ملك المائدة
بدوية السامري
أمام "ملك العكوب" المحل الأكثر شهرة في بيع العكوب وسط مدينة نابلس، رددت "أم نبهان" صقر، الأغنية المشهورة الخاصة بالعكوب، وحفظتها منذ صغرها "هالعكوب أبيض وشلبي.. له طعمية باللحمة واللبنية.. شوكه غزغزلي ايديا.. وعلم فيي دروب دروب.."
وتشير صقر الى أن ملك الأكلات في نابلس هو العكوب، وأن ارتباطه بأهالي نابلس ارتباط غريب، وتقول: "أنا أنظفه بيديّ، حتى لو آلمني، أفضل تحضيره بنفسي".
ومع نهاية شهر شباط حتى منتصف آذار يتصدر عرض العكوب على جميع الخضروات والفواكة في محلات بيع الخضروات، "في موسمه هو الملك والسيد دائما"، هكذا يقول أصحاب المحال في اشارة لتمييزه في هذه الفترة.
"أم جواد" فطوم، سيدة من مدينة طولكرم متزوجة في نابلس، عرفت العكوب وأحبته بعد أن سكنت نابلس، وها هي تشتري كيلو واحد من العكوب لتحضيره لزوجها الأكلة المفضلة لديه، بينما ستنتظر قليلا لكي تقوم بتخزينه لتطبخه متى أحبت خاصة في شهر رمضان.
18 يوماً والعكوب في أسواق نابلس، سعر الكيلو الواحد 15 شيقلا، ويصل إلى 40 شيقلا للكيلو الواحد المنظف، ورغم ارتفاع ثمنه الا أن هناك بعض الأسر تقبل على شرائه، ففي أيامه الأولى يكون العكوب طري غض، وله طعم لذيذ.
ويقول صاحب المحل جمال المدني، من يريد أن يميز ضيفه في نابلس بعزومة غداء، فالعكوب خير اختيار.
ويتبع العكوب فصيلة النجمية، وهو نبات شوكي، ويصنف من النباتات الزهرية أو كاسيات البذور، ويعتبر من النباتات القابلة للأكل في نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع في شهري شباط وآذار، ويصبح النبات تدريجيا أكثر جفافا مع بداية فصل الصيف، وتنمو الأشواك بشكل أكبر ويتحول إلى اللون الأصفر، وبفعل الرياح، يتم نشر البذور الجافة الى الأرض لمحصول العام التالي.
وما تحويه أسواق نابلس جزء منه وارد من الخليل والجزء الآخر من منطقة الغور. ويشرح رائد حسونة أحد الباعة، الفرق بين العكوب الخليلي والغوري، لافتا أن "العكوب الخليلي" حبته أقصر ويحوي عددا أكبر من الثمر، بينما الغوري أطول وله عروق أكثر، وغالبا يفضل المواطن، "الخليلي" لأن الثمر فيه أكثر من العروق، لكن بالنسبة للطعم، كلاهما له الطعم ذاته.
ويشير يوسف الحسن وهو بائع آخر، الى أن سوق العكوب ما زال ضعيفا في هذه الفترة، وأن سوقه يشتد في منتصف شهر آذار عادة.
لكن تبقى مشكلة البعض في جمع العكوب من مناطق الغور، حيث يُغرم الاحتلال من يحاول جمعه بآلاف الشواقل، ويقول أحدهم: "جمعت بعضا من العكوب، وعند اقتراب جيب احتلالي تركته مكانه، لأنهم سيغرمونني نحو 6 آلاف شيقل.
وبعض أهالي نابلس يفضلون شراء العكوب في بداية موسمه لتذوق الطعم، وينتظرون لتنخفض أسعاره للتخزين.
وتقوم سيدات نابلس في كل عام بتخزين عدد من الكيلوغرامات من العكوب، لتحضيره خصوصاً في رمضان، حيث يقمن بغسله بالماء الساخن واضافة الملح اليه، ومن ثم يقمن بقليه ووضعه بالمصفاة، قبل أن يتم تقسيمه إلى طبخات متعددة وتجميده في الثلاجة..
وهناك العديد من الطبخات التي تتفنن بها سيدات العكوب، فيطبخنه على "أدامه" ومع لبن، وعجة مع بيض، ومع المفتول يحضر أيضاً، ويقلى لوحده..