لأجل السلام
في استقباله لوفد من أنصار السلام الإسرائيليين، ضم المئات من الأكاديميين والكتاب والناشطين السياسيين، من الذين وقعوا عريضة تدعم عقد مؤتمر باريس للسلام، الخميس الماضي في مقر الرئاسة برام الله، شدد الرئيس ابو مازن في كلمته لهم "أننا سنواصل صناعة السلام عبر السلام"، بما يعني نبذ العنف والارهاب بل والتصدي له أينما كان، وبأية هوية سياسية أو عقائدية كان.
وفي عشاء الميلاد المجيد في بيت لحم، أعاد الرئيس أبو مازن التأكيد على هذا الموقف الوطني الفلسطيني، بوصفه خيارا استراتيجيا لا تراجع عنه ولا مساومة عليه، لكن هذا الخيار يحتاج من العالم دعما لوجستيا طبقا لمعايير الشرعية الدولية، من الدول الكبرى صانعة القرار الدولي وفي كل اتجاه، وعلى نحو خاص الولايات المتحدة، التي تقع عليها مسؤولية حماية رؤيتها الخاصة للحل الممكن عبر حل الدولتين، لا الى نسف هذا الحل عبر نقل السفارة الأميركية إلى القدس، كما تقول بعض الأنباء التي نتطلع ألا تكون صحيحة، لأن مثل هذه الخطوة كما أوضح الرئيس أبو مازن بتنبيه الحريص على السلام والمسؤول عن حمايته، من شأنها أن "تضع العملية السلمية في الشرق الأوسط، وحتى السلام في العالم في مأزق قد لا نخرج منه" ولا شك أن في هذا التنبيه المسؤول تتردد ثانية كلمات خطاب غصن الزيتون، الذي ألقاه الزعيم الخالد ياسر عرفات، عام أربعة وسبعين من القرن الماضي من على منصة الأمم المتحدة، وإذ نشير إلى ذلك، فلكي نؤكد على مصداقية الحرص الفلسطيني الاستراتيجي على السلام، والتطلع النبيل إلى تحقيقه وعلى نحو عادل وشامل ودائم، ومع تقدم أكثر تنورا وأعمق وعيا بضرورة السلام، الضرورة التي باتت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، وبسبل صناعته عبر السلام، أي عبر التفاوض والتعاطي الحضاري مع سبل حل الصراعات، وفقا للشرعية الدولية وقراراتها واليات عملها.
ولأجل السلام وفي سبيل حماية عمليته التي لا تزال ممكنة، فإن فلسطين بشعبها وقيادتها، ترى وكما أعلن الرئيس أبو مازن، "أي تصريح أو موقف يعطل أو يغير في وضع مدينة القدس خط أحمر لن نقبل به" وأكثر من ذلك فإن "أي كلام عن نقل السفارة إذا ما صح فاننا نعتبره كلاما عدوانيا لن نقبل به إطلاقا، فالقدس الشرقية عاصمة دولتنا، وهذه العاصمة مفتوحة لكل الأديان السماوية الإسلامية والمسيحية واليهودية، ولهم أن يمارسوا شعائرهم الدينية بكل راحة في القدس عاصمتنا الأبدية".
ما من تحضر أرقى من هذا التحضر، وما من تسامح أجمل وأطيب من هذا التسامح، وما من يد ممدودة لأجل السلام أوضح من هذه اليد الفلسطينية، وهذه مساهمتنا الجلية والأكيدة لصناعة السلام عبر السلام، ضد العنف والإرهاب أيا كان وكيفما كان ولن نذهب إلى خياراته المقيتة ولا بأي حال من الاحوال، وعلى الإدارة الأميركية القادمة أن تدرك ذلك على نحو مسؤول، وأن تدرك الأهم والأخطر أن نقل السفارة تهديد للسلام العالمي، وتشجيع على الإرهاب، وهو أمر لن نقبل به ولن نرضاه لاحد، لن نرضى بتهديد السلام ولن نقبل بتشجيع الارهاب، بل سنقاوم ذلك بمصداقية وجدية طروحاتنا السلمية في دروبها السياسية والدبلوماسية، وبصمودنا الراسخ على ارض بلادنا وتمسكنا بثوابتنا المبدأية، وحقنا في الحرية والاستقلال تحت رايات دولتنا في عاصمتنا الابدية، نعم سنقاوم مقاومة الانسانية للأوبئة الخطيرة، والارهاب اخطر الاوبئة في هذا العصر، ولا غاية لنا سوى السلام والسلامة لنا ولهذه المنطقة بشعوبها كافة وللعالم اجمع.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير