شكرا مرة أخرى سيدي الرئيس
كتب: رئيس تحرير الحياة الجديدة- نعرف جيدا أن خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي قاله مساء أمس، لن يوقف الاستيطان، ولن ينهي الاحتلال الإسرائيلي بعد قليل، نعرف ذلك تماما وجيدا، لكننا نعرف ونرى أن هذا الخطاب البليغ في موقفه تجاه حل الدولتين وتأكيده على أن الخطر الذي يهدد هذا الحل هو الاستيطان التوسعي أولا وقبل كل شيء، فإنه وإلى جانب قرار مجلس الأمن التاريخي المناهض للاستيطان الإسرائيلي، والداعي إلى وقفه بشكل تام، سيشكل حاضنة أجدى لحراك سياسي دولي أكثر فاعلية نحو إعادة الروح لعملية السلام في الشرق الأوسط، ولهذا السبب وانطلاقا من هذه الرؤية أعلن الرئيس أبو مازن في بيان له ألقاه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "استعداد القيادة الفلسطينية لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي ضمن سقف زمني محدد وعلى أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2334، وأكد الرئيس في بيانه "أنه على قناعة تامة بامكانية التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم على أساس مبادرة السلام العربية والمرجعيات المحددة"؛ ولهذا السبب- أيضا- فإن الرئيس أبو مازن أكد في بيانه "أنه سيستمر في التعاون الوثيق مع فرنسا لانجاح المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده منتصف الشهر القادم".
على هذا النحو الإيجابي تماما عبر الرئيس أبو مازن عن اهتمامه بخطاب وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" بل وتقديره لهذا الخطاب الذي أعلن أخيرا وبوضوح شديد مصادقته على الموقف الفلسطيني تجاه الاستيطان الإسرائيلي بأنه الخطر الحقيقي الذي يهدد السلام وحل الدولتين، والواقع أن كلام "كيري" في هذا الشأن بدا وكأنه كلاما فلسطينيا، لكنه في الحقيقة كلام المصالح الأميركية برؤيتها الاستراتيجية، التي ترى أن حل الدولتين هو القاعدة الأمثل لنمو هذه المصالح وحمايتها.
ومثلما لا يمكن بعد الآن تجاوز قرار مجلس الأمن 2334 ولا بأي حال من الأحوال، فإنه لايمكن تجاوز خطاب "كيري" فهو ليس خطابا شخصيا ولا حزبيا وبوضوح أشد هو ليس خطاب الإدراة الديمقراطية الراحلة بعد قليل عن البيت الأبيض، بقدر ما هو خطاب الرؤية الأميركية، خطاب مصالحها الاستراتيجية، ولهذا لا يمكن تجاوزه وإن جاءت بعد قليل سياسات المناكفة أو محاولات التقليل من أهمية هذا الخطاب الذي سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" إلى وصفه بأنه "خيبة أمل كبيرة"...!! بالطبع لن يرى اليمين الإسرائيلي المتطرف في خطاب "كيري" سوى ذلك، لكن الوقائع والتحولات التي باتت فاعلة في الرأي العام الدولي تجاه الاستيطان وسبل الحل العادل، لن ترى في هذا الخطاب هذه الخيبة، ولعلها تحمل الخطاب إلى إشراقة أمل جديدة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط بدولة فلسطين الحرة المستقلة، وهكذا نريده نحن الفلسطينيين ولهذا كان الجواب الوطني الفلسطيني، جواب الرئيس أبو مازن، جواب التعاطي الإيجابي مع خطاب الرؤية الأميركية لإنقاذ حل الدولتين، الأمر الذي ما زال ممكنا تماما بعد كل هذا التقدم للموقف الفلسطيني وحراكه السياسي الذي أثمر قرارا تاريخيا في مجلس الأمن وخطابا أميركيا بالغ الأهمية.