ندوة لـ"مدار": "قانون التسوية" جزء من مشروع يميني يُنهي حلّ الدولتين
أكد متحدثون في ندوة عقدت في رام الله اليوم الثلاثاء، أن حمّى التشريعات المتطرفة في إسرائيل تسعى لحسم موضوعين مترابطين وهما الاحتلال عَبر شرعنته وصولاً إلى الضم وإنهاء حلّ الدولتين، وحسم الصراع على هوية إسرائيل داخلياً وموقع الفلسطينيين فيها، عبر نزع الشرعية السياسية عنهم، وحصر مكانتهم بالحقوق الفردية، بحيث لا يمتلكون أي حقوق جماعية.
وأجمع المشاركون في الندوة التي نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، تحت عنوان "المشهد الإسرائيلي ما بين قانون التسوية والقرار 2334"على أن ما يحدث ليس مجرد صدفة، أو ردود فعل، إنما تعبير عن سياسة واضحة، مرتبطة بالتغيرات العميقة والجدية في المجتمع الإسرائيلي، والاصطفافات السياسية داخله، وأن العملية ستتواصل، معتبرين قرار مجلس الأمن (2334) تنبهاً دولياً لهذه الاندفاعة الإسرائيلية نحو شرعنة الاستيطان وإنهاء حلّ "الدولتين".
وأشارت مدير عام "مدار" هنيدة غانم إلى تقرير المركز الذي يرصد المستجدات التشريعية ذات الطابع العنصري الواضح في حقبة نتنياهو، والمتمحورة حول جهود اليمين الإسرائيلي للتأثير عميقاً في هوية الدولة باتجاه يهوديتها، إلى جانب حسم الصراع مع الفلسطينيين بالقوانين، موضحة أن ما يسمى "قانون التسوية" الهادف لشرعنة سرقة الأرض الخاصة، يندرج في هذا السياق.
من جانبه، قال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان المحامي عمر خمايسي، إن الاحتلال أعاد ما يسمى قانون التسوية إلى جذوره عام 1979، حيث حكمت محكمة العدل العليا الإسرائيلية- وهي محكمة مدنية- في شأن أرض فلسطينية خاضعة للحكم العسكري، في قضية مستوطنة "ألون موريه"، مشيراً إلى أن ما جرى في الواقع هو شرعنة غير مباشرة للاستيطان، فالمحكمة عملياً رسمت "خارطة طريق" للاستيطان ولِما يمكن عمله ضمن خطوط معينة، ففي حين اعتبرت أن لا مبررَ عسكرياً لإقامة المستوطنة، فتحت الباب لضم ملايين الدونمات بذرائع عسكرية، وبذرائع "أراضي الدولة".
وذكر أن المحكمة العليا كانت اعتبرت إقامة مستوطنة "بيت إيل" شرعية كون مسوغاتها الأمنية مقنعة، متسائلاً حول جدوى اللجوء فلسطينياً لهذه المحكمة، حيث أنها في الواقع تشرعن الاحتلال وتجمّله دولياً.
وقال خمايسي: "إن "قانون التسوية" جاء لإعطاء حلّ لواقع قائم، عَبر إعطاء أرض سرقت بموجب إجراءات العام 79، مقابل أرض خاصة استولى عليها المستوطنون حديثاً، ما يعني، عملياً، تأطيراً قانونياً لوقائع غير قانونية".
وشدد على أن قرار مجلس الأمن الجديد، مهم، ويمكن البناء عليه، وإن كان لا يحمل إمكانية تنفيذية، فهو يُفسح المجال أمام الأجسام الدولية للتحرك وفقه.
بدوره، قال أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي امطانس شحادة: "إننا بصدد مسعى إسرائيلي جاد لإغلاق ملفين أساسيين، أحدهما يتعلق بالعام 1948، والثاني بالعام 1967عَبر فرض الحلّ المقبول إسرائيلياً وفق المحدّدات داخل اليمين الإسرائيلي الآن".
وتابع: "المطلوب داخلياً أن يقبل الفلسطينيون بمكانة فردية متدنية، ويهودياً القبول بهُويّة أكثر يهوديةً وأقل ديمقراطية، وفيما يتعلق بالصراع في أراضي 1967، يراد فرض حل يستجيب للثابت الذي يجمع تركيبة الحكومة الجديدة: لا تنازل عن المستوطنات، والمستوطناتُ في صدارة الأولويات".
وفسر شحادة ذلك بأن الاستيطان لم يعد يتصدر برامج اليسار، بل على العكس، تمت إزاحة الموضوع السياسي في برامج اليسار، نتيجة تغير طبيعة الاصطفافات في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حيث كانت بين معسكرين، إنما هي الآن داخل معسكر اليمين فقط، سابقاً كان الاحتلال والهُويّة الاقتصادية والمكون الإثني هي ما يحدد التصدُّعات، لكن الأمر اختلف نهائياً، لم يعد هناك معسكر يسار بالمعنى القديم، والخلاف في أوساط اليمين حول التفاصيل.
من جهتها، اعتبرت النائبة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة القائمة المشتركة، توما سليمان، قرار مجلس الأمن الأخير، رد فعل على قانون شرعنة المستوطنات أو ما يسمى "قانون التسوية"، وأنه لا يمكن فصل القرار عن هذا المسار.
وأكدت أن هذا المسار التشريعي في إسرائيل يهدف بالفعل إلى تحقيق ضربتين مترابطتين، شرعنة الاستيطان وتكريس الاحتلال، وضرب الجمهور العربي في إسرائيل، وأيضاً، "الحزام اليهودي" العقلاني المتبقي، والغريب مقارنة مع الجو الشعبي اليميني بل والفاشي الذي يعم إسرائيل إعلاماً ومؤسسات.
ولفتت إلى العلاقة بين ما جرى في مستوطنة "عمونا"، وبين ما حدث في قلنسوة، أمس، من هدم لأكثر من عشرة منازل بذريعة عدم الترخيص، ما يشي بالمساواة بين مواطنين بنوا على أرضهم الخاصة، وبين مستوطنين في مناطق محتلة بنوا على أرض خاصة لفلسطينيين تحت الاحتلال.
وقالت سليمان: إن الأمر ليس مجرد قوانين، إنما سياق وقائع على الأرض، خطاب "أرض إسرائيل" الآن يتصدر بعد أن كان في الخلفية، ويمتلك أدوات ابتزاز نتنياهو، هناك هجوم مدروس على الشرعية السياسية للفلسطينيين في إسرائيل، وعلى هُويّة الدولة، ولأول مرة يتم الهجوم على ما كان أيقونات في الوعي الإسرائيلي، بحيث طالت هجمات اليمين "المحكمة العليا"، ورئاسة هيئة الأركان، ونتنياهو الضعيف قابل للابتزاز، والواقع الدولي خاصة مع قدوم ترامب ينذر بالكثير.