قرار 2334 والمسؤولية الدولية في حل الدولتين
- موفق مطر
يحبذ البعض مصطلح الشراكة على مصطلح التواصل بين صناع القرار وصناع الرأي العام في الصحافة والاعلام، وهذا ليس موضوعنا وانما مفتاح للولوج الى فحوى لقاء الدكتور حسام زملط مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الاستراتيجية مع الصحفيين في مقر الرئاسة في رام الله واطلاعهم على حيثيات وابعاد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 حول الاستيطان اليهودي (الاسرائيلي) في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، والمؤتمر العام السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وموضوع انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني.
مفيد جدا اطلاع الجمهور على مرتكزات القرار 2334 وأبعاده والأهداف المتوخاة منه، وبما ان اللقاء كان مع صحفيين هم حلقة الوصل ما بين الجمهور والمصدر، فانه لحق طبيعي للجمهور أن يلم بكيفية رؤية القيادة السياسية للقضايا الوطنية.
مجلس الأمن بقراره 2334 أمر بإيقاف جريمة حرب اسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وأراضي دولته، فالاستيطان اليهودي الاسرائيلي فاقد للشرعية، والقاعدة القانونية في القانون الدولي، فهو احتلال للأرض وسيطرة على موارد الشعب الفلسطيني واحلال لسكان غرباء بالقوة مكان السكان الأصليين (المواطنين الفلسطينيين) وهذا بحكم القانون الدولي جريمة حرب.
اعاد القرار تثبيت المكانة والمركز القانوني للقضية الفلسطينية ولدولة فلسطين، حيث اكدت حيثياته ونصوصه على أن أراضي دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية واقعة تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي بقوة السلاح.
نسف القرار قضية وتفسير اسرائيل للقرار 242 بان الأراضي المحتلة في عدوان اسرائيل في الخامس من حزيران عام 1967 اراض متنازع عليها، وباتت بحكم وقوة هذا القرار اراضي دولة فلسطين المحتلة.
ألزم القرار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتفريق بين اسرائيل واراضي دولة فلسطين المحتلة من حيث التعامل، باعتبار دولة فلسطين محتلة، وأن الدولة القائمة بالاحتلال بالقوة العسكرية هي اسرائيل، ما يعني تثبيت ما جاء في القرار 19/67 الصادر عن الأمم المتحدة عام 2012 حيث تم الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة.
مكّننا القرار من اعتماد ركائز وقوة دفع قانونية للذهاب الى مؤسسات الأمم المتحدة دونما تأخير، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية وتقديم ملف الاستيطان كجريمة حرب بالتوازي مع بناء نظام دولي اشمل لمقاطعة ومحاسبة اسرائيل على احتلالها واستيطانها، وليس مقاطعة المستوطنات وحسب.
سيساعدنا القرار في تكريس المسؤولية الدولية في الحل وخلق مسار جديد، واقفال المفاوضات الثنائية والمؤتمر الدولي المزمع عقده في باريس في منتصف شهر كانون الثاني القادم احدى المحطات الرئيسة المهمة في هذا السياق، فالمناخ والمنظومة التي ادخلتنا المفاوضات الثنائية في ظل عدم التكافؤ، ونصرة الادارات الأميركية المتعاقبة لدولة الاحتلال اسرائيل قد خلخلت توازنها وافشلتها، لذا فان المؤتمر الدولي بديلنا عن المفاوضات الثنائية.
القرار يؤسس لحل نريده من حيث التوقيت فقد جاء بعد اسبوع من تمرير مشروع قانون شرعنة البؤر الاستيطانية الذي هو اصلا مخالف لقوانين اسرائيل ذاتها، حيث لا تستطيع الحكومة الاسرائيلية الدفاع عنه في المحاكم الاسرائيلية.
في حساب معادلة القوة.. فإننا نستطيع اليوم القول ان العالم معنا. نعود الى العالم الذي انشأ اسرائيل، الذي من دونه لا تسطيع اسرائيل الاستمرار، نحمله مسؤولية الحل حسب قرارات منظماته الشرعية وقوانينه الملزمة، والأهم ان القرار قد أسس آلية لمتابعة تنفيذ القرار حيث طلب مجلس الأمن من الأمين العام اطلاع الدول الأعضاء على مدى التزام الدول بتنفيذ ما طالب به مجلس الأمن في نص القرار، بإيقاف الاستيطان الاسرائيلي، ومنع أي تغيير سكاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وعدم تقديم أي معونة للاستيطان، والتفريق في التعامل بين أراضي فلسطين المحتلة، واضافة الى مقتضيات القرار، وتقديم تقرير كل 3 شهور للمجلس.
نستطيع القول ان القرار يؤسس لحل نريده مع الانتباه الى أن القرار يعتبر القدس الشرقية محتلة لكن لم يرد فيه ما يعتبر القدس الغربية اسرائيلية، وهذا بحد ذاته ضربة استباقية مزدوجة، الأولى لتوجهات ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية الى القدس، ولوعوده بدعم تشريع الاستيطان اليهودي، والأخرى لقانون شرعنة البؤر الاستيطانية الاسرائيلي، المخالف اصلا للقانون الدولي، الذي لا تستطيع حكومة نتنياهو الدفاع عنه حتى في محاكم اسرائيل.