عهد الاستقلال
لم تكن لحظة اعلان وثيقة الاستقلال عام ثمانية وثمانين من القرن الماضي في دورة المجلس الوطني الفلسطيني، التاسعة عشرة في الجزائر العاصمة ، لحظة عاطفية اطلقت دموع الفرح وزغاريد القلوب الفلسطينية التواقة للحرية فقط، وانما كانت في الاساس لحظة دخول التاريخ من اوسع بوابات الواقع الى عهد دولة فلسطين الذي راح ومنذ تلك اللحظة يمضي في دروب اكتماله خطوة اثر خطوة، بحراك سياسي نضالي لافت، في مختلف الساحات والمحافل، حتى جلس اخيرا على مقعد الدولة في الامم المتحدة وإن كان بصفة العضو المراقب، لكن بواقع الدولة التي لها هذا الوزن الاخلاقي والسياسي المؤثر، والذي يفوق وزن بعض دول العضوية الكاملة .
وبقدر ما كانت وثيقة الاستقلال التي صاغها شاعر فلسطين الاكبر محمود درويش فارهة البلاغة الحضارية والانسانية، بجماليات العبارة وصدقها، بقدر ما كانت شديدة اليقين، وعميقة الايمان بحتمية تجسدها على ارض الرسالات التاريخية، ارض فلسطين، دولة حرة مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، بفعل ارادة شعبها وقائدة نضاله الوطني في منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد .
ولا شيء اليوم بوسعه ان يمنع وثيقة الاستقلال من التجسد التام، وقد انتجت اول ما نتجت السلطة الوطنية، التي عملت منذ انشائها على بناء مؤسسات الدولة تباعا، وما زالت تسعى في هذه الطريق، وتشق المزيد من مسالكها، في الوقت الذي باتت فيه دولة فلسطين، وقد تزايدت الاعترافات الدولية بها، تطرق ابواب الهيئات الدولية جميعها للحصول على عضويتها الفاعلة .
ثمانية وعشرون عاما مرت على اعلان وثيقة الاستقلال وفي حسابات التاريخ هي لحظات لبناء تاريخي ما زالت تتجلى وعلى نحو لايمكن تجاهله ولايمكن وقفه ولا بأي حال من الاحوال، وثمانية وعشرون، عاما ومازال صوت ياسر عرفات الذي اطلق الاعلان وزغاريده معا، يدوي في الذاكرة والواقع .. فسلاما ياسر عرفات في هذه الذكرى المجيدة، سلاما شهداء فلسطين البررة، سلاما جرحاها واسراها الابطال سلاما عهد الدولة ... سلاما عهد الاستقلال .
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير