لصوص الآثار يهددون تاريخ سلفيت
عُلا موقدي
لا يقتصر المشهد في محافظة سلفيت على ما خلفته المستوطنات الإسرائيلية من استيلاء على الأراضي الزراعية والسكنية فحسب، وإنما تعداها الى المناطق الأثرية والتاريخية القديمة، فمعظم آثار المحافظة تتركز في المنطقة "ج" التي يمنع القيام فيها بأي عمليات تنقيب أو ترميم أو تأهيل فيها، إلا بموافقة الجانب الإسرائيلي.
وفي الإطار ذاته، هناك تأثير غير مباشر على هذه الآثار، ويشكل خطراً موازياً للاستيطان يتمثل في ممارسات لصوص مجهولين، يعملون على سرقة الآثار طمعا في المال، حيث اكتشفت مواقع عديدة تعرضت للنبش والتخريب، كما جرى مؤخرا في قرى حارس وقراوة بني حسان ودير استيا والعديد من بلدات المحافظة.
وفق مدير شرطة السياحة والآثار في محافظة سلفيت بهاء أبو عمر، فإن فصل الشتاء يشكل مناخاً مناسباً لهؤلاء اللصوص، فحمى شائعات وجود الكنوز والدفائن الموجودة في المقامات المعروفة لدى الناس تجعلهم يتحملون عتمة الليل وبرد الشتاء، من أجل تحقيق مكاسب مادية تحسن مستوى معيشتهم، بحسب اعتقادهم.
ونفى أبو عمر وجود أي دفائن أو كنوز في هذه المقامات والقبور؛ لأنه بحسب التاريخ الموجود فهذه القبور هي إسلامية، ومن المتعارف عليه بحسب الشريعة الإسلامية يحرم دفن شيء مع الميت، لذلك لا كنوز تدفن في مقابر المسلمين.
ويقول مدير مكتب الآثار في محافظة سلفيت منتصر موسى، لـ"وفا": منذ حوالي شهر والحفريات مستمرة في أكثر من مقام وقبر في المحافظة، بدأت في مقام استيا في بلدة دير استيا الذي سميت القرية نسبة له، حيث يحتوي على ثلاثة قبور متلاصقة، حفرت ما يقارب متر ونصف وصل الى عظم الجثث، ثم نبش قبر الشيخ أبو عبد الله في حارس، وقبر عمرو بن العاص في قراوة بني حسان.
ويضيف موسى: قبل عام ونصف، سرت شائعات بوجود الذهب بكميات كبيرة في أحد القبور التي حفرت، وبناءً على الشائعة، أصبحت ظاهرة نبش القبور منتشرة بكثرة في المحافظة، وهذا وهم لا أساس له من الصحة.
تحتوي محافظة سلفيت على 140 موقعاً أثرياً تعكس تنوعا حضاريا يعود لحقب زمنية مختلفة، كالآشورية والرومانية والإسلامية، دمر عدد منها تحت جدار الضم والتوسع العنصري، مثل مغارة النطافة في بلدة الزاوية، وعزل جزء كبير خلف الجدار مثل خربة كسفة غرب دير بلوط، وتبتلع المستوطنات بعضها الآخر مثل دير قلعة في قرية ديربلوط، ودير سمعان في كفر الديك لصالح مستوطنة "عالي زهاف" و"بدوئيل" و"ليشيم"، كما أن هناك 32 مقاماً وقبرا تعرض غالبيتها للنبش والتخريب.
وتقوم وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع شرطة السياحة والآثار ووزارة الأوقاف، بالعمل على إعادة ترميم القبور التي حفرت من أجل الحفاظ عليها ، ونشر الوعي لدى الأفراد بضرورة احترام جثث الموتى، والحفاظ على التراث الموجود في المنطقة من خلال توثيقه، إذ أن غياب التوثيق يزيد من احتمالية سرقته والعبث بمحتوياته.
ويقول مدير دائرة التنمية المستدامة في محافظة سلفيت عمر سلخي، "مع بداية العام 2017 شكّلت محافظة سلفيت لجنة خاصة من كافة المؤسسات ذات العلاقة، لتطوير القطاع السياحي والحفاظ على المواقع الأثرية والتاريخية وحمايتها، لتشجيع الاستثمار في هذا المجال وتنفيذ فعاليات ثقافية مرتبطة بالأماكن التاريخية وأهميتها، وتنظيم مسارات سياحية الى هذه المناطق والتعريف بها".
وبحسب قانون الآثار رقم 51 لسنة 1966، فإن مهمة دائرة الآثار رسم السياسة الأثرية للدولة والعمل على التنقيب عن الآثار وصيانة القائم منها، وتجميل ما حولها ونشر الثقافة الأثرية، وتأسيس المتاحف الأثرية والتاريخية والفنية والشعبية.