الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

وادي الفارعة.. "يا مارق عالطواحين"

كان الفنان اللبناني الراحل نصري شمس الدين يشدو بصوته الجبلي الرنان: " يا مارق عالطواحين والميه مقطوعة خايف لتدور الطواحين والحلواية توعى..."، لكن المزارع علي مثقال الحمود ( 71 عامًا) لا يزال يغني على ليل طواحين وادي الفارعة، التي عاصرها قبل أفول نجمها.

يحتمي الحمود من البرد بكوفية حمراء، ويستند على عصا صفراء لينثر ذكرياته العتيقة: كانت ينابيع الفارعة تتدفق في الوادي بقوة، وأقيمت على جوانبه 12 مطحنة قمح تعمل بالماء، وبقيت ثلاث منها تدور حتى العام 1972، وهي: الدبورية، والزكية، والمشاقية، وأذكر جيدًا كيف كنا نجمع الأسماك من محيطها، ولا أنسى ما نقلته لي أمي عن أخي الأكبر أحمد الذي  توفي بعدما سقط في إحدى الطواحين لشدة تدفق الماء.

ذكريات الماء

يضيف، خلال الحلقة 59 في سلسلة "أصوات من طوباس" التي تنظمها وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، وتنشر بالتعاون مع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): كنا نمشي  في "طريق تركيا" كل يوم من وادي الربيعية، ونصل بقايا جسر تركي قديم، ثم نشاهد القادمين على الخيول والدواب، الذين يحملون القمح لطحنه.

ووفق الحمود، فقد اختفت طواحين الوادي: الميثلونية، والدبورية، والربيعية، والمشاقية، والطوباسية، والطمونية، والزكية، وأخواتها، وبقيت أطلال بعضها وذكريات كبار السن الذين شاهدوها تعمل بكل طاقتها أيام الحكم العثماني، ثم شاهدها الجيل التالي، فكان أصحاب الطواحين يجمعون الماء في خرطوم خشبي، ويدفعون به إلى حوض في أسفل البناء، وحين يصب الماء على الحجر المربوط بالأنبوب العلوي، يدور دولاب الطاحونة بقوة كبيرة.

يقول: كان أساس الطواحين العمود الخشبي الذي يشبه محرك الجرار الزراعي الذي يشغّل الأدوات الزراعية، فهو مربوط بحجر كبير في الأعلى، وحين يتحرك تبدأ عملية طحن الحبوب، وإن أراد إيقاف الدولاب، يقترب من طاقة علوية مربوط فيها ألواح خشبية عريضة كان يسميها الأطفال "مندلينا"، حين تسحب يتوقف تدفق الماء عن فراشات المحرك، وإن أراد إعادة تشغيلها يسحب نحوه في جهة معاكسة. فيما كانت أسفل قناطير الطاحونة تسمى "النذر"، وهي منطقة مرتفعة تجري في داخلها المياه، وتحتها حوض الطاحونة في الأسفل.

واستناداً إلى الراوي، فإن طواحين الفارعة كلها كانت تسير بالتتابع، فحين يصل الماء لأول الطواحين وتدور رحاها، تنتقل المياه بسرعة إلى الطاحونة التالية، وهكذا وصولاً إلى الطاحونة الأخيرة، عند جسر الملاقي (الذي يجمع وادي الفارعة بوادي الباذان)، وكلها في خط سير الوادي ذاته.

أجور وطحين

يتابع: كان بعض أصحاب الطواحين يتقاضون ربع الدقيق بدل طحن الحبوب، وبعضهم يأخذ ثلث الطحين، ولم تكن النقود دارجة حتى توقفها في العام 1972، ولم تجف ينابيع الوادي طوال عمل الطواحين، فقد كانت الأمطار غزيرة دائماً.

ويقول: كنت أزرع البطيخ والبندورة والخيار والفستق والشمام في الأراضي الوعرة فوق الوادي، وكنا نسحب الماء من آبار عديدة قبل جفافها، وفي مواسم المطر الجيدة كان الوادي يجمع كميات كبيرة من المطر ثم تشربها الأرض، أو تظل تجري حتى جسر الملاقي وتصل نهر الأردن. أما هذه الأيام فمياه الأمطار تتوقف فترة قصيرة، ثم تشربها الأرض، وقد بدأنا نعاني جفاف الآبار منذ بداية الثمانينات. وقد اسـتأجرت 30 دونما في المنطقة قبل العام 1967 بمبلغ ستين ديناراً لعشر سنوات، وكنت أسحب المياه من المنطقة إلى سهل سميط، وحتى في الأراضي الوعرية كان وزن البطيخة الواحدة يفوق العشرين كيلوغراما.

وبحسب الراوي، فقد جفت بساتين الحمضيات في الوادي وينابيعه، ولم يتبق من طواحين الهواء إلا بعض الآثار المتداعية، وصارت بعض أماكن الطواحين مكرهة تجمع الخنازير، وتجمع ماء المجاري، وتلفظ مطاحن الحبوب آخر أنفاسها، بسبب انتشار المخابز الآلية، وتوقف معظم الناس عن صناعة خبزهم بأنفسهم.

بانوراما وحياة

بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف، إلى أن الوزارة ستضيف إلى برامجها الدورية: "أصوات من طوباس" و"ذاكرة لا تصدأ" الخاص بتوثيق التاريخ الشفوي لنكبة شعبنا والمدن القرى المدمرة، و"كواكب لا تغيب" المكرس لإعادة سرد قصص شهداء الحرية، برنامج جديدة.

وأضاف: سيجري إحياء برنامج "قضية ومسؤول" الذي يفتح نافذة حوار بين أصحاب القرار والمسؤولين والمواطنين، وينقل تلفزيونيًا بالتعاون مع فضائية جامعة القدس المفتوحة، وسيتم إطلاق برنامج "ضياء" لتقديم إطلالة مرئية على مناطق طوباس الأغوار الشمالية بالشراكة مع "القدس المفتوحة"، إضافة إلى سلسلة "نور" لتسليط الضوء على قصص نجاح ومبادرات  تعليمية لافتة، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024