عن "قمر 14".. وحلم العودة
زهران معالي
"مثل قمر 14" إحدى العبارات في القاموس الشعبي الفلسطيني التي اعتدنا على سماعها منذ الصغر؛ لوصف الجمال الناصع المشرق، إلا أنه لأول مرة منذ النكبة عام 1948 يكون هذا القمر في مرمى العين.
ففي 26 يناير/ كانون ثاني عام 1948، أنار القمر العملاق أو ما يعرف بـ""supermoon، بقاع الأرض بنوره الساطع تزامنا مع نكبة الشعب الفلسطيني. مساء أمس وبعد 68 عاما من تلك الظاهرة، انشغل العالم بعودة القمر العملاق من جديد وتسابق المصورون في بقاع الأرض لالتقاط أجمل صوره، حيث بدى القمر أكبر من حجمه الطبيعي بنسية 14% وأكثر وضوحا ولمعانا بنسبة 30% من القمر وقت اكتماله.
صادف أن يكون القمر العملاق في 14 صفر من التاريخ الهجري، و14 نوفمبر من التاريخ الميلادي، محققا صدق الرواية الفلسطينية "قمر 14".
عرف القمر العملاق أيضًا بـ"قمر القندس"، لأنه يحدث في وقت من السنة (في نصف الكرة الشمالي) ينصب فيه الصيادون مصائدهم قبل أن يتجمد سطح الماء، ليضمنوا حصولهم على ما يكفي من الفرو الدافئ لفصل الشتاء عبر صيد القندس، كما عرف عند الهنود الحمر بقمر "فرويست"، وتعني قمر الغابة؛ لأنه يغطي الغابة بضوئه الشديد تلك الليلة.
إلا أن تلك الآمال التي حققها القدماء من القمر العملاق، لم تحقق حلم ملايين الفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم التي هجروا منها أول مرة منذ أن أنار الأرض بنوره قبل 68 عاما، وبينها الأراضي التي احتلت عام 1948، فعاد اليوم ولمع فوق سواحل يافا وعكا وحيفا والقرى المهجرة، دون أن يتحقق حلم العودة.
مصورون فلسطينيون انتشروا مساء أمس في بقاع مدن فلسطين التاريخية لتوثيق عودة القمر العملاق لينير بقاع أرض المهجرين، فالتقطوا أبهى الصور لمدن الداخل الفلسطيني والضفة الغربية وقطاع غزة.
زميلنا المصور في وكالة "وفا" أيمن نوباني، أمضى الليلة الماضية متنقلا بين جبال نابلس ومساجدها وكنائسها وأماكنها التاريخية، حيث التقط أبهى الصور التي جمعت الصليب والهلال مع "قمر 14".
النوباني واحد من مئات المصورين الفلسطينيين الذين رصدوا تلك الظاهرة الفلكية، الذين أعاقت تقلبات الطقس وتراكم الغيوم عملهم.
ممثل كرسي اليونسكو لعلوم الفضاء والفلك في الضفة الغربية المهندس دواد طروة، تحدث لـ"وفا"، عن أن مجموعة من 70 مصورا فلكيا انتشروا بكل مدن فلسطين التاريخية والتقطوا مجموعة من الصور للزائر العملاق، رغم تراكم الغيوم.
وتابع: بأنه تم إلغاء إقامة مخيم فلكي يشارك فيه 200 مصور وهاوٍ بالقرب من البحر الميت، بسبب ظروف الطقس، وتراكم الغيوم الذي حال دون إظهار القمر بالشكل المطلوب.
وأضاف أن ظاهرة القمر العملاق تحدث كل 413 يوما، إلا أن ما يميز القمر اليوم بأنه الأقرب للكرة الأرضية حيث بلغت المسافة بينهما 356509 كيلومتر، ولم يصل القمر لتلك المسافة منذ 1948.
وقال طروة: إن القمر لن يعود لهذا القرب من الأرض إلا في 25-11-2034، الأمر الذي أدى لزيادة الاهتمام العالمي بتلك الظاهرة أكثر من الفترات السابقة.
وأشار إلى أن القمر كان في أقرب نقطة للأرض في الساعة 1.21 ظهر الاثنين، وكان أكثر وضوحا بين الساعة الخامسة والسادسة مساء، إلا أن تواجد الغيوم أعاق ظهوره بالشكل المطلوب.
وتحدث طروة عن سبب ظاهرة القمر العملاق أن القمر أثناء دورانه حول الكرة الأرضية يتحرك بمدار بيضاوي وبالتالي يقترب ويبتعد منها أثناء دورانه حولها، مما يؤدي لحدوث هذه الظاهرة.
وأشار طروة الإعلام العالمي وبينه الفلسطيني تناول الموضوع بشكل مضخم، فالظواهر الفلكية يجب نشر تفاصيلها بعيدا عن التضخيم، وهي جميلة عبر متابعتها بالعين المجردة والتلسكوب، مشيرا إلى أنها تحتاج لبعض الخبرة.
وحول تسمية القمر العملاق، أوضح أن مصطلح "القمر العملاق" أطلقته وسائل الإعلام عندما كان القمر العملاق في 19/3/ 2011، إلا أن الاسم العلمي لتلك الظاهرة هو "بدر الحضيض" أي أقرب نقطة، في حين تسمى أبعد مسافة بين القمر والأرض "بدر الأوج".
وأشار إلى أن ظاهرة المد البحري ستتأثر قليلاً بقرب القمر من الأرض، ليكون المد أقوى من المعتاد يشعر به سكان المناطق الساحلية؛ إلا أنه لا يؤدي لكوارث طبيعية أو فيضانات.