام ان نرويها للتاريخ, فقد كنا من قبل لا نعرفه, الى ان دعينا قبيل ظهر يوم الثلاثاء الساعة الثانية عشر ونصف من يوم 24 / 8 / 2004 الى الطابق الثامن من فندق الانتركونتننتال " فندق الاردن في عمان " لمقابلة شخصية فلسطينية, قيل لنا انها هامة تريد ان تتحدث في موضوع هام, كنت يومها كاتب عمود يومي في جريدة الراي, وقد توجهنا للقاعة واكثرنا لا يعرف القادم او المتحدث, الى ان جاء بعد دقائق من تجمعنا وقد دخل مع احد الزملاء الذي جلس الى جانبه على الطاولة في حين اخذنا مقاعدنا قبالته وقد كان عددنا حوالي عشرة اشخاص من صحف ووسائل اعلام مختلفة, لا اذكر الان من بينهم الا الزميل الجالس الى جانب المتحدث "والذي لا اريد ان اذكر اسمه لأنني لم استأذنه بعد" , والزميل الجالس الى جانبي وهو شاكر الجوهري "وقد استأذنته".
زميلنا الذي دخل مع الدحلان قدمه تقدمة جعلته في مصافي القيادات الهامة رابطا اسمة بالانتفاضة الاولى وبقيادة كفاح الشعب الفلسطيني, وقد سمى لنا اسمه بانه محمد دحلان رابطا الاسم بموقع امني انه مسؤول عن الامن الوقائي في قطاع غزة, الى هنا كنا ننتظر, وقد بدا الضيف الكلام مشككا في القيادة الفلسطينية آنذاك قيادة الرئيس عرفات, ومعتبرا انها ادخلت الشعب الفلسطيني في الحائط, وانه حان الوقت للتخلص منها والانقضاض عليها, كنا نسمع كلاما غريبا جديدا عجيبا ومغامرا لدرجة ان احدنا سال ان كان المتحدث من قيادات فتح فجرى اجابته بنعم, وحينها لم يحتمل الزميل شاكر الجوهري المداخلة الثانية من المتحدث, حين قال الدحلان ان لديه ثلاثين الف مقاتل مسلح, وانهم ينتظرون اشارته للإطاحة بالرئيس ياسر عرفات قبل نهاية الشهر, فوقف شاكر وقال يعني بعد اسبوع مافيش عرفات ؟؟ و ألحق ذلك بقهيقه وقال: هل ستطيح به انت؟؟ ومن هنا؟؟ هل تعتقد اننا الى هذه الدرجة من الجهل والغباء لنصدقك!! اسمح لي ان اقول لك ان عرفات لا يطاح به بهذا الشكل, اسمح لي, دحلان لم يعجبه الموقف من الصحفيين الجالسين, وأضاف سترون ماذا سأفعل ونظر الى زميلنا الجالس الى جانبه وقال: نحن على موعد وأنا ذاهب .. ثم انسحب ليقول زميلنا الذي يرافقه ان لديه موعد مع شخصية امنية هامة على الغذاء .. وغادر وعدنا ولم نكتب شيئا لأن ما سمعناه لا يصدق ولم يأخذ أحد منا تصريحاته على محمل الجد وانتظرنا..
وكانت مثل هذه المعلومات قد ورطت اطرافا اردنية أخذتها على محمل الجد وقد دفع ثمنها وزير الخارجية آنذاك الذي تحدث بأسلوب موضوعي واعتذاري عن مواقف وتصريحات اردنية صدقت ما قاله دحلان وبنت عليه.. كانت الظروف غاية في التعقيد وكانت العلاقات مع القيادة الفلسطينية متوترة إثر تصريحات شارون المتعلقة بالانسحاب من غزة من طرف واحد وقد كان الاردن يطرح خارطة للطريق ويدعو للاخذ بها قبل فوات الاوان..
كان شارون ومع اطراف تتحرك باتجاه الضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بالتصورات الاسرائيلية وخاصة بقبول الانسحاب من غزة فقط.. ولما لم تنجح هذه الضغوط وفشل انقلاب دحلان المزمع والذي جاء يعلن عنه والذي كانت وراءه دوائر اسرائيلية .
ما لبثت الاوضاع ان توترت في القطاع وبدأ الاحتقان. وجرى التخلص من عرفات في 11/11/2004 اي بعد نية دحلان الانقلاب عليه بأقل من ثلاثة اشهر لترفع اسرائيل بقتله عقبة كأداء.. وفي غزة ظلت المحاولات قائمة ليقوم الانقسام بدل الانقلاب ويخرج دحلان الذي اشارت المصادر العديدة انه كان بمواقفه وممارساته داخل القطاع, سببا من اسباب الانقسام وانه لم يعمل لمنعه بل ترك تنظيمه وهرب فكانت الواقعة الاخرى حين اعادت الوقائع نفسها واذا بالقيادة الامنية التي كان يقودها دحلان في غزة تخلي مواقعها للانقسام عام 2006 والذي جرى تبريره بعوامل واسباب عديدة منها الانتخابات..
وتمر السنوات ويبقى دحلان في القيادة الفلسطينية عضوا في اللجنة المركزية لفتح التي ضاقت به وبسياساته ونزوعه ونزواته ذرعا كبيرا, ورأت حماس انه سبب لما وقع في قطاع غزة وظل بعيدا عن المحاسبة من قيادته قيادة فتح الى عام 2010, حيث جرت محاكمة له في اللجنة المركزية لفتح وتم طرده بموافقات عربية حيث اطلعت قيادات عربية على الصراع الذي احدثه دحلان في قيادة فتح والسلطة مما ادى الى طرده وقد رأت تلك القيادات ان طرده مسألة داخلية فلسطينية ولم تبد اعتراضا بل انها وافقت حين وضعت في الصورة..
ويخرج دحلان او يهرب لتستقبله احدى العواصم العربية, ويأخذ فيها لفترة شكل البيات الشتوي ثم يعود للتحرك كلما ارادت اسرائيل من الادارة الاميركية ان تمارس ضغطا على النظام العربي ليشكل ضغطا على القيادة الفلسطينية.. ويجري احياء دور دحلان وينفخ في الرماد ليبعث من الجمر ويكون المطلب هذه المرة اعادة دحلان الى القيادة الفلسطينية .. الى موقعه في اللجنة المركزية والمطالبة بالتراجع عن قرار فصله. وتتدخل اطراف عربية وتصبح مهمة الرباعية العربية ليس المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح او بين السلطة الوطنية الفلسطينية وفتح وانما اعادة دحلان للجنة المركزية واعادة زراعته في القيادة الفلسطينية.
ويأخذ شكل حوار اللجنة الرباعية مع القيادة الفلسطينية شكل الحوار الامني وليس السياسي وتتولى اجهزة امنية من خلال مندوبيها الحوار وتتشدد الرباعية.. ويصمد عباس الذي اعاد كثير من القيادات المفصولة او المعلقة او التي خرجت لأسباب اخرى ويرفض عودة دحلان لأنه يدرك انه واجهة لسياسات اخرى، وانه " حصان طروادة" لمرحلة تعتقد اطراف دولية وعربية انه حان تجاوزها على حساب قضية الشعب الفلسطيني وقيادته.. وتتواصل الضغوط ابتداء من الضغط على الرئيس ابو مازن ان لا يذهب الى الامم المتحدة عشية تصويتها على قبول فلسطين مراقبا او ان لا يذهب بالشكوى الى منظمات دولية معينة او ان يعود للجلوس على طاولة مفاوضات خالية من اي موقف يمكن الفلسطينيين من تحقيق اي من اهدافهم وان يكون التفاوض لمجرد التفاوض لإنقاذ صورة اسرائيل امام العالم واظهارها كما لو انها تريد السلام.
يصمد ابو مازن ويبق البحصة ويؤكد موقفه ويهدد كل من يحاول المساس بالقرار الفلسطيني المستقل او تجاوز الشرعية , ويجري حوارات متصلة داخل فتح وفي اطارات فلسطينية اخرى ومن بينها لقاءه الذي لم يثمر في رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل في الدوحة نهاية شهر اكتوبر 31 / 10 / 2016 ويحاول دحلان ان يقدم نفسه كتيار وليس كفرد و واجهة يختار لها الشخصية الوطنية ناصر القدوة" ابن اخت الرئيس عرفات" ويرشحه من جانبه ليكون بديلا لأبو مازن ولكن ناصر سرعان ما يكتشف اللعبة ويوقف دوره فيها وحتى اولئك الذين حاول دحلان اقناعهم بوجهة نظره لم يستمروا في الذهاب معه بعيدا ورغم ذلك كانت الضغوط الاميركية على انظمة عربية بعينها للضغط على القيادة الفلسطينية لإعادة دحلان وقد وصلت اوجها الى حد مطالبة دولة خليجية من احدى هذه الدول باعتقال عباس ومنع حركته او استقباله .. وتورطت دول عربية اخرى تتلقى المساعدات من هذه الدولة الخليجية وظلت اطراف الرباعية العربية تمارس ضغوط على القيادة الفلسطينية بما فيها مصر, وظل موقف الرئيس عباس صلبا وموقف الرباعية كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها و اوهي قرنة الوعل .
وأمام هذا التحدي نشطت القيادة الفلسطينية في الاتصالات واعلان صمودها واصرارها وفضح التدخلات والتأكيد على عدم السماح لأي طرف ان يتدخل في شؤونها وانها ستدفع بكل امكانياتها في هذا الطريق مستعينة بشعبها وباطراف عربية متفهمة وباصدقاء من دول العالم وفي هذا الاطار اعلنت الولايات المتحدة عبر قنوات دبلوماسية شهر أكتوبر 2016 انها غير معنية بدحلان وانها لن تضغط لصالحه وتبعتها اطراف اخرى حين قام الرئيس عباس بزيارة الى تركيا والى قطر وحتى الاردن , التقى جلالة الملك الرئيس عباس على مأدبة غذاء بحضور ولي العهد مؤكدا له دعم الاردن للقيادة الشرعية الفلسطينية وعدم التدخل في شؤونها والتأكيد لها على مواقفه الثابتة .. كما ان الموقف المصري أخذ في التغير اخيرا وبقي دحلان يتمتع بموقف دولة عربية واحدة ما زالت توفر له الاقامة رغم ما جرى تناقله من ما ترتب على مواقفها منه من اعباء حمّلها لها سواء في علاقاتها مع تركيا حيث اتهمت تركيا هذه الدولة العربية انها تتدخل في شؤونها وانها دعمت الانقلاب الذي وقع على الرئيس اردوغان
ويظل السؤال ما هو الثمن الذي تلقته هذه الدولة العربية للاحتفاظ بدحلان ؟ وماذا يعني دحلان في شبكة العلاقات الدولية او العربية؟ ومن اين يأتي ثقله ؟ ولماذا تفصل هذه الدولة خسارة علاقتها مع الشعب الفلسطيني وقيادته مقابل مواقف غير مفهومة؟
اليوم تعود القيادة الفلسطينية وقد انحسر شبح دحلان عن المشهد الفلسطيني مكتفيا بأن يثير بعض الاضطرابات في بعض المخيمات الفلسطينية في الداخل المحتل وان يسير مسيرات بالمئات فقط لصالح مواقفه وان يجري اتصالات بصحفيين وكتاب ونواب اردنيين لم يحالفهم الحظ في النجاح يعدهم بالدعم والاسناد ويعدونه بالتأييد والترويج.
ينحسر تأثير دحلان وينقلب السحر على الساحر فقد تخلت عنه اطراف في الرباعية العربية وتنصلت منه الادارة الامريكية التي كان يدعي دعمها ولم يعد مقبوضا في الاردن عشية اجراء فتح لانتخاباتها نهاية هذا الشهر في مبنى المقاطعة في رام الله ويصر الرئيس عباس على عدم عودة دحلان الى اللجنة المركزية وهو فوق التراب بمعرفته ماذا يعني هذا من تدخلات في الشأن الفلسطيني وتلتف اطراف عديدة من القيادة الفلسطينية مجددا حول ابو مازن والشعب الفلسطيني عن تمسكه بخط عباس من خلال الزيارات المكثفة للمقاطعة وزيارة ضريح عرفات..
دحلان اليوم يفتقد لقاعدة فلسطينية وحتى خصوم عباس في حماس لا يرونه بديلا ولا يشترون بضاعته وهم من جربوه وعرفوه وادركوا خطورته لأعلى قيادة فتح والسلطة وانما عليهم وعلى الشعب الفلسطيني, ومع قدوم ادارة امريكية جديدة هي قيادة يمينية اكثر تأييدا لاسرائيل واقل خبرة ومعرفة بالمنطقة فإن السؤال الذي يطرح.. هل يساهم قدوم ترامب في تجسير الفجوة ما بين فتح وحماس ؟ وما بين عباس ومشعل باعتبار الادارة الامريكية اصبحت مكشوفة وان الاستهداف الان للجميع على قدم المساواة باعتبارهم جميعا فلسطينيين يريد ترامب تصفية قضيتهم.
الوقت المتبقي الضيق لا بد ان تلتقطه القيادة الفلسطينية وان تلتقطه قيادة حماس ممثلة في رئيس المكتب السياسي للحركة وهو شخصية قادرة على الالتقاط ولا بد من الاسراع في التنسيق واختبار الطريق المنقذ والمنجي لهذا الشعب الذي لا بد ان يبقى على صلة بقضيته وان تبقى قضيته حية فقد انتهى زمن تعدد الخيارات واظهار كما لو كان الموقف الامريكي مختلف عن الاسرائيلي , او كما لو ان اسرائيل ما زالت تريد السلام.
الان حسم الامر ويكون من حسن الطالع ان مؤتمر فتح يقترب وان استحقاقات اخذ قرارات واضحة بدا ملحا وان جرد حسابهم لا بد ان يقدم وان يعيد الشعب الفلسطيني قدراته في انتاج نفسه متماسكا ملتفا حول قيادته عصيا على التدخل في شؤونه , ثمة محطة امام القيادة الفلسطينية الان وهي محطة اجتماع فتح لمواجهة التحديات القائمة ووضع الخطط البديلة وسد الثغرات التي يمكن ان ينفذ منها اعداء الحركة واعداء الشعب الفلسطيني سواء كانوا من داخله او خارجة, فهذا الشعب الذي جرب لا يعدم القدرة على مواصلة كفاحه وعلى الصمود وعلى دعم قيادته والاعداد للمستقبل والاجابة على كل الاسئلة المطروحة بما فيها ماذا بعد الرئيس عباس !! .
لقد سقطت ورقة دحلان وتجاوزته المرحلة وعلى الأطراف الفلسطينية كلها الآن أن ترص صفوفها فالقادم أعظم وأخطر والمهمة الأولى هي إنقاذ الشعب الفلسطيني وقضيته من الضياع الذي سيصبح استمرار الانقسام فيه عود الثقاب الذي سيشعله إسرائيل فورا بتأييد من الرئيس الأميركي الجديد فهل ننتبه؟