البلدة القديمة في الخليل... من "قلب نابض" إلى "مدينة أشباح"
جويد التميمي
أربعة حواجز رئيسية أقامتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مداخل البلدة القديمة في الخليل: أبو الريش المؤدي من المنطقة الجنوبية إلى حي السهلة والبستان والمدرسة الإبراهيمية والمحكمة الشرعية، و160 مدخل حارة السلايمة، والسوق "بمحاذاة الحرم الإبراهيمي"، وتل الرميدة على مدخل شارع الشهداء.
ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك، بل نصبت الحواجز العسكرية الفرعية بين المنازل، وكاميرات متطورة في زوايا وأزقة البلدة القديمة، إضافة لوضع المتاريس الحديدية والإسمنتية لقطع التواصل بين الحارات، عدا عن الإغلاقات والانتهاكات والاعتداءات المستمرة التي طالت البشر والحجر في المدينة العتيقة، حتى بات يطلق عليها مدينة الحواجز المغلقة أو مدينة الأشباح، بعد أن كانت القلب النابض للمحافظة.
المواطن محمد النتشة (47 عاما)، قال لـ"وفا"، إن "المواطنين هنا يواجهون أقسى صنوف العذاب بفعل الاحتلال ومستوطنيه، من حواجز وتفتيش وإهانة لكرامة الإنسان يوميا".
وأضاف أن مئات المحلات التجارية أُغلقت بزعم تأمين الحماية لعشرات المستوطنين المسلحين، كما أن جنود الاحتلال يداهمون منازل المواطنين بشكل شبه يومي، ويجمعون العائلة في غرفة واحدة، ويعيثون خرابا في بقية أرجاء المنزل.
من ناحيته، قال التاجر رائد ابو ارميلة، إن الاحتلال يمارس ضغوطا يومية على التجار والمواطنين القاطنين داخل المدينة العتيقة في الخليل.
ويملك أبو ارميلة محلا لبيع الفخار داخل البلدة القديمة، وهو بالإضافة إلى ذلك يوثق الاعتداءات الإسرائيلية بكاميراته الخاصة.
وتابع: "خلال الأيام القليلة الماضية، اقتحم جنود الاحتلال منزل المواطن ناجح السلايمة وخربوا محتوياته، كما العديد من المنازل المحيطة، واعتدوا على نجله معتصم (12 عاما)، كما اعتقلوا الطفل فرحات الرجبي (10 أعوام)، إنهم ينكلون بالصغير والكبير، لكنني والسكان جميعا نواجه غطرستهم واعتداءاتهم بالصبر والثبات، وسننتصر لأننا أصحاب حق".
وناشد أبو ارميلة، دول العالم والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، تسليط الضوء على البلدة القديمة، وممارسة ضغوط حقيقية لرفع هذا الظلم عن سكان وزوار الخليل القديمة، والحرم الإبراهيمي الشريف.
إعمار الخليل: متابعة قانونية لإزالة الحواجز والمتاريس
محامي لجنة إعمار الخليل توفيق جحشن قال، لـ"وفا"، "نحن نتقدم عادة باعتراضات للمستشار القانوني لدولة الاحتلال، وفي حال الرفض نتقدم بالتماس للمحكمة العليا لدولة الاحتلال، ونعلم علم اليقين أن الاحتلال يدعي مسببات أمنية واهية ومخالفة للقانون الوضعي والدولي الإنساني، وأن وجود الاحتلال على ارضنا الفلسطينية أصلا مخالف لكافة القوانين والأعراف الدولية، وأن انتهاكات جيش الاحتلال تعتبر جرائم حرب، لكن العالم لا يحرك ساكنا، نحن لن نستكين والتماساتنا واعتراضاتنا التي نقدمها لسلطات الاحتلال، هي لاشتراط المحاكم الدولية عادة، فعلينا استنفاد كافة الإجراءات المحلية قبل الوصول لأروقتها".
البلدية ودورها في تعزيز صمود المواطنين
رئيس بلدية الخليل داوود الزعتري، قال إن البلدية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تقديم الخدمات بكافة أشكالها في المدينة، ومنطقة امتيازها، إضافة لأنها تشكل جزءا رئيسيا في المتابعة السياسية لواقع المدينة لما تعيشه من ظروف خاصة بسبب تقسيمها لقسمين H1، H2، وحماية المناطق المهددة من قبل الاستيطان، تقوم بمتابعة كل الاعتداءات التهويدية والانتهاكات التي تنفذها سلطات الاحتلال ومستوطنوها، بالإضافة إلى التواصل مع المجتمع الدولي وقناصل الاتحاد الأوروبي والدول ذات التأثير والمؤسسات الحقوقية في نقل معاناة المدينة، ومطالبتهم بالضغط على حكومة الاحتلال لوقف الاعتداءات وفضح سياساته.
وأشار إلى أن البلدية، تتابع قانونيا كافة اعتداءات وانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، من خلال تكليف طاقم محاماة خارجي بالتنسيق مع الدائرة القانونية في البلدية، لرفع قضايا ومتابعة كل انتهاك ومساعدة المواطنين في رفع القضايا على الاحتلال، إضافة إلى المتابعة القانونية لإغلاق الشوارع، كشارع الشهداء، ووضع الحواجز على مداخل أحياء البلدة القديمة.
وأضاف الزعتري: "نحن نعمل على مساندة ودعم صمود المواطنين في البلدة القديمة والمنطقة المسماة بـH2 التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، من خلال شراء الأراضي المهددة بالاستيطان، وإعطاء حق الأولوية في تقديم الخدمة للمواطنين المحاذية منازلهم للمستوطنات والبؤر الاستيطانية في المناطق المذكورة، إضافة لمتابعة متطلبات واحتياجات سكان البلدة القديمة وسكان H2 باهتمام بالغ.