"فتح" التي نعرف
لم تكن مجرد خمسة ايام فتحاوية، وإنما كانت في الأساس خمسة ايام فلسطينية كبرى توهجت بروحها الوطنية "على مشارف القدس العاصمة، وبجوار ضريح الزعيم الخالد الشهيد ياسر عرفات، وفي مقر الرئاسة الذي تكرس قلعة للصمود والتحدي". خمسة ايام ترامت على الزمن الراهن كله، بنقاشات المسؤولية والعمل، فتفتحت فيها المزيد من وردات الأمل والتطلع، وتنورت فيها القلوب بمزيد من الايمان اننا قادرون دائما على تحقيق الانجاز التاريخي، في تمام وقته ومكانه وضرورته.
خمسة ايام تمددت على مدار الساعة، لأجل صناعة التاريخ، ابتدأت بإعادة انتخاب الاخ ابو مازن رئيسا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بديمقراطية الاجماع الواعي والمسؤول والمحب، والواثق بحكمة القائد، وصواب رؤيته وسياساته، وصلابة مواقفه، وثباته على المبادئ، ودحرا لكل اقاويل الضغينة، وفبركات "الخوارج" المدفوعة الأجر، تأكيدا على وحدة "فتح" وتجسيدا لعافية تماسكها.
خمسة ايام ابتدأت ايضا بترديد كلمات ياسر عرفات ذاتها: العهد هو العهد والقسم هو القسم، معا وسويا، حتى القدس، حتى القدس، حتى القدس، وانتهت ببرامج العمل التي ستواصل تجسيد هذه الكلمات بمعانيها الواقعية على ارض الواقع.
وخمسة ايام ضد الانقسام البغيض، والاصرار على تحقيق المصالحة الوطنية بعيدا عن خيارات الاقتتال القبيحة ومن اي نوع كان، ومن اجل ان يستعيد ابناء شعبنا في قطاع غزة عافية حياتهم اليومية، وحتى نستكمل اعادة اعمار ما دمره الاحتلال الاسرائيلي في حروبه العدوانية الثلاث على القطاع المحاصر.
ومثلما هي دائما، وكما نعرفها ويعرفها الفلسطينيون والعالم اجمع، استجابت "فتح" منذ البداية للتحديات الجسيمة، وذهبت الى ايام فلسطين الخمسة في مؤتمرها السابع لتؤكد: لا تردد ولا تراجع، ولا مساومة، وقدما على طريق المقاومة المشروعة، ستبقى "فتح" هي الغلابة لتمضي بمسيرة الحرية الى سدرة المنتهى الفلسطينية، حيث الاستقلال والعودة والسيادة الوطنية، وحيث العمل في برامج تفصيلية، وفي كل اتجاه وعلى كل صعيد، لبناء كافة مقومات الدولة بالحكم الرشيد لتكريس حياة العدل والديمقراطية والكرامة الاجتماعية لابناء شعبها.
استجابت فتح للتحديات بأصالة ومصداقية انطلاقتها الاولى، لتجدد قوة هذه الانطلاقة على قاعدة ثوابتها المبدئية فقالت وستظل تقول: لا احد بوسعه ان يملي عليها ما لا يخدم قضية شعبها ومشروعه الوطني، وقالت: القرار الوطني المستقل قرارها، وامة العرب امتها، عمقها الذي تحتمي به لأجل انتصار شعبها، الانتصار الذي يشكل ضمانة اكيدة لمستقبل زاهر لدول الامة وشعوبها، وبنقاش الفكرة النهضوية، وبالتطلع الفتحاوي المحمول على التضحيات العظيمة، قدمت "فتح" اجوبتها على كامل اسئلة المصير والمستقبل، هنا باقون بالصمود والعمل بروح الابداع والمثابرة، وفي كل ساحات البناء والمواجهة والاشتباك، لنتقدم خطوة اثر خطوة على طريق دحر الاحتلال البغيض، وحجرا فوق حجر على طريق البناء والتعمير، وخمسة ايام ابهرت العالم اجمع، بدقة التنظيم، وبراعة الترتيب، وحسن وتكامل الخدمات اللوجستية، ونزاهة الاعلان، وشفافية الاجراءات الديمقراطية في الترشح والانتخاب والفرز، خمسة ايام من مؤتمر قال الكثيرون ان دولا عظمى لم تكن لتستطيع انجازه على هذا النحو الخلاق، وبمثل هذه الصورة الحضارية، وهنا لا بد من رفع ارفع التحيات واصدقها للطاقم الاداري الذي حقق ذلك، لمجموعة "السكرتاريا" كوادر من طراز خاص، شبانا وشابات لم ينل التعب من همتهم ومعنوياتهم شيئا، فلهم من "فتح" كل المحبة والتقدير.
خمسة ايام تجلت فيها "فتح" التي نعرف، "فتح" مفجرة الثورة، صاحبة الرصاصة والحجر والسياسة معا، "فتح" الخلاقة والولادة، "فتح" المواجهة والتحديات "فتح" الواحدة الموحدة فتح الطريق النيرة والمعرفة والثقافة "فتح" الثورة حتى الانتصار والاستقلال الوطني والسيادة الوطنية.. نعم انها فتح التي تعرف ويعرف التاريخ الذي سيظل يدون سيرتها الحافلة باقتحام الصعب، وجعل المستحيل ممكنا، هكذا هي، وهذا هو طبعها وطبيعتها حتى النصر.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير