إطلاق مشروع التعداد العام للتجمعات الفلسطينية في لبنان
أطلقت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، اليوم الخميس، برعاية وحضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، مشروع "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان" بالشراكة مع إدارة الاحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وحضر الحفل وزير الدولة اللبناني لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، ووزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، ووزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسبيان، والنائبان سيمون ابي رميا وعمار حوري، وسفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وسفراء الدول المعتمدة في لبنان.
كما شارك عدد من رؤساء وممثلي الاجهزة الامنية والمنظمات الدولية والأممية وقادة الفصائل الفلسطينية وممثلين عن المجتمع المدني الفلسطيني، وشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية واعلامية.
بدأ الحفل بالنشيدين اللبناني والفلسطيني، ثم قدم رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة شرحا عن أهمية المشروع لجهة التوقيت والنتائج المتوقعة.
واعتبر ان مناخ التفاهم اللبناني الذي أعاد تحريك عجلة المؤسسات يشكل بيئة مواتية لإعادة البحث بعقلانية بين اللبنانيين أولا، وبينهم وبين الفلسطينيين ثانيا في ضوء المنحى الخطير الذي وصل إليه الوضع الفلسطيني في لبنان، خاصة مع تغلغل الجماعات المتطرفة في بعض المخيمات مستغلة الفقر والتهميش وغياب الدولة عن المخيمات.
وأكد منيمنة أن هذا التعداد وهو الأول من نوعه سيوفر للدولة اللبنانية ومؤسساتها بيانات إحصائية رسمية وشاملة، حول المخيمات والتجمعات التي يقطنها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ما يساعد على تطوير السياسات العامة مستقبلا.
كما أكد أن التعداد يعبر عن إخراج قضية عدد اللاجئين الفلسطينيين من خانة التخمين والتقدير الى جداول الأعداد والوقائع الفعلية، وهو أمر يُدخل لبنان والوجود الفلسطيني على أرضه لغة المعطيات والأرقام الثابتة، بديلا عن أساليب الاستعمال لأغراض سياسية شتى، والتلاعب بالرقم صعودا ونزولا.
واكد ان الحقيقة الوحيدة التي نعلنها أمامكم هو أن هذا المشروع هو امتداد للسياسات الحكومية التي كرستها التوافقات السياسية اللبنانية، وأقرت فيها تحسين أوضاع الفلسطينيين الاجتماعية والمعيشية، وتيسير سبل العيش أمامهم لمساعدتهم على البقاء والصمود ريثما يتحقق حلمنا معا في العودة.
واكد ان الآليات المعتمدة لجهة التنفيذ والإشراف تعبّر عن تلك الروح التي يعتمدها لبنان منذ أكثر من عقد ونصف العقد في الحوار مع الأخوة الفلسطينيين حول المشكلات المتراكمة، مقرونة بعرض واقع القدرات التي تملكها الدولة اللبنانية.
وأعلن منيمنة أن لجنة الحوار شكلت لجنة تنفيذية ترافق هذه الجهود خطوة خطوة، مؤلفة من ممثلين عن الوزارات والإدارات اللبنانية المعنية وكذلك لجنة استشارية من المنظمات الأممية ذات الخبرة في مثل هذه النشاطات، وذلك للمساعدة على تحقيق هذا الإنجاز بأعلى المعايير العلمية وأدق المواصفات. وبالطبع سيشمل هذا التعداد الأسر اللبنانية والسورية وغيرها التي تقيم داخل المخيمات والتجمعات.
واكد منيمنة أن المخيم لا ينبغي أن يكون بؤرة أمنية أو منطقة عاصية على سلطة الدولة، بل أن يظل قضية اجتماعية وانسانية تتطلب المعالجة عبر المسارين القانوني– التشريعي، والتنفيذي العملي، "ومن خلالهما يستطيع الفلسطينيون كشعب أرغمه الاحتلال الاسرائيلي لأرضه على اللجوء والتواجد بيننا، المساهمة في عودة النمو والازدهار للمخيمات وللبنان واقتصاده لحين عودته".
وشدد على أن التعداد سيشكل أساسا متينا لبحث متعمق في قضايا ومشاكل اللاجئين نستطيع الانطلاق منه كمؤسسات حكومية نحو الدخول مع شركائنا من الدول الشقيقة والصديقة، ومن خلال المنظمات الدولية الداعمة للبنان، في صميم المشروعات الملحة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية.
وتابع: إن لبنان باق على دعم قضيتكم في كل محفل وميدان، وصولا الى إقرار حقكم في بناء الدولة الفلسطينية على أرض بلادكم وعودة اللاجئين الى ديارهم، وحتى تحقيق ذلك سنعمل جاهدين معا وسويا على تأمين حقوقكم الطبيعية تبعا لإمكانات لبنان، وثقوا اخواني أن لبنان سيظل يحتضنكم قضية وشعبا ومقومات عيش، وكل التحية لصبركم وصمودكم رغم قسوة الظروف.
ثم القت رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الوزيرة علا عوض كلمة قالت فيها، "يسعدني ويشرفني أن أشارككم اليوم في هذا الحدث ممثلا عن دولة فلسطين، وأن أنقل لكم تحيات القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، وأن أنقل لكم مباركتهما ودعمهما لهذا المشروع، وتمنياتهما له بالنجاح في تحقيق الأهداف المرجوة.
