ترامب ليس الأول.. فهل يكون الأخير
أسيل الأخرس
أكثر من 20 مرشّحًا رئاسيًّا أميركيًّا منذ العام 1972 أطلقوا وعودا ضمن الدعاية الانتخابية،بنقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، لكن سرعان ما تبددت هذه الوعود فور وصولهم إلى البيت الابيض، إلا أن إصرار الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب على نقل السفارة بات يؤرق المشهد السياسي الفلسطيني والعربي.
ترامب، الذي من المزمع أن يتسلم مهام منصبه في العشرين من الشهر الجاري، لوح في نوفمبر 2016، بنقل السفارة إلى القدس، ما يعيد الى المشهد التشريع الذي أقره الكونغرس الاميركي في نوفمبر 2009، والقاضي بنقل السفارة الى القدس ومنذ ذلك الحين يقوم كل رئيس بتأجيل تنفيذ التشريع كل ستة أشهر.
فمنذ أن أعلنت إسرائيل القدس عاصمتها عام 1950، واحتلالها القدس الشرقية في حرب 1967، وهي تحاول أن تشرعن احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتحديدا للقدس، لدفع الولايات المتحدة لنقل سفارتها إلى القدس، ما يعتبر اعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وبالعودة إلى حديث رؤساء أميركا السابقين عن قضية نقل السفارة إلى القدس، قال الرئيس رونالد ريغان في نيسان عام 1984، "لن أنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس"، لكنه غيّر رأيه بعد شهر قائلا مع ذلك، ربّما أدرس نقل السفارة الأميركية إلى القدس". فيما قال الرئيس بيل كلينتون إنه يدرس نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وأضاف "حتى إنّ لدينا قطعة أرض جاهزة لذلك".
وفي العام 1999 وعد جورج بوش الإبن أنه في يومه الأول في المكتب البيضاوي، سينقل السفارة الأميركية إلى القدس. حتى هيلاري كلينتون، وعدت في السابق أنّ السفارة الأمريكية ستُنقَل من تل أبيب إلى القدس.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد عبّر عن رأيه بشكل حازم عام 1995، مشرّعًا "قانون نقل السفارة الأميركية إلى القدس". نصّ القانون أنّ "سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل ستُنقَل إلى القدس في موعدٍ لا يتأخر عن 31 أيار 1999". ولكنّ ذلك لم يحدث وترتب عليه توقيع رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين على تأجيل نقل السفارة كل ستة أشهر، وظل الرؤساء يحتجون لتوقيف العمل بهذا القانون بدواع أمنية، وهي خطوة لقيت مقاومة من رؤساء الولايات المتحدة بمن فيهم الرئيس الحالي باراك أوباما.
بالإضافة الى تشريع لاحق صدر عن أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي عام 2009 تحدث عنه السناتور الجمهوري سام براونباك عن ولاية كنساس إنه "كان على أميركا منذ وقت طويل أن تعترف بحق إسرائيل في اختيار القدس عاصمة لها"، مشيرا إلى أن التشريع الجديد يسعى لوضع قانون يتجاوز به الحاجة إلى موافقة الرئيس، ويشمل توقيف جزء من ميزانية وزارة الخارجية حتى تقوم ببناء السفارة. حيث اعتبر الجديد في تشريع الكونغرس عام 2009 عن سابقه، أنه يتجاوز ضرورة موافقة الرئيس الأميركي.
إلا أن ما بثته القناة الإسرائيلية الثانية، في ديسمبر المنصرم، بأن فريقًا من مساعدي الرئيس الأميركي المنتخب حديثًا، دونالد ترامب، وصل إلى مدينة القدس، للبحث عن الموقع الذي ستنقل إليه السفارة الأميركية من تل أبيب بالتعاون مع مسؤولين في حكومة الاحتلال، بات يحول شكوك الفلسطينيين بأن نقل السفارة إلى القدس ليس نوعا من أنواع الدعاية الانتخابية بل أنه سيتحول إلى واقع.
وأفادت القناة، بأن الخيار وقع على فندق "دبلومات" لكن اتضح بعد لقاء مع ممثلي وزارة الاستيعاب والهجرة أنه مؤجر لمؤسسة ترعى 500 مسن، لغاية العام 2020 حيث يتم البحث عن مكان بديل.
وفي مقابلة اجرتها "وفا" مع مدير مركز "مسارات" هاني المصري، قال فيها، إن ترامب أكثر تطرفا وشعبوية من سابقيه، وأنه يعتقد أن فلسطين جزء من الإرهاب العالمي، ويسعى لأهداف الحركة الصهيونية لقربه وعلاقته مع نتنياهو.
وأشار إلى أن هناك حراكا غير كافي من الدول العربية، داعيا إلى ضرورة توظيف قرارات الدول العربية والإسلامية التي هددت بقطع علاقتها مع أي دولة تفتتح سفارة لها في القدس المحتلة.
وحذر المصري من تداعيات نقل السفارة الأميركية إلى القدس على الشارع الفلسطيني، والذي من شأنه أن يدفع بالتوتر الى المنطقة.
وفي تعقيب لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، خلال مؤتمر صحفي عقده في رام الله، قال فيه، إنه إذا تم الإعلان عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس فسنعيد النظر بالاعتراف بدولة إسرائيل، وسننفذ خطوات احتجاجية أخرى متعلقة بكامل المسار السياسي، ونحن نتحدث عن إجراءات وليس تهديديات".
وأضاف،: "إن الحديث عن نقل السفارة الاميركية للقدس يعني نهاية حل الدولتين ويعني بالنسبة لنا انتهاء المسار التفاوضي وإغلاق الباب كليا أمام المفاوضات، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا وبالنسبة للمجتمع الدولي الذي لن يقبل هذا الموضوع".
ولفت إشتية إلى أنه عندما قامت منظمة التحرير بتبادل رسائل الاعتراف بدولة إسرائيل في العام 1993 بين الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس الإسرائيلي في حينة إسحاق رابين، كانت مدينة القدس قضية خارج حدود دولة إسرائيل، وقضية تفاوضية منصوص عليها باتفاق أوسلو".
وأوضح أن الادعاء بأن نقل السفارة سيتم للقدس الغربية وليس للشرقية هو ادعاء غير مقبول، لأن إسرائيل تعتبر أن القدس هي مدينة موحدة ومضمومة، ونحن تفاوضنا مع إسرائيل على القدس وكل قرارات الضم سابقا كانت إسرائيل مستعدة لإعادة النظر فيها، لذا فإن نقل السفارة الأميركية للقدس يؤكد حقائق غير صحيحة على الأرض، فالقدس ليست عاصمة لإسرائيل وليست جزءا من دولتها فهي أراض محتلة عام 1967.