البندورة: سيّدة السوق "وحرامية" الجيوب!
عبد الباسط خلف
كانت المواطنة فاطمة الشيخ إبراهيم تنتقل من بسطة خضروات إلى أخرى، بحثاً عن سعر معقول لـ البندورة أو"الذهب الأحمر" كما أسمته، غير أنها لم تجدها بأقل من ستة شواقل، وفي النهاية قررت أن تكتفي بكيلو غرام واحد.
تقول: في السابق، كنت أشتري 3 كيلو، أما اليوم فالأسعار مرتفعة، وقبل يومين كانت بعشرة شواقل، وهذا سعر لا نستطيع أن ندفعه، لأن دخلنا ليس مرتفعاً، وثمنها أكبر من الفواكه.
فيما يعتقد البائع مرزوق التلفيتي، أن السعر ليس مبالغاً فيه، لكن مع ذلك، فقد توقف عن شراء كميات كبيرة، خشية أن لا يصيبها الكساد.يقول، وهو ينادي على بضائعه بصوته الجهوري: كل شيء ارتفعت أسعاره، والزبائن لا يشترون كميات كبيرة، أعتقد أن الثمن المناسب لهذه الحبات التي لا تستغني عنها الأسرة يومياً، هو أن تكون بـ4 أو بـ5 شواقل، لأن ارتفاعها أكثر غير منطقي، وهبوطها يخرب بيت المزارع.
ويؤكد نائب مدير وزارة الزراعة في جنين المهندس منذر صلاح ، أن ارتفاع مساحات الدفيئات الزراعية في المحافظة هذا الموسم بـ50 دونماً آخر، لتصل إلى 1350 دونماً محمياً، لم يستطع تلبية الطلب، وبخاصة في ظل موجات برد تكررت هذا العام، أدت إلى تراجع الإنتاج بشكل ملموس، عدا أن مجموعات كبيرة من مزارعي شرق جنين، يبيعون محصولهم مباشرة إلى تجار داخل الخط الأخضر، ولا يصل إلى المستهلكين في أسواق الخضار.
يتابع: سعر البندورة ليس بالكبير، فالمزارع يبيعها على مدار السنة بأسعار متدنية، وفي مواسم البرد الشديد يتدني الإنتاج بشكل واضح، والمزارع لن يصبح ثرياً من وراء ارتفاع لا يتكرر دائماً.
فيما يقول شاهر صعابنة، وهو صاحب مطعم شعبي وسط المدينة، إن سعر البندورة غير معقول، ما دفعه للتفكير بتقنين الكمية، فصار لا يُقدّمها بشرائح كما كان يفعل، وأصبح يكتفي بوضعها في السلطات بكميات أقل، ويعوض نقصها باللجوء إلى الخيار والخس والمخللات.
يضيف: بسعرها الحالي، لا يمكن أن نتحدث عن أرباح، لكننا بحاجة إلى الزبائن، ولا فلافل أو حمص بدون هذه الخضروات، التي صرنا نفتقد من السوق بكميات كبيرة.
وبرأي منسق مركز العمل التنموي(معًا) في جنين، المهندس الزراعي حسن أبو الرب، فإن البرد وانخفاض الإنتاج وتدني نسبة المياه الجوفية جعل البندورة في أعلى القائمة، وهذا أمر طبيعي، وإذا ما حسبنا ما يحصل عليه المزارع على مدار العام وبأسعار تكون منخفضة جداً، فإننا سنجد أنه لن يربح، ولو باع الكيلو بعشرة شواقل، فتكاليف الإنتاج باهظة، والأسعار دائماً قليلة.
وفي حال استمرار الأجواء على حالها، فإن السعر مرشح للارتفاع أكثر فأكثر.
غير أن أم سامي، وهي معلمة وأم لخمسة أطفال، تقول: إذا ما أرتفع سعر البندورة كثيراً، فإن البديل هو معجونها (رُب البندورة)، و"الكاتش أب"، أو التعامل معها كأنها فاكهة كالأناناس، الذي لم يذقه الفقراء في حياتهم.
الف