طانا تصحو على الدمار
بسام أبو الرب
عمليات الهدم التي كان يتخوف منها أهالي خربة طانا التابعة لأراضي بيت فوريك شرق نابلس، أصبحت اليوم حقيقة بعدما اقتحمت 3 جرافات إسرائيلية الخربة، وشرعت بعمليات هدم، طالت عددا من المساكن فيها.
أيام عدة كانت تفصل عمليات الهدم عن آخر زيارة قامت بها مجموعة من الصحفيين للخربة؛ بهدف الاطلاع على أوضاعها، وافتتاح المدرسة الوحيدة فيها، بعد اعادة بنائها، بتمويل من قبل مكتب المساعدات الانسانية والحماية المدنية التابع للمفوضية الأوروبية، وبتنفيذ "GVC" الإيطالية.
طانا التي يقطنها ما يقارب 250 مواطنا، ويعتمدون بشكل كامل على تربية الماشية، وبشكل جزئي على الزراعة، تعرضت خلال العام الماضي 2016 لأربع عمليات هدم طالت ما يقارب 150 منشأة، وبلغ عدد المتضررين منها 214 مواطنا.
ويعتبر فصل الشتاء هاما لأهالي خربة طانا؛ الذي يشكل مناخا مناسبا لزراعة المحاصيل، اضافة الى اتساع رقعة المراعي للمواشي، التي تعتبر مصدر رزق أساسي لهم، وزيادة كمية المياه التي تعاني منها الخربة.
زيارة طانا ليست بالسهلة، فطريقها الذي يشق بيت فوريك من وسطها وصولا الى تخوم الأغوار، الغالبية العظمى منه غير معبد، وبحاجة الى التأني خلال قيادة المركبة، من أجل الوصول بسلام، دون التعرض لحادث تزحلق، أو عائق يعترض سيرها.
يحاول المواطن ماجد عفيف حنني التواصل مع مراسل "وفا" خلال عمليات الهدم، كلما سنحت له الفرصة، لوجود تغطية لبث الأجهزة الخلوية.
ففي كل مرة يرن بها هاتف حنني يصف مشهد الهدم، ثم يعيد إحصاء ما تم هدمه من جديد (..)، أول مكالمة يقول "هناك هدم لست منشآت ومسكن، وفي الثانية أصبحت عشرا، وتبقى المدرسة الوحيدة فيها قيد التساؤل"؟
يرن هاتف حنني للمرة الثالثة، ويقول "هدموا مسكني والطابون، وافترشت الارض الآن.. أكثر من 13 مسكنا ومنشـأة تم هدمها".
يضحك حنني لما سمعه من قوات الاحتلال وذرائعهم، ويقول "احنا صقور المنطقة ما بهمنا اشي، رح نرجع نبني".
أواخر تشرين الثاني الماضي، قامت قوات الاحتلال بتصوير المدرسة في خربة طانا، بعد انجازها، وعدة منشآت أخرى، تمهيدا لهدمها، كما كان يتوقع أهالي الخربة، الذين وصفوا معاناتهم، وصراعهم للبقاء على هذه الأرض، التي تتسع حولها المستوطنات، وتنهش من أرضها.
مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس أكد لـ"وفا"، أن عمليات الهدم طالت 1134 منزلا ومنشأة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، خلال العام 2016.
دغلس أوضح أن عمليات الهدم تصاعدت بشكل ملحوظ، وتزداد حدتها في فصل الشتاء، خاصة في مناطق الأغوار؛ وذلك كنوع من العقاب للفلسطينيين الذي يصمدون على أرضهم، ويتشبثون بها، رغم الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، والاستيلاء على المزيد من الأراضي، إضافة إلى إصدار إخطارات هدم لمئات المنازل، والمنشآت.
طانا التي تحاصرها مستوطنتا "ايتمار" و"مخورا"، إضافة إلى معسكر لقوات الاحتلال، تعاني من شح في الخدمات، من المياه، والكهرباء، ويعتمد سكانها على الخلايا الشمسية لتوفير الكهرباء، وذلك بسبب سياسة الاحتلال، وذرائعه، بأنها مناطق عسكرية، ومناطق مصنفة "ج"، ولا يحق للفلسطينيين العمل، أو البناء فيها.