قليل من التمهل... قليل من الواقعية
لو يتفحص الرفاق في الجبهة الشعبية، بهدوء و بعيدا عن النظرية، وبقليل من الواقعية النضالية، أحاديث وحوارات اللقاءات مع مختلف أطياف المجتمع الإسرائيلي السياسية، التي تواصلها لجنة التواصل المُشكَّلة بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، سيكتشفون دونما شك أنها أحاديث وحوارات صراع المفاهيم والقيم والإرادات، وأنها المحاولة الوطنية الأكثر تحضرا وحنكة، لقهر إرادة الاحتلال والعنصرية، إرادة العنف والإرهاب، بكل قيمها ومفاهيمها، لصالح مفاهيم وقيم الحق والعدل والسلام الفلسطينية بامتياز، وتاليا فإن المسألة بمجملها لا علاقة لها بالتطبيع (..!!) كما تتسرع بيانات الجبهة الشعبية بتوصيفها.
لو يقرأ الرفاق في الجبهة الشعبية حقا، ما يدور من أحاديث وحوارات في هذه اللقاءات خاصة التي يستقبلها الرئيس ابو مازن في مقر الرئاسة برام الله، حيث يشدد الرئيس على التمسك الوطني الفلسطيني بثوابته التي لا تقبل التغيير، وبمشروعه التحرري الذي لا يقبل المساومة، مشروع دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وبحل عادل لقضية اللاجئين على أساس القرار الأممي 194، وكما ورد في مبادرة السلام العربية، وبالتاكيد على حقيقة السلام كضرورة حياة آمنة ومستقرة، في إطار حل الدولتين الذي ما زال ممكنا، رغم أنه يواجه اليوم كما أوضح الرئيس أبو مازن، خطر التدمير بسبب مواصلة الحكومة الإسرائيلية سياستها الاستيطانية، التي يكاد العالم بأسره يجمع اليوم على إدانتها، لو يقرأ الرفاق في الجبهة الشعبية حقا، حوارات هذه اللقاءات واحديثها لما تسرعوا بإطلاق التهم ذاتها التي ما زالت تصدر عن تحليقات الخطاب الثورجي الذي لا يعرف دروبا للعمل غير القول، وكيفما تشتهي النظرية لا الواقع...!!!
كلام الرئيس أبو مازن مع الوفود الإسرائيلية وغيرها، هو كلام الموقف الوطني ذاته، وبقدر ما هو معلن وواضح، بقدر ما هو فاعل ومؤثر وحاسم، وصراع الإرادات، صراع القيم والمفاهيم، لا يقبل المساومة، وأبعد ما يكون عن التطبيع الذي تريده الجبهة الشعبية دائما، كمثل مسمار جحا في خطابها الاحتجاجي...!!!
قليل من التفحص أيها الرفاق، قليل من التمهل والواقعية، وإنه لمن المؤلم حقا أن وزير الجيش الإسرائيلي "افيغدور ليبرمان" قد سبق إلى هذه الواقعية فقرر حظر نشاطات رئيس لجنة التواصل "محمد المدني" بين أوساط المجتمع الإسرائيلي..!! إنها حقا لمفارقة مؤلمة.. ولا تعليق.
كلمة الحياة الجديدة -رئيس التحرير