نابلس "مدينة المدن"
بدوية السامري
كثيرون من سكان نابلس وزائريها لم يقوموا بزيارة المواقع الأثرية والتاريخية فيها، وغالبا ما يتوجه زوار المدينة إلى المطاعم والمحلات التجارية، رغم أن نابلس المدينة العريقة حضارياً وتاريخياً، هي مدينة المدن كما يصفها مدير دائر تطوير المواقع في وزارة السياحة والآثار عبد الرحيم عواد، وفيها آلاف المعالم التي يمكن زيارتها.
هي شكيم الكنعانية، ونابلس الرومانية، والمدينة السامرية، ومدينة نابلس العربية الإسلامية من العهد المملوكي حتى اليوم، والمتمثلة في البلدة القديمة.
وتضم محافظة نابلس 266 موقعاً أثرياً، وآلاف المعالم الأثرية والسياحية، ويخشى عواد خسارتها نظرا أولا للاستهداف الإسرائيلي الذي يسيطر ويضع يده على عدد منها كقمة جبل جرزيم، ومواقع في سبسطية، وعلى معبد زيوس (جوبيتير) وهو أهم المعابد الرومانية المكتشفة في فلسطين، وثانيا لقلة الاهتمام بهذه المواقع من ناحية النظافة والترتيب من قبل العديد من الجهات، لأن مسؤوليتها تعتبر مشتركة، يشارك المجتمع المحلي في الحفاظ عليها، ويجب أن تبذل جهود عدة لذلك.
في مدخل مدينة نابلس الشرقي عند منطقة بلاطة البلد، تطل مدينة شكيم الكنعانية وتقع فوق تل بلاطة، وقد أسسها الحويون الكنعانيون في أواسط الألف الثالث قبل الميلاد.
وجنوب المدينة يقع جبل جرزيم الذي يقدسه السامريون، أصغر طائفة دينية بالعالم، ويقول عواد إن ما يميز نابلس وجود هذه الطائفة فيها، وهذا ما سنبدأ به في دراساتنا وأبحاثنا للمطالبة بأن تكون المدينة على لائحة التراث العالمي في اليونسكو.
يقع جبل جرزيم على ارتفاع 881 مترا فوق مستوى سطح البحر، ويسمى أيضا جبل الطور، وتوجد على قمة الجبل منازل الطائفة السامرية، وفي هذا المكان بنى السامريون معبدهم حوالي سنة 332 قبل الميلاد.
ويشير عواد إلى أن الكثير من المقومات تؤهل نابلس لتكون على لائحة التراث العالمي أكثر من غيرها، فالمدينة تحوي الكثير، وفيها أيضا المقبرة الرومانية الشرقية وتقع على أول الطريق المتفرع عن شارع عمان والمؤدي لبلدة عسكر، وهي مقبرة أنشئت في القرن الأول الميلادي وأعيد استخدامها في القرن الثاني والثالث الميلاديين. ويظهر فيها نوع من الفن والحضارة الهيلينيستية، ويوجد بها عشرة قبور ويعتقد أنها تعود لإحدى العائلات الثرية في نابلس.
وتضم المدينة ميدان سباق الخيل، ويقع على طريق نابلس– طولكرم، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، إلا أنه هدم في القرن الثالث الميلادي، وتم اكتشاف أجزاء منه في البداية سنة 1941م، وفي سنة 1980 تم اكتشاف البوابات الحجرية لمداخله السبعة، التي كانت تقف عندها عربات المتسابقين، ثم تم الكشف عن أساسات مقاعد المتفرجين على جانبي الممر، ويعتقد أنه كان يتسع لثمانية آلاف متفرج.
المسرح يقع أعلى حارة العقبة في منطقة حي كشيكة من رأس العين، ويعود بناؤه إلى النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي. وقد اكتشف صدفة سنة 1979، وهو يعتبر أكبر مسرح روماني مكتشف في فلسطين، حيث يبلغ قطره 100 متر. وقد أهمل بعد انتشار المسيحية، حيث أصبحت العروض الوثنية السابقة غير مقبولة، ومن ثم حولت منصة العرض منه إلى بركة ماء.
وفي نابلس المدرج، ويقع خارج البلدة القديمة من المدينة، مقابل المستشفى الوطني على طريق نابلس-طولكرم، ويعود في بنائه إلى القرن الثالث الميلادي، وقد اكتشف سنة 1980م، وكان مكانا للمصارعة على الحياة بين المتصارعين والحيوانات المفترسة.
وعلى طريق نابلس– طولكرم غرب مدرسة الكندي، تقع المقبرة الرومانية الغربية، وقد أسست في القرن الأول ثم أعيد استعمالها في القرن الخامس الميلادي، وقد اكتشفت سنة 1946م أولا، ثم أعيد اكتشافها سنة 1960م، وهي عبارة عن مجموعة من المغر التي بداخلها وخارجها قبور حجرية، وتعتبر بمثابة مقبرة رومانية عسكرية.
ويوجد في نابلس بئر يعقوب وهو موقع سياحي هام، عبارة عن كنيسة بنيت في القرن الرابع الميلادي، ثم رممت وأضيف إليها أبنية مختلفة بالقرن السادس والقرن الثاني عشر، وأخيرا عام 1908م، ويوجد داخل الكنيسة في قبو تحت الأرض، بئر قديمة يقال إن السيد المسيح مرّ بها في قصته مع المرأة السامرية. يقع بئر يعقوب في الطرف الشرقي لمدينة نابلس في منطقة بلاطة البلد على الطريق الرئيسي، وهو مفتوح للزوار يوميا. كما أن هناك العديد من الجوامع، منها الجامع الصلاحي الكبير، وجامع الساطون، وجامع الخضراء وغيرها، إضافة إلى الكثير من الأضرحة والمقامات.