الرزق بيد البطش
يامن نوباني
بجملة وابتسامة ساخرتين يشرح المواطن رجا ضراغمة، حكاية عمله في بيت قديم على الشارع الرئيسي الرابط بين مدينتي نابلس ورام الله، فيقول: يجرفون أرضي، ويسرقون أشتالي، وفخاري، ومعداتي، ثم يطلبون مني دفع تكاليف فعلتهم!
على امتداد الشارع لم يعد أصحاب المصالح التجارية موقنين أنهم يعملون ما يربحهم، فالمخالفات والمصادرات تفوق ما ينتجونه، وآثار التجريف وبقايا جرار الفخار وأشتال زيتون منزوية ويافطات مهترئة، وقع نصفها أرضا، تجعل من المكان زلزالا صغيرا.
المواطن ضراغمة صاحب محل بناشر مركبات أوضح لـ"وفا" أن الاحتلال مارس بحقه كافة أشكال الطرد والتعسف، فعمل على الاستيلاء على ماكينة الرفع الخاصة بتصليح المركبات، ورافعة شوكية "مزليك"، ومئات الأشتال، وأصص الفخار، التي جاء بها ليبيعها، تعويضا عن الخسائر الأخرى.
ولم تتوقف معاناته عند الاستيلاء والسرقة، بل تعدتها إلى فصل التيار الكهربائي أكثر من مرة عن مصدر رزقه، وإجباره على دفع التكاليف والأجرة للعمال الذين يقومون بفصل التيار، ودفع تكاليف التجريف التي قام بها الاحتلال، وقد وصلت المخالفات في مجملها لدى ضراغمة إلى نحو 20 ألف شيقل، عدا عن آلاف الشواقل الأخرى.
منذ 40 عاما والاحتلال يمنع أصحاب الأراضي المصنفة "ج" من استخدامها، ولا بأي شكل من الأشكال، لا البناء ولا التجارة أو حتى الاستخدام الزراعي مسموح به في 60% من أراضي الضفة الغربية.
وبحسب القناة السابعة، ففي الأيام الأولى من العام 2017، قدّمت منظمة "ريجيف" الإسرائيلية، التي تأسست عام 2006، وتقول مبادئها "إنها تعمل من أجل حقوق المواطنين للأراضي الصهيونية في دولة إسرائيل، قدمت عريضة للمحكمة العليا في القدس ضد خمسة مصالح تجارية ومحطة وقود، لأنها بنيت حسب ادعاء المنظمة بدون ترخيص في قرية اللبّن الشرقية، بجانب مستوطنة عيليه، التي تبعد مسافة أمتار قليلة من شارع 60، وجاء في الادعاء أن حركة السير يومية وقوية في كلا الاتجاهين، وأن هذا الشيء جعل أصحاب السيارات يتضايقون من وجود هذه المصالح.
تؤور، القاضية في محكمة العدل العليا قررت منح أصحاب المحلات في القرية مهلة نصف سنة كي يغلقوها، وإذا لم يتم ذلك سيتم هدمها، هذا القرار صدر بعد شكوى قدمت من قبل في 2010، وأيضا تم اعطاء مهلة لأصحاب المحلات لكن لم يتم تنفيذها، (بوعز أرزي) محامي منظمة ريجيف يقول انه متفاءل بهذا القرار الايجابي، لأن هذه المحلات تضر بالبيئة، وبحركة السير، وكان يجب العمل على ازالتها منذ زمن.
أصحاب هذه المنشآت والمصالح التجارية، قالوا "إن الاحتلال يمنعهم من العمل بحرية، والتوسع في أعمالهم، ويقوم بين الفينة والأخرى بتدفيعهم مخالفات وتكاليف باهظة، والاستيلاء على معداتهم، في محاولات قديمة ومتكررة، لطردهم من مصالحهم الحياتية، ومصادر رزقهم التي يقيمونها فوق أراضيهم الخاصة".
أحمد ضراغمة (20 عاما)، أحد أصحاب المصالح الذين تلقوا اخطارا بالهدم، قال إن الاحتلال استولى على عشرات المركبات التي يستخدمون قطعها للبيع، والتصليح، وخلع 30 شتلة زيتون من أرضهم القريبة، وبحسب ضراغمة فإن الاحتلال يمنعهم من استغلالها تجاريا وزراعيا.
وقال ضراغمة: أول مرة حصل فيها هدم كان عام 2005، ثم توالت بعدها التهديدات، والمضايقات، والتي تنوعت بين إخطارات، ومخالفات، والاستيلاء على معدات، وأجهزة، واعتداء شخصي، واعتقال.
على بعد بضعة أمتار من المواطنين ضراغمة، يقع محل القبعة للرخام، للمواطن أبو محمد ضراغمة، والذي أفاد لـ"وفا"، قيام الاحتلال بالاستيلاء على مركبة شحن تابعة لمحله قبل شهرين، وقيامه قبل سنوات بالاستيلاء على رافعة شوكية "مزليك"، كلفه استرجاعها 4 آلاف شيقل، إضافة إلى إجباره على إزالة معدات، ومواد وضعها في أرضه، التي استصلحها مؤخرا قرب محله الأصلي، ما فاقم خساراته المتكررة.
غير بعيد عن هذه الأمكنة، يقع محل القبلاني لمواد البناء، والذي تم الاستيلاء على رافعة شوكية "مزليك" منه، ووصله ثلاث إخطارات سابقة بالهدم.
يشار إلى أن الاحتلال بدأ منذ مطلع عام 2017 بسلسلة اخطارات وهدم يومية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، شملت منشآت، ومباني سكنية، وبركسات زراعية، وحظائر لتربية الماشية، وآبارا لتجميع المياه، ومحال تجارية، ومغاسل سيارات، وخزانات وقود، واستولى الاحتلال خلالها على سيارة شحن وثلاث مركبات، تركزت في محافظات: سلفيت، ونابلس، وبيت لحم، وقلقيلية، والأغوار، بحجة وقوعها ضمن مناطق "ج".
على بعد عشرات الكيلومترات من اللبن الشرقية، تتسارع وتيرة الهجمة الاستيطانية على قرى محافظة سلفيت، خاصة دير بلوط، وكفر الديك، وحارس، ودير استيا، التي تعرضت أيضا لهجمة من الإخطارات، والتهديدات بالهدم، ووقف البناء بحجة عدم الترخيص، حيث تسلم المواطنون في هذه القرى 19 إخطارا من قبل ما يعرف "بالإدارة المدنية".
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن الاحتلال نفذ العام الماضي 1114 عملية هدم، 31% منها بالقدس، رافقها تصاعد في أعداد المستوطنين، حيث أقفل 2016 أبوابه على احصائية وجود 620 ألف مستوطن يعيشون في 570 مستوطنة في أراضي الضفة الغربية.