في مكتبة رامي طويل
يامن النوباني
تستضيف "وفا" في حوارها الثقافي "في مكتبة.." مثقفين عرب ليتحدثوا عن نشأة مكتباتهم وعلاقتهم بالكتاب، أسرار القراءة لديهم وأذواقهم في انتقاء ما يقرأون، عن مكتبات أصدقائهم والشكل الذي يحلمون به لمكتباتهم، عن الكتاب كيف جاء وماذا فعل.
رامي طويل، قاص وروائي وسيناريست سوري. له في القصّة مجموعة "الخاتم". صدرت له عن دار الساقي رواية "رقصة الظلّ الأخيرة".
وكان لنا معه الحوار التالي:
ماذا تعني لك مكتبتك؟
هي بشكل ما بمثابة تجسيد مادي جزئي لبعض ما هو موجود في رأسي. بمعنى أنها تضمّ الكثير ممّا أفكّر به، وبالتالي هي ركن يشبهني بطريقة ما.
كيف بدأت مكتبتك؟
الحكاية قديمة وتعود إلى الكتب الأولى التي اقتنيتها طفلا، والتي كان أوّل خروج فيها عن عالم قصص الأطفال هو رواية البؤساء لفيكتور هوغو، وآنذاك، أي في حوالي العاشرة من العمر، لم أكن أملك ثمن الرواية فقايضتها مع أحد زملاء المدرسة مقابل عشرين لغزا من السلسلة البوليسية للأولاد "المغامرون الخمسة" التي كانت بمثابة قراءاتنا الأولى، والتي بلغنا في متابعتها حدّ الإدمان. الطريف في الأمر أنّ زميل المدرسة قام بسرقة "البؤساء" من مكتبة شقيقه الشاب لمقايضتها بألغاز المغامرين الخمسة. بعد ذلك بات اقتناء الكتب شغفا بالنسبة لي.
كم تحوي مكتبتك من الكتب؟
لا أستطيع اليوم أن أحصي رقما لما أمتلكه من الكتب، وإذا ما أضفت إليها المكتبة الالكترونية الضخمة، التي أمضيت سنوات في جمعها، سيغدو الرقم خياليا، وأحتاج ربما خمس حيوات أو أكثر متفرغا للقراءة لأتمكن من الإلمام بها. في السابق كنت أنجح بنقل الكتب معي في كلّ مرّة أبدّل فيها مكان سكني، لكن الأمر اختلف منذ حوالي عشر سنوات، وباتت الكتب، كما الذكريات، تتوزع في أكثر من مكان، ومن هنا كانت فكرة المكتبة الالكترونية كعزاء عن كتب قرأتها وليست حاضرة الآن.
هل تضع كتبا على رفوف عالية، لا تريد لأحد أن يلمسها؟
الرفوف المرتفعة عادة أخصصها للكتب التي لا أنوي أنا أن ألمسها، وكذلك الرفوف السفلى، التي أرتب فيها كتبا لا أرى أنها تستحق عناء الانحناء لالتقاطها، وهذه الكتب غالبا ما تصلني بالصدفة. بمتناول يدي دائما تكون الكتب التي أحب، والتي أجد فيها قيمة كبرى وأرتاح لأن تكون قريبة من أيدي كل الأصدقاء المحبين للقراءة.
حسب امبرتو ايكو، يجب أن تحمل المكتبة صفات اللامتوقع, والمصادفة، هل تحمل مكتبتك ذلك؟
بدون شك. في مكتبتي على سبيل المثال كمّ من الأطالس الجغرافية وكتب العلوم المختلفة وبعضها كتب تخصصية ولكن استمتع بتصفحها بين حين وآخر.
كيف هي علاقتك في إهداء الكتاب، هل تتلقى كتبا في مناسباتك الشخصية، وهل تهديها في مناسبات أصدقاءك؟
في بداياتنا أذكر أن الكتاب كان الهدية الأثمن التي نتبادلها في المناسبات. اختلف الأمر اليوم، إلا باستثناءات طفيفة. أحبّ أن أقدّم الكتاب كهدية للأصدقاء، ولكن أفضّل أن يكون ذلك دون أن أضطر لكتابة إهداء على صفحته الأولى.
هل تفضل أن يمكث أحد في مكتبتك، أم أنك تتحاشى تعلق أحد فيها؟
يسعدني أن أرى صديقا يقلّب كتبي ويتصفحها. هو أمر حميم، يشبه اطلاع صديق على شيء من كوامنك.
هل تحلم بكتب غير التي تمتلكها؟ ما العائق؟
كلنا نشعر بالعجز إذا ما فكرنا بكمّ الكتب الهائل التي طبعتها البشرية، فكل قارئ تراوده في لحظات ما الرغبة بالمستحيل، الذي هو اقتناء كلّ تلك الكتب. بالنسبة لي لم يعد الأمر بمثل تلك الطفولية، أحب رؤية الكتب في كلّ مكان أذهب إليه، ولا أفكّر مطلقا في أنها يجب أن تكون في مكتبتي الخاصة.
كتاب –أو أكثر- حميمي جدا تحتفظ به في مكتبتك؟
العناوين كثيرة، فكل كتاب قرأته وأحببته هو كتاب حميمي.
قصة طريفة حدثت معك لها علاقة بكتاب؟ سواء أكان لك أو لسواك؟
في السابعة عشرة من عمري، أي في مطلع التسعينيات، كنت مأخوذا بقصائد الشاعر السوري الراحل رياض صالح الحسين، ولم تكن مجموعاته الأربع المطبوعة متوافرة في السوق، فقمت باستعارتها من بعض الأصدقاء، وبما أني لم أكن أملك المال الكافي لتصويرها، أعدت نسخها بخط اليد في دفتر كبير كتبت على صفحته الأولى "الأعمال الكاملة لرياض صالح الحسين" وصار ذلك الدفتر بمثابة كتاب يستعيره الأصدقاء. كانت تجربة مثيرة أن تعيد كتابا مطبوعا إلى حالته الأولى كمخطوط. بعد سنوات فقدت ذلك "الكتاب" حين أعرته لصديق يدرس اللغة العربية ويعدّ بحثا عن شعر الحسين، فاعتبره كنزا وقع عليه ولم يعده بعد ذلك.
هل سبق وسرقت كتابا؟
في مطلع الشباب اضطررنا كثيرا لسرقة الكتب من المعارض والمكتبات لشغفنا بالقراءة وعدم قدرتنا على الشراء.
أهم كتاب – كتاب أو اكثر- تمتلكه؟
كلّ كتاب ممتع هو كتاب مهم
سعر أغلى كتاب اشتريته، وأرخص كتاب؟
الأغلى يصعب عليّ تذكره، ولكن أذكر أنني كنت أشتري أعداد سلسلة المسرح العالمي بسعر ثلاث ليرات سورية وكان ثمنا بخسا.
ما هي اهتماماتك في نوع الكتب؟
كتب الأدب والفلسفة عامّة، والقصة القصيرة والرواية والشعر بشكل خاص
هل تحلم بمكتبة ما؟ شكلا ومضمونا؟
المكتبة مضمون. قد تكون صناديق وكراتين. لا قيمة للشكل هنا.
هل فكرت بعد الموت أين ستذهب مكتبتك؟
ولن أفكر. الكتب وجدت لترمى على قارعة الطريق فيلتقطها كلّ من كان شغوفا بها.