"الحمّة".. ماء في عين النار!
تشعل ملامح مصطفى فقهاء رئيس مجلس قروي عين البيضاء جرس إنذار عنوانه في جوف الأرض، فيرسم مشهد عين الحمة في الأغوار الشمالية، الذي لم يسلم من ملاحقة أوامر الاحتلال الإسرائيلي بمنع ترميمه، عقب السيطرة على نصيب الأسد من النبع الجاري.
يروي خلال الحلقة (61) ضمن سلسلة أصوات من طوباس لوزارة الإعلام، التي تنشر بالتعاون مع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): "يسبق هذا النبع إقامة إسرائيل، وكان مشهورا بمياهه المعدنية العلاجية، ونقل لنا الآباء والأجداد قصة العين، التي أقام عليها أهالي المنطقة حمامات كانت وجهة للعلاج الطبيعي، تشبه حمامات ماعين الأردنية، قبل أن يتبدد كل شيء".
سلب ونهب:
يتوغل فقهاء في وصف العين، فيقول إنها تقع في الجنوب الغربي لقرية عين البيضاء، وتبتعد عنها نحو كيلومتر واحد، وتجاور التل الذي يحمل الاسم ذاته، وتحاط بكردلا وخلة حمد والفارسية وبئر الزعبي وقرية جباريس المُدمرة، فيما كان تدفقها يتجاوز كل ساعة العشرين مترا مكعبا، لكنها اليوم فقدت نحو 60% من قدرتها؛ بفعل نهب الاحتلال لجوف الأرض في الأغوار، وحفره لبئر بردلا.
ويعيد الراوي إلى الأذهان أول اتفاق مائي فرضه الاحتلال عام 1976 على أهالي المنطقة، كان يقضي بتعويض أصحاب 6 آبار جوفية بـ20% من حقوقهم التي كانوا يحصلون عليها قبل النكسة، لكن الاحتلال عاد واقتطع نصف الحصة المتفق عليها.
يكمل فقهاء: "كانت آبار الأغوار وينابيعه تنتج قرابة 22 مليون متر مكعب في العام، انخفضت اليوم إلى نحو 1,8 مليون، وتوجهنا مؤخرا لعين الحمة لتأمين العجز الكبير، وقبلها كنا نسحب الماء بأنابيب ومضخة، توزع على 52 حصة، كانت تروي عطش 650 دونما، تراجعت اليوم إلى 280 فقط".
هدم وتعطيش:
ومما يستجمعه رئيس المجلس القروي لعين البيضاء، التجمع الذي لا يفصله عن نهر الأردن سوى أراضي قرية الدير المدمرة، فإن مياه الحمة الملاحقة اليوم، كانت تسير في قنوات تقليدية تخترق الحقول بمسافة 1200 متر، وتروي خلال مرورها الخضروات والبطيخ والشمام، وانتشرت فيها أسماك السردين، قبل أن يتغير الحال.
ووفق فقهاء، فإن الحمة لم تفقد فقط نبعها، بل تعرضت منازلها لهدم كامل بعد الاحتلال بوقت قصير شرد 20 أسرة، كانت تعيش على الزراعة، وتتنقل بحرية إلى الضفة الشرقية من نهر الأردن، التي لا تبتعد عنها غير 3 كيلومترات، مثلما سرقت آثارها الرومانية.
ينهي: "خسرت قريتنا نحو 5 آلاف دونم كانت تزرع بالحبوب والخضروات، وتعرضت عام 1967 لعملية هدم طالت المدرسة والعيادة الصحية ومركز الشرطة (كان يسمى مركز الفرسان ويستخدمه الجيش الأردني وقتها)، وها هي اليوم تتهدد بمياهها الشحيحة".
جولات إعلامية
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف إلى أن الوزارة ستسلط الضوء من جديد على واقع الأغوار، خلال جولة إعلامية بالشراكة مع المحافظة، ستشمل يرزة التي تشتهر بمناطقها الأثرية وجمال طبيعتها، ويحولها الاحتلال إلى منطقة تدريب عسكري متكرر، فيها 16 بيتا 15 منها مهددة بالهدم، وتتعرض لاعتداءات متكررة، في كل منها مصاب بفعل ألغام الاحتلال، ومخلفات التدريب. إضافة إلى ابزيق التجمع الذي تلقى 22 بيتا من بيوته الـ32 إخطارات بالهدم. بجوار الحمة التي تشهد إقامة بؤرة استيطانية على حساب الأراضي والمراعي.
وأشار إلى أن الجولات الست الماضية نفذت في تجمعات: عاطوف، والفارسية، وعين الساكوت والمالح، والحديدية، وحمصة، والرأس الأحمر، ونقلت حكاية الصمود والملاحقة اليومية للمواطنين، مثلما أنتجت الوزارة فيلمين وثائقيين عن المالح وعين الساكوت.
ha