الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

عبد الله..رجل الخمسة عشر ربيعاً..يصعد درب نجاحه كل يوم على دراجة

في المقعد الأول، وببساطة متكاملة، وأنسجام تام يجلس عبد الله عصيدة الذي يعاني من ضمور العضلات، طالباً كغيره من الطلاب في الصف الثالث الإبتدائي في مدرسة تل الأساسية، يسرع للمشاركة والتفاعل كلما وجه المعلم سؤاله إلى الطلبة، ولا يتوانى عن الكتابة على السبورة، أو مشاركة صفه اللعب والمزاح.
في بداية جولتنا يصحبنا المدير أحمد عبد الجليل رمضان، لاستطلاع عبد الله في أجواءه المدرسية الخاصة، وقبل صعودنا إلى الطابق الثاني حيث يوجد صف عبد الله، يشير لنا المدير إلى دراجة مهترئة متآكلة، هي وسيلة مواصلات الطفل عبد الله نحو مدرسته كل يوم، يقول المدير: " هو من يحمل هذه الدراجة ولا أظن أنها من تحمله، فمنزل عبد الله يقع على مسافة بعيدة عن المدرسة، وفي طريق مليئ بالمنحدرات والمرتفعات، بشكل يغدو فيه ركوب هذه الدراجة خطراً لطفل عادي، فكيف لطفل مثل عبد الله؟"
يضيف أيضاً: " هو قدوة ومثل للطلاب الآخرين، مجد ومجتهد، ليس بإمكاني أن أصفه سوى بأنه رجل، يتحمل مسؤولية نفسه، ويواظب على مذاكرة دروسه، ماهر في إنشاء الصداقات وتكوين العلاقات الإجتماعية، وهو الآن ورغم إعاقته الحركية أحد اللاعبين في فريق كرة القدم في صفه، ويصر أن يقف في خط الهجوم، روح كهذه ومثابرة ترفع رأسنا عالياً".

الخروج إلى النور..

قبل  شهرين أتم عبد الله ربيعه الخامس عشر، في ذلك الوقت كانت عاملة برنامج التأهيل المجتمعي_ التابع لجمعية الإغاثة الطبية والهلال الأحمر الفلسطيني_ في قرية تل وصرة وبالتعاون مع المجلس القروي هناك، تقوم بزيارات ميدانية لذوي الإعاقة، ترفع من معنوياتهم، تقدم لأهاليهم النصح والأرشاد، تزودهم بالمعلومات، تقدم لهم التحويلات، توفر لهم الأجهزة المساعدة، وتساهم بشكل كبير في إخراج عدد منهم إلى النور..وهذا ما جرى مع عبد الله.
في صيف هذا العام، نظمت سعدية حمد/ عاملة التأهيل، مخيماً صيفياً لذوي الإعاقة في قريتي تل وصرة، حظيت بدعم منقطع النظير من المجلس القروي، واستطاعت أن تجذب عبد الله ليخرج من قوقعته ويشارك فيه، وقد كان لها ما أرادت. فاستطاعت خلال فترة قصيرة أن تشعل فيه حبه للحياة، وبعد انتهاء المخيم الصيفي، كان عبد الله قد اختط درباً جديداً له.. وهو الذهاب إلى المدراسة..
تقول عاملة التأهيل:" حاولت كثيراً مع والدته لدمجه في إحدى مدارس القرية، وككثير من الحالات نواجه صعوبة في إقناع الأهل بأهمية التعليم لأطفالهم من ذوي الإعاقة، فحيناً يرونه عبئاً لا نفع فيه، وحيناً يتملكهم خوف مبالغ فيه على أطفالهم، لكننا بالتعاون مع المجلس القروي ومديرية التربية والتعليم والمدرسة استطعنا تأمين جو مناسب لدمج عدد كبير من الأطفال في المدارس، الداعم الأساسي لنا في مشروع الدمج هو تحفيز الرغبة عند الطفل للذهاب إلى المدرسة، وعبد الله أثبت قدرته على التواصل مع أقرانه ورغبته في إثبات نفسه، وكان له ما أراد"
بعد إصرار عبد الله على أهله لضمه إلى المدرسة، قامت عاملة التأهيل بالتواصل مع المدير أحمد عبد الجليل، الذي أكد لنا أنه لم يتردد لحظة في قبول عبد الله، مؤكداً أنه على ثقة بأن مستقبلاً ماهراً ينتظر هذا الفتى، وما علينا سوى تمكينه للوصول إلى الخطوة الأولى في سلم النجاح.