وأضافت: "واسمحوا لي أن انتهز هذه الفرصة لأتوجه باسم الشعب الفلسطيني رئيسا وحكومة وشعبا بالتهنئة للحكومة اللبنانية الجديدة ممثلة بدولة السيد سعد الحريري، مع تمنياتنا له ولحكومته بالتوفيق والنجاح، متطلعين إلى اهتمامها بالحقوق الأساسية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، انطلاقا من العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين الشقيقين".
وأردفت عوض: "نلتقي هنا اليوم في العاصمة اللبنانية "بيروت" لتتويج الجهود المشتركة التي بذلت على مدار الأشهر الماضية بين مختلف الأطراف في الإعداد والتحضير، لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، ليكون لقاؤنا هذا ثمرة هذه الجهود، واعلانا رسميا بانطلاق فعاليات هذا المشروع الهام، الذي يتطلب منا جميعا تضافر الجهود وتكامل الأدوار، حتى نتمكن من التغلب على العقبات والصعوبات التي قد تواجه سير العمل، وأن يتكلل هذا العمل بالنجاح في تحقيق الأهداف المرجوة".
وأكدت عوض أن مشروع التعداد يأتي في إطار السعي المستمر من قبل الحكومتين الفلسطينية واللبنانية، نحو تحسين الظروف المعيشية والصحية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، الأمر الذي يتطلب دراسة دقيقة وشاملة للواقع الاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي للسكان الفلسطينيين المقيمين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، وذلك من خلال تنفيذ تعداد يوفر بيانات إحصائية رسمية ودقيقة وشاملة، لتشكل بذلك قاعدة بيانات أساسية لبناء الخطط والاستراتيجيات ووضع السياسات والبرامج للنهوض بواقع المجتمع الفلسطيني في لبنان.
واعتبرت ان المشروع يشكل أولوية بالنسبة للبلدين الشقيقين، مضيفة: "وقد بُذلت على مدار الأشهر الماضية جهود كبيرة تحت مظلة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، أفضت إلى تطوير خطة عمل مشتركة حُددت بموجبها منهجيات العمل، وآلية التنفيذ والمخرجات المتوقعة وخطة النشر، بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة، وقد توجت هذه الجهود بتوقيع مذكرة التفاهم بين حكومتي البلدين لتشكل إطارا فنيا وإداريا وسياسيا لتنفيذ هذا المشروع".
ثم عرضت مدير عام ادارة الاحصاء المركزي اللبناني ميرال توتليان، تفاصيل مراحل تنفيذ التعداد والتقنيات المعتمدة لجمع المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى منهجية العمل.
وأوضحت توتليان أن إدارة الاحصاء المركزي تقوم بتنفيذ مشروع التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، استنادا إلى قرار مجلس الوزراء رقم 1 تاريخ 25/8/2016.
وأكدت ان لهذا التعداد أهمية كبرى لما يشكله من قاعدة بيانات لجميع المباني والوحدات السكنية وغير السكنية العائدة للمخيمات والتجمعات الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية كافة، بالإضافة إلى الإطار الإحصائي لسحب عينات الدراسات الاقتصادية والاجتماعية للمخيمات والتجمعات الفلسطينية.
كما أنه يتيح بناء نظام معلومات جغرافي لجميع المباني للمخيمات والتجمعات الفلسطينية، ويؤمن لمتخذي القرار المعلومات التي تساعد على رسم المخططات والبرامج اللازمة في ضوء دراسة الوضع الراهن للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وفي الختام، قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في كلمة له إن هذا الإنجاز الذي حصل اليوم كبير جدا، وقد بدأ به الرئيس تمام سلام ونشهد اليوم نتائجه، ومن المهم أن يخدم هذا العمل الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، وأن يرى العالم كله حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان ومعاناة اللبنانيين ايضا.
وشدد على أن وجود الفلسطينيين في لبنان مرحب به، ولكن هذا العمل يؤكد حق العودة إلى بلادهم، "هناك مغتصِب في الأراضي الفلسطينية، وهو إسرائيل، ونرى نتيجة أعماله اليوم، وإن شاء الله حين ينتهي هذا التقرير سنرى النتائج بالأرقام بما يؤكد للمجتمع الدولي والعالم حجم المشاكل التي تسببها إسرائيل في فلسطين ولبنان أيضا".
ووجه الحريري تحية خاصة إلى رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لمجيئها الى لبنان ومشاركتها في هذا المؤتمر، وإلى الوزير السابق حسن منيمنة وجميع العاملين في جهاز الإحصاء، الذين يقومون بعمل كبير لإظهار الواقع بالأرقام للعالم اجمع.
وشدد في ختام الكلمة على "أن اللبنانيين يؤكدون أن حق العودة هو حق لا يمكن التفريط به، ويجب أن يتحقق، لأن لبنان لا يتحمل هذا الكمّ من اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم أن يعودوا، لأن المعاناة تزداد في ظل وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري".
وقال الحريري "من هنا نحن حريصون على إنجاز هذا العمل، وأشكر كل السفراء وكل من أتى للمشاركة في هذا الحدث".