"بدّالة" من الأقصى إلى الأقدس
بيت لحم- وفا - إيهاب الريماوي ورامي سمارة- لمهد المسيح عليه السلام ببيت لحم؛ قدرة جلبت إليه ماركوس ذو الأصول البرازيلية.
ماركوس لم يكن الأجنبي الوحيد في باحة المهد ليلة عيد الميلاد، كثيرون كانوا، من السويد، وألمانيا، وبولندا، وهولندا، والكاميرون، وكينيا، والهند، وكوريا الجنوبية، والصين، وبيرو، والمكسيك، والولايات المتحدة، وكندا. كان فيها كل من وطأ الثرى.
الاحتفال بميلاد المسيح عليه السلام في مكان مولده له طابع خاص، له قدسية خاصة، له رمزية لا تضاهيها أي رحلة لأي بقعة في المعمورة.
احتفال ماركوس كان له خصوصية، هو قرر قبل ثلاثة أشهر أن يحجز مكانا له بين حضور قداس منتصف الليل في كنيسة المهد، ولما للمكان من قدسية؛ لم يرد إلا أن يمنح رحلته طابعاَ لا ينسى إن لم يدخل التاريخ.
من البرتغال إلى بيت لحم 6400 كلم قطعها على متن دراجة هوائية.
لماذا قد يقوم شاب في عقد عمره الرابع بهذه الرحلة في عصر لم يتوان العالم فيه عن توفير وسائل نقل سريعة وآمنة ورخيصة؟ هكذا يسأل ماركوس المشدوهون بتجربته.
هو يصف نفسه بالواقعي في نظرته للأمور، ولا غرابة حين تحقق حلما ولو كان صعبا وأسال منك دما وعرقا، بل ستشعر بالفخر بعد الوصول إلى هدفك.
ليلة الميلاد وصل إلى هدفه، وفي الطريق إلى بيت لحم اكتشف العالم عن كثب واقترب من الناس، والدراجة الهوائية أبطأ وسائل النقل أتاحت له الوقت الكافي ليشاهد ويسمع ويحادث ويختلط، "الدراجة تجعلك تعيش التفاصيل وتلامسها، وأنت تقودها تكون أكثر التصاقاَ بالأماكن التي تذهب إليها بها، يمكنك أن تتعرف على ثقافات محلية عن قرب، أما في طرق السفر الأخرى فترى الصورة أكثر عمومية".
أن تتعرف بنفسك على ثقافات وحضارات جديدة وأن تستمع من المحليين عن شيء من تاريخهم وأن تعيش حياتهم وطقوسهم، هذا سيترك فيك أثرا أعمق لا تتدخل فيه آراء وأهواء الأدلاء السياحيين، بهذا يؤمن ماركوس.
رحلته كانت مدهشة رغم ما اعتراها من صعوبات، وما عكر صفوها هو اضطراره للسفر ودراجته بطائرة من تركيا كي يصل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث سوريا الملتهبة كانت نقطة غيرت مسار الرحلة، خريطته كانت تشمل سوريا فلبنان ثم الأردن وانتهاء بفلسطين، "كنت أتمنى أن تكون هذه المنطقة أكثر هدوءا حتى أمضي في مخططي كما وضعته، ولا يسعني اليوم سوى الصلاة من هذه البقعة المقدسة ليعم الأمن والسلام".
لرحلة ماركوس الشاقة رسالتان، الأولى وجهها لنفسه، "لا شيء مستحيل. أنا لم أؤمن يوما بمقدرتي على عبور عشرات الدول على بدالة كي ألتحق بقداس منتصف الليل في بيت لحم. كل شخص يملك قدرة كامنة يمكن أن يستفزها لتنفيذ طموحه وأحلامه".
"أما الرسالة الثانية لمن يطلع على قصتي: يجب عليك أن تستمتع بكل لحظة في الحياة كما هي، ومن المهم أن تعيش دنياك كما هي دون أي تغيير تود أن تراه في عيون الآخرين. يجب أن تحب حياتك إذا لم تكن تحبها حتى لو لم تكن مثالية ويشوبها الكثير من المنغصات. عش كل لحظة في حياتك كأنها مثالية. الحياة جميلة بما فيها من فروقات بين الناس والشعوب والأمم وتناقضات بين الطباع والعادات والثقافات. باختصار استمتع بالحياة الآن ومن أي مكان".