دور ريادي وزيارات مكوكية لقسم التعليم الجامع..

وعن دور التربية والتعليم يقول المدير: لمست في عبد الله روحاً تواقة، والأهم من ذلك قدرة متميزة في الدراسة، فهو قادر على الكتابة والقراءة، وله إلمام باللغة الإنجليزية، ومستواه جيد جداً بالرياضيات، علماً أنه لم يدخل المدرسة وإنما نتيجة لمتابعته لدراسة إخوته الاكبر منه، بعد إطلاعي على مستواه ومن خلال التواصل الدائم مع مديرية التربية والتعليم، قام وفد من قسم التعليم الجامع بزيارة المدرسة، والإطلاع عن كثب على قدرات عبد الله، حيث قاموا بإجراء امتحان قدرات له، أثبت فيه أن مستواه أكبر من الصف الأول الذي تم تسجيله فيه، ويجاوز الصف الثاني والثالث ويصل للرابع، لكننا وحرصاً على مستواه ارتأينا أن يزداد معرفة من خلال دمجه في الصف الثالث، ويبدو لي الآن أنه كان خياراً صائباً لما أراه من تكيف مميز له مع أقرانه، بعد ذلك استمرت زيارات قسم التعليم الجامع لنا، وإرشاداتهم لطاقم المدرسة حول أساليب الدمج، وفي كل زيارة كانوا يتحادثون مع عبد الله ويتطلعون على وضعه عن كثب.
من جانبها عبرت عاملة برنامج التأهيل المجتمعي في البلدة سعدية حمد، ومنسقة مشروع الضغط والمناصرة ردينة أبو جراد، عن تثمينهما لدور مديرية التربية والتعليم وخاصة قسم التعليم الجامع، للتعاون المثمر وللجهود الملموسة التي يقومون بها على صعيد دمج الأطفال في المدارس، وأكدت أبو جراد أن التنسيق الدائم بين برنامج التأهيل ومديرية التربية والعليم وقسم التعليم الجامع، قد أدى إلى تطور أكيد على صعيد عمليات الدمج داخل المدارس وتوفير البيئة التعليمية الأنسب للأطفال ذوي الإعاقة، وتدعيمها من خلال زيارات مستمرة ومكوكية بين المدارس، ولجان تحديد المستويات للطلبة، هي مدخلات أنتجت تزايداً ملحوظاً في أعداد الطلبة المدمجين في المدارس، إضافة إلى دخول هؤلاء الطلبة حيز المنافسة والتفوق مع أقرانهم بفضل سياسات الدمج المتوازي التي تهدف لتطوير البيئة التعليمية بحيث تكون متساوي في الجهد لكل  الطلبة .

هؤلاء هم أصدقائي..

عبد الله الذي يطالعنا بابتسامة خجولة منتعشة لما هي فيه، يطلعنا على مشارعيه الصغيرة على نشاطاته في الإذاعة المدرسية، ويعرفنا على أصدقاءه، يسحب هذا من كم قميصه، ويزيح آخراً بجانبه ثم يقول:" هؤلاء هم أصدقاء"، آتي باكراً إلى المدرسة، ألعب معهم كرة القدم، يساعدونني في الوصول إلى مدرستي، يشاركونني حل الواجبات، وأدردش معهم على الفيس بوك، هنا يبدأ عبد الله تصنيف أصدقاءه، صديقي في كرة القدم وصديقي على الفيس بوك.
يستعد عبد الله الآن لإنهاء حفظه للجزء الأول من القرآن الكريم، كما ويشرف على  كتابة وإعداد مسرحية مدرسية خاصة بحقوق ذوي الإعاقة يقوم هو وطلاب صفه بتمثيلها.
ويطمح عبد الله الذي بدأ يصعد أولى درجاته أن يغدوا ذات يوماً، عالماً أو تكنولوجياً أو متخصصاً في الحاسوب والكمبيوتر، شغفه الآخر بعد المدرسة، يحاول جهده الآن لملمة ما تبقى من مصروفه المدرسي لتحصيل ثمن حاسوب محمول يستطيع من خلاله أن يطالع العالم، فهو يرى أن بإمكانه الصبر على دراجته المتهالكة، لكنه لا يستطيع صبراً للوصول إلى أحلامه وطموحاته.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024