نابلس بين زلزال 1927 وهزة 2017
بدوية السامري
ما أن شعر المواطنون في نابلس مساء أمس الأربعاء، بهزة أرضية، حتى سارعوا للسؤال والمشاركة ما بين الأصدقاء والأقارب وعبر صفحات التواصل الاجتماعي عن صحة حدوثها، وبدأوا يستذكرون ما تعرضت له مدينة نابلس من زلازل عدة، كان بعضها مدمرا وأودى بحياة الكثيرين، والبعض الآخر ضعيفا لم يشعر به إلا القليل.
وقال مدير مركز الزلازل وعلوم الأرض التابع لجامعة النجاح الوطنية الدكتور جلال الدبيك لـ"وفــا"، إن الهزة أمس حصلت الساعة 8:50 دقيقة بالتوقيت المحلي، وقوتها 5.3 على مقياس رختر، وبلغ عمق الهزة 9.50 كيلومتر في باطن الأرض، ومركزها منطقة شرق جزيرة كريت على بعد 349 كيلومترا جنوب مدينة أزمير التركية.
وأضاف الدبيك أن هذه الزلازل تصنيفها أقرب للضعيف، لكن شعر بها السكان في فلسطين رغم بعد مركزها لأكثر من 700 كيلو متر، بسبب عمق الزلزال الذي أدى الى انتشاره لمساحات أوسع، وطبيعة المناطق وجيولوجيتها، فهناك من شعر به، وهناك من لم يشعر.
وأشار الدبيك إلى أن فلسطين تحوي عددا من البؤر والمراكز الزلزالية، نتأثر نحن ب 6 منها، ولكل منها زمن دوري يتكرر فيه حصول الزلازل كل فترة زمنية معينة تدعى "الدورة الزلزالية"، فمثلا شمال البحر الميت تتكرر بؤرة زلزالها كل 100 عام، بينها شمال بحيرة طبرية كل 500 عام، لكنه يكون مدمرا أكثر.
وأضاف أن شدة تأثير أي زلزال يعتمد على مجموعة من العوامل، وهي العمق، والقرب عن مركز الزلزال، ونوعية التربة ونوعية الأبنية.
وطالب الدبيك بمراعاة التصميم الزلزالي بالأبنية، حيث أصبح تنفيذ التصميم الزلزالي منذ العام 2014، إجباري في المباني الجديدة، من خلال ضبط العناصر الإنشائية والمعمارية، لتكون مقاومة للزلازل، وتم عقد دورات للمهندسين، واعتماد الكود الأردني للتصميم الزلزالي، وهو غير مكلف ولا يزيد العبء المادي إلا 3% -5%..
وتوقع الدبيك إذا ما ضرب زلزال بذات قوة زلزال 1927 مدينة نابلس، سيؤدي الى خسائر كبيرة لضعف الجاهزية للمؤسسات والمباني، وقدرة الإنسان أيضا.
وما زالت تقف بقايا بعض جدران المباني داخل البلدة القديمة، شاهدة على هذه الزلازل، حيث لم يتم ترميمها منذ ذلك الوقت، وتؤشر على مدى قوة الزلزال وقتها.
وفي إشارة لذلك، قال المهندس نصير عرفات إنه وفي كتاب أبو المحاسن "النجوم الزاهرة"، أشار الى زلزال مدمر ضرب مدينة نابلس في القرن الثاني عشر الميلادي، وقال "لم يبق فيها جدار قائم، سوى حارة السمرة".
وبين أن المباني القديمة أقل تأثرا بالزلازل من المباني الحديثة العالية، بسبب سماكة الجدران، وكون مادة البناء ليست صلبة.
وقال إن المباني التي تشكل خطرا أكبر، هي المباني التي بنيت في العشرينيات من القرن الماضي مع دخول الإسمنت، لأن الجدران أصبحت أرفع ولا تحتوي على حديد بما يكفي.
وكان ألحق زلزال عام 1927 وصلت قوته 6.3 على مقياس رختر، ومركزه شمال البحر الميت، أضرارا في بعض مدن وقرى فلسطين، وبلغ عدد القتلى في فلسطين 200 قتيل، ووصل عدد الجرحى 731 جريحا، منهم 356 كانت جروحهم خطرة، إضافة إلى تضرر ألف منزل.
وفي مدينة نابلس وحدها، بلغ عدد القتلى 75، والجرحى 365، وكانت أكثر المدن المتضررة من الزلزال في حينه، حيث سجلت 500 عائلة منكوبة، وذلك حسب الوثائق الموجودة داخل مكتبة بلدية نابلس، والتي تناولت الأضرار التي لحقت بالمدينة، ما أدى إلى هجرة الكثير من العائلات خارج البلدة القديمة.
وكانت تعرضت مدينة نابلس للعديد من الزلازل القوية، وأشدها كان في السنوات 1153، و1201، و1836