خارطة الطيور في فلسطين
زهران معالي
تتزين سماء فلسطين في شهر شباط كل عام، بقدوم مئات الأنواع من الطيور المهاجرة، والتي تقدر أعدادها بالملايين مع بدء موسم الهجرة الربيعية من أفريقيا لشمال الكرة الأرضية، والتي تبدأ في 15 شباط، وتستمر حتى منتصف نيسان/ابريل.
موقع فلسطين الجغرافي المتوسط بين القارات الثلاث، وتنوع النظم المناخية فيها بين الساحلية، والجبلية، والصحراوية والأغوار، واختلاف الارتفاع والانخفاض عن سطح البحر، جعلها مقصدا للطيور في كلا موسمي الهجرة الربيعية، والخريفية، التي تبدأ من منتصف آب، وحتى منتصف تشرين ثاني، ما أضاف تميزا للتنوع الحيوي للبيئة الفلسطينية.
مدير جمعية الحياة البرية في فلسطين التي تتخذ من بيت ساحور مقرا لها، عماد الأطرش تحدث لـ"وفا"، ما يقارب 500 مليون طير تمر فوق فلسطين في كل فصل هجرة، ذهابا، وإيابا، من أوروبا إلى أفريقيا، حيث يتواجد 400 نوع من الطيور المهاجرة، و150 نوع آخر مقيمة ومفرخة.
وخلال هذه الفترة ينشغل باحثو الجمعية الـمتخصصون في مجال علـم الطيور، في تتبع ورصد الأنواع المختلفة من الطيور المهاجرة، تحديدا في المنطقة الممتدة من مرج ابن عامر لعين البيضا، والتي تعتبر عنق زجاجة لهجرة الملايين من الطيور القادمة من أوروبا، والتي تستقر بين أم الريحان قرب يعبد وصولا لمرج ابن عامر ولعين الساكوت في الأغوار، وفق الأطرش.
الأرقام الضحمة لأعداد الطيور المهاجرة والمقيمة في فلسطين مقارنة بمساحتها بالدول الأخرى، دفعت مراسل وكالة "وفا" للبحث عن خارطة توزيع تلك الطيور في الأراضي الفلسطينية، والتي تبين أنها تتوزع بأربعة أنواع: العصفوريات، الدجاجيات، الطيور المائية، الطيور الجارحة.
ويشير الأطرش إلى أن العصفوريات كثيرة ومتنوعة في أنحاء فلسطين تتوزع في سبعة مجموعات، أبرزها، الفصيلة القنبرية وهي من الطيور صغيرة الحجم ومنتشرة في أنحاء فلسطين، وهي ذات أنواع عديدة مثل: المتوجة، البادية، الحقل، الصغيرة الصحراوية وذات القرنين، والقنبرة الهدهدية.
وينوه لفصيلة الذعرة وهي من الطيور المهاجرة حيث تعبر فلسطين من الشمال إلى إفريقيا، إلا أن قسما منها يبقى في فلسطين طيلة فصل الشتاء، كالذعرة البيضاء أو الرمادية، وذعر أبي تمره البوادي وذعر أبي تمرة الصخور.
وهناك فصيلة الصرد، ومنها الصرد الرمادي الكبير، أما الصرد الرمادي الصغير، والصرد الأحمر، والصرد المقنع والصرد الأحمر الظهر فهي طيور مهاجرة تستقر صيفا في جبال فلسطين لتضع بيضها.
ويشير الأطرش كذلك لفصيلة الهوازج وهي من الطيور المهاجرة، إلا أن بعضها يمكن أن يستقر صيفا لوضع البيض والتفريخ في أدغال القصب والتلال الفلسطينية، مثل:هازجة القصب الكبير، والقصب الصغير، خنشع شجر الزيتون، الخنشع الشجري، وهازجة الشوارب.
وتعتبر فصيلة "الشحارير" خامس أنواع العصفوريات، وهي طيور مقيمة في فلسطين ومنتشرة فيها بشكل كبير، وتتواجد على عدة أنواع منها: السمنة، الأبلق، القليعي، الحميراء، أبي الحناء، الشحرور الشامي. وينتشر الأبلق العربي والأبلق الحزين "الاندلسي" في فصل الشتاء في جبال فلسطين، أما أبلق البادية فيزور فلسطين في فصل الشتاء.
وهناك فصيلة "السنونو ومنها" خطاف الشواهن الذي يقيم في جبال الخليل، في حين يزور البلاد في فصل الصيف السنونو، والسنونو الأحمر العجز، وخطاف البيوت، وخطاف الشواطئ.
ومن العصفوريات كذلك فصيلة البلابل، كالبلبل المعروف بصوته الجميل وبنظارته البيضاء وبطنه الأصفر وهو يعيش في كل أنحاء فلسطين عدا المناطق الجنوبية، وينتشر بشكل كبير في فصل الربيع. بالإضافة لفصيلة الزرازير، وهي طيور مهاجرة تستقر شتاء في وادي الأردن وجبال والسفوح الشرقية والسهل الساحلي.
وفيما يتعلق بالدجاجيات، يؤكد الأطرش أنها منتشرة بكثرة في فلسطين، بل لا تكاد منطقة تخلو منها، ويوجد في فلسطين أنواع عديدة منها، كالحجل الجبلي الفلسطيني ويعيش في معظم مناطق الضفة الغربية، والحجل الصحراوي "الصفرد" في مناطق السفوح الشرقية للضفة الغربية، والحجل الأسود "السبت"، ويعيش في وادي الأردن في مناطق أريحا والعوجا وسجل في جنين مؤخرا بسهل مرج ابن عامر وطوباس، والسمان وهي طيور مهاجرة خلال الخريف والربيع، ويستقر قسما منها في فلسطين خلال فصل الشتاء.
وهناك من الدجاجيات كذلك القطا، ويعيش في مناطق السفوح الشرقية في برية القدس بالقرب من مصادر المياه، ويوجد على عدة أنواع كالقطا العراقي، والقطا المرقط (وهي قليلة العدد)، بالإضافة إلى الحماميات، ومنها الحمام الطوراني الذي ينتشر في معظم فلسطين، والحمام الفلسطيني واليمام الذي يعيش في وادي الأردن. أما القمري فهو طائر مهاجر يصل إلى فلسطين في شهر نيسان من كل عام ويقيم فيها طوال فصل الصيف، أما حمام الدبسية فيعيش في وادي الأردن والقدس.
وتمثل الطيور المائية النوع الثالث من الطيور في فلسطين، وتألف المناطق الرطبة ومصادر المياه الطبيعية أو الصناعية وتعيش على ضفاف نهر الأردن، وشاطئ البحر المتوسط، وهي كثيرة الأنواع مثل النوارس وخطاف البحر، وفق الأطرش.
ويشير إلى أن لها العديد من الفصائل، كالزقزاقية حيث يوجد في فلسطين الزقزاق المطوق، والزقزاق الصغير ويعيش بالقرب من مصادر المياه أو المناطق الزراعية، والزقزاق الذهبي الذي يعيش في الأراضي المزروعة. كذلك يوجد الزقزاق الإسكندراني، والزقزاق الأغبر، والزقزاق الرملي الكبير والزقزاق الرمادي كما يوجد في فلسطين أنواع أخرى من الزقزاق مثل الزقزاق الشامي، وزقزاق الفطيرة، وزقزاق الدريجة.
وهناك فصائل أخرى من الطيور المائية، كفصيلة "الطيطوية"، وأهمها الطيطوي الأحمر الساق. وفصيلة الكروانية، وأهمها كروان الماء، كروان الجهلول العادي والصغير، وديك الغاب، فهي طيور مهاجرة تزور فلسطين في فصل الشتاء. كذلك يوجد الكروان الصحراوي في غور فلسطين والكروان العسلي في جنوب فلسطين، أما طير أبو اليسر فيزور البلاد في فصل الصيف.
ويرى الأطرش أن "النورسيات" أحد أهم الطيور المائية المهاجرة لفلسطين، كالنورس الفضي، والأرميني والنورس العادي، والنورس الأودويني والنورس الأسود الذي يعد أكثر الأنواع انتشارا في فلسطين. وفصيلة خطاطيف البحر، ومنها خطاف البحر، وخطاف المستنقعات ويعيشان في السهل الساحلي وقطاع غزة. وفصيلة الغطاسيات، وهي من الطيور البرمائية، وأهمها البجع، ويمكث لفترة في بحيرة طبرية ومنطقة الحولة ومرج ابن عامر وعين الساكوت، والغطاس الكبير والغطاس الأسود الرقبة. كذلك يوجد غراب البحر في مناطق واد الشعير /عنبتا وجنين وأفراد منه في برك سليمان بمدينة بيت لحم وقطاع غزة.
وهناك فصيلة اللقالق، كاللقلق الأسود، واللقلق الأبيض التي تزور فلسطين في فصل الربيع خلال هجرتها من إفريقيا حيث يقضي شهر نيسان في السهل الساحلي ثم يغادرها إلى آسيا وكما سجل حديثا طير واحد مشرد "اللقلق اصفر المنقار في منطقة واد قانا في محافظة سلفيت.
ويرى الأطرش أن الطيور الجارحة تعتبر من أكبر وأهم عائلات الطيور الموجودة في فلسطين؛ لما تبذله من جهد في خدمة المزارع بشكل مباشر أو في خدمة البيئة بشكل عام؛ لقضائها على الثدييات والآفات المضرة بالزراعة والمزروعات واعتماد بعضها على بقايا الحيوانات الميتة.
ويشير إلى أن عدة أنواع من الطيور الجارحة تحولت لمفرخات نادرة جدا أو موجودة في طبيعة فلسطين بشكل مهاجر أو مقيم في بعض المناطق الخاصة المتعلقة بهجرتها، بعد أن كانت مفرخة بشكل شائع، مثل: عقاب بونيللي، الرخمة المصرية، النسر الأسمر(عقاب الرمم)، العويسق (الباز الأحمر)، الصقر الحوام/ طويل الأرجل، العقاب الذهبي، الشاهين المغربي.
ويضيف الأطرش، أن عددا من الطيور الجارحة من المفرخات أصبحت نادرة في الطبيعة، وخاصة في مناطق جنوب الضفة الغربية، وقلت إلى درجة كبيرة ولم يبقَ منها أعداد تذكر،مثل النسر ذو الأذن، النسر الملتحي، النسر أبيض الذيل الذي سجل آخر مرة في أريحا عام 1999.
ويوضح الأطرش أنه يوجد في فلسطين عدد من فصائل الطيور الجارحة، كفصيلة العقبان الذي يعتبر عقاب البادية أكثر شيوعا خلال فصل الشتاء، كذلك العقاب الذهبي والعقاب السقعاء الصغيرة، أما عقاب السقعاء الكبيرة فتأتي إلى فلسطين في فصل الشتاء.
كذلك يوجد عقاب "مخطط" بونيللي(بعضه مفرخ في منطقة وادي الأردن من الجهة الغربية لمنطقة أريحا) التي تأتي إلى فلسطين مصاحبة أسراب اللقلق البيضاء والسوداء المهاجرة إلى إفريقيا، أما عقاب أبو صوي (العرارة) فإنها تتواجد في فلسطين خلال فصلي الربيع والصيف التي تتابع هجرتها إلى الجزيرة العربية مع بداية الشتاء.
ومن الطيور الجارحة أيضا، فصيلة العقيبات، كعقيب طويل الساق وينتشر في كل أنحاء فلسطين ويسمى أحيانا عقيب فلسطين، ويوجد أيضا عقيب السهول وهو يستقر في فلسطين خلال فصل الشتاء أثناء هجرته. أما عقاب حوام النحل الذي يتغذى على عسل النحل فهو يستقر صيفا في فلسطين.
ويوضح أن فصائل البواشق والمرزة والحدايا، تعيش في وادي فلسطين خلال فصل الشتاء، وقسما منها يفرخ في جبال فلسطين الشمالية، وتوجد أيضا مرزة الدجاج التي تسطو على الدواجن، ومرزة المروج، والمرزة وهي تعيش جميعا بالقرب من المروج. أما الحدايا السوداء فتعيش في فلسطين خلال فصل الشتاء في منطقة أريحا والاغوار على طولها وطوباس وسهل مرج ابن عامر، في حين تعيش الحدايا الحمراء في فصل الصيف (وهذه نادرة جدا في الطبيعة).
ومن الطيور الجارحة فصائل الصقور، ومنها الصقر الذي يعيش على طول الساحل الفلسطيني، بينما يعيش الصقر الحر في فلسطين كما تستضيف فلسطين كلا من صقر الكونج وصقر الشويهين في فصل الصيف، وصقر البؤبؤ في الشتاء، كما يوجد العويسق الذي يفرخ في فصل الصيف الذي ينتشر في بعض فلسطين وهو من الطيور المهددة بالانقراض.
وهناك فصائل النسور، ومنها النسر الملتحي وهو من النسور المقيمة في المنطقة الجنوبية للضفة الغربية وهو من الطيور النادرة جدا في الطبيعة، والرخمة المصرية، والنسر الأسمر الذي يقيم في فلسطين وخاصة منطقة وادي القلط وبرية القدس وفي مناطق الخليل وبيت لحم، واما النسر الأسود فتم تسجيله من قبل باحثو الجمعية في منطقة جنين في ربيع (اذار)2014.
وينوه الأطرش لفصيلة مهمة "القريبة" من الطيور الجارحة، وهي البوم المنتشرة في كل أنحاء فلسطين، ولها العديد من الأشكال والأحجام، ومنها البومة الصمعاء التي تزور فلسطين في فصل الشتاء، والبومة الصغيرة أو أم قويق، وتعيش في معظم أنحاء فلسