العالم.. فلسطين.. الآن
بعد مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط، والذي أكدت جملته السياسية بمنتهى الوضوح على حق "الفلسطينيين بالدولة والسيادة وانهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 بشكل كامل" ومن خلال حل الدولتين التفاوضي، بعد هذا المؤتمر وجملته البليغة هذه، وبعد قرار مجلس الامن الدولي رقم 2334 لم يعد بإمكان أحد، ولا بأي حال من الأحوال ان يتجاهل حقيقة ان المجتمع الدولي، لم يعد بوسعه ان يرى خارطة الشرق الأوسط من دون دولة فلسطين، وان هذه الدولة ضرورة اساسية للاستقرار والأمن والسلام العادل والدائم والشامل في هذا الشرق.
اكثر من سبعين دولة ومنظمة، شاركت في مؤتمر باريس قالت بذلك واكدته في بيانها الختامي، وقد يرانا البعض متفائلين أكثر مما يجب، فنقول ان الأمر ليس أمر تفاؤل مع ضرورته النضالية، لأن اليائسين لا يحققون شيئا من احلامهم ولا من تطلعاتهم وأهدافهم، وانما الأمر أمر تراكم معطيات الحل ومستلزماته، التراكم الذي يقود الى التحولات النوعية في الواقع والتاريخ، وهذا يعني ان دولة فلسطين وقد باتت بالارادة الدولية على خارطة الشرق الأوسط، سترى النور على ارضها بالحرية والاستقلال، وقريبا وربما أقرب مما نتصور، لأن الارادة الدولية ملزمة في المحصلة بتحقيق رؤيتها، التي هي رؤية قرار على هذا النحو البين في لغة البيان الختامي لمؤتمر باريس، والمهم ان الارادة الفلسطينية الحرة، لا تقبل بغير ذلك ولن تتراجع عن هذه الطريق، حتى تمضي الارادة الدولية نحو تحقيق رؤيتها وقرارها، وجعل بيان مؤتمر باريس بيان العمل والأمل معا.
وبقدر ما نجح مؤتمر باريس، بقدر ما اتضح ويتضح كم هي اليوم حكومة اسرائيل بطاقمها من اليمين المتطرف خارج الارادة الدولية، وخارج رؤية هذه الارادة بمناهضة بالغة الحمق والبلاهة العنصرية، وقد فشلت أولا في منع انعقاد مؤتمر باريس، وفشلت ثانيا في فرض صياغتها على بيانه الختامي، بل وأخفقت تماما في محاصرة فلسطين في ساحة المجتمع الدولي أو التشويش على خطابها السياسي، الانساني والحضاري بواقعيته وعقلانيته ومصداقية طروحاته السلمية.
يبقى ان نقول ان مسيرة المشروع الوطني، مشروع الحرية والتحرر، بقيادتها الحكيمة، قد تعززت اليوم بمعطيات قوة جديدة، قوامها تفتح الارادة الدولية بصورة باتت واضحة على سبل الحل الممكن، ومن خلال انهاء الاحتلال الاسرائيلي بشكل كامل، بما يحقق لشعبنا طموحاته وتطلعاته العادلة والمشروعة، وهذا يعني ان أمامنا مزيدا من العمل في دروب البناء والتحرير، بما يفرض ضرورة الوحدة الوطنية ان تعود بكامل عافيتها وسلامة أطرها، شرط انهاء الانقسام البغيض، واصطفاف الكل الوطني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولهذا ومن أجل هذا، بات عقد المجلس الوطني الفلسطيني الضرورة الأهم في هذا العام، لأنه عام انهاء الاحتلال الاسرائيلي، فلا بد ان نفعل دون مناكفات ولا مزايدات ولا محاصصات حزبية او فصائلية.
يبقى انه لا بد من الشكر الجزيل لباريس عاصمة النور والحرية، لرئيسها هولاند وقد انجز ما وعد وفق مبادرته النبيلة.. والشكر موصول لكل من حضر مؤتمر باريس، وأيا كانت مداخلاته، لأن كلمة المؤتمر في النهاية كانت كلمة سلام، وهو ما تريده فلسطين ولا تريد سواه اليوم قبل الغد.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير