تشوهات مصطنعة
حمزة الحطاب
إصبع مبتور، أو يد تقطر دماً، أو عين مفقوءة، أو تشوهات في الوجه، أو طفلة بملامح عجوز، أو حروق وجروح وندب، خلاصة ابداع طالبة في السابعة عشرة من عمرها، لم تتعلمه من خلال معاهد ولا على أيدي خبراء، بل بطريقة ذاتية.
رغد القواسمه طالبة الثانوية العامة بدأت مشوارها في رحلة "الميكياج السينمائي" قبل عام ونصف، من خلال الدروس والشروح الموجودة على موقع يوتيوب، وأخذت تنمي قدراتها شيئا فشيئا، وكانت في بداية الامر تستخدم أدوات بسيطة كبديل عن المواد المستخدمة في الميكياج السينمائي.
تقول رغد: "في البداية كنت استخدم مواد كالنشا والطحين والفازلين وكريم الأساس، وكانت تعطي نتائج شبه مقبولة، وبدأت اتعلم كل مادة كيف يمكن استخدامها وفي أي الجروح، وبعدها تعلمت كيف يكون القطع، وكيف نكشف عن العظم ليكون الشيء متقنا وحقيقيا أكثر. الآن اشتري بعض المواد من الخارج عبر الانترنت لعدم توفرها هنا".
وترى القواسمه أن المستقبل سيتيح العمل على إنتاج أعمال سينمائية، ستكون بحاجة للميكياج، "لماذا لم نر أفلاماً فلسطينية؟ ربما ما أعاق الإنتاج هو غياب المؤثرات وعدم وجود متخصصين لإنتاجها. توفر هذه الميكياج السينمائي سيقود إلى إنتاج أفلام فلسطينية ومنها الـ(لآكشن)".
ولولا الدعم العائلي لما تسنى لرغد الوصول لما هي عليه الآن، إذ حصلت على التشجيع الكامل ماديا ومعنوياً من والديها، وكان إخوتها دائما الاوائل للتجربة واعطائها المساحة والوقت المطلوب.
تذكر صفاء أبو خرشيق أنها شعرت بالخوف عندما بدأت ابنتها رغد رحلتها بفن "الميكياج السينمائي"، حين كانت في مرحلة حاسمة من التعليم "الأول ثانوي والتوجيهي"، وسرعان ما تلاشى هذا الشعور عندما لمست العائلة قدرتها على الموائمة بين الدراسة والفن.
تقول صفاء: "توقعنا نجاحها وإتقانها لهذا الفن الغريب ولكن ليس بهذه الدقة والحرفية، كل مواهبها سواء بالفن التشكيلي، أو الميكياج السينمائي، أو صناعة الخرز، أو حتى تعلم اللغات، تفجرت من خلال ما يتوفر على الإنترنت من فيديوهات تعليمية. راسلتنا مؤسسة لكي تقوم برعاية رغد وما زال الموضوع رهن الدراسة، سنطلب منها خلال الفترة القادمة تجميد نشاطاتها للتركيز على مرحلة الثانوية العامة".
رغد لم تبق عملها بفن الميكياج السينمائي حبيسا لذاتها وأهلها، بل شاركته للآلاف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما شاركت بعرض أقامه النادي الثقافي في جامعة الخليل نال اهتمام الطلبة وتفاعلهم، لتكون نموذجاً للاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، في تسخير محتواها لما هو مفيد من جانب، وللتأكيد على الإبداع رغم شح الامكانيات من جانب آخر.
ولم يكن الميكياج السينمائي أول المضامير الفنية التي انطلقت بها رغد، فهي فنانة تشكيلية، وتمتلك مرسما بمنزلها يحتوي كل الأدوات اللازمة للرسم، كما أنها شاركت في عدة معارض، منها، "أطول سلسلة فنية" في الخليل ورام الله، ومعرض "عظماء التاريخ" في الخليل، كما شاركت في رسم جداريات في مناطق مختلفة بمدينة الخليل، وفي رصيدها ما يزيد على 50 لوحة فنية تشكيلية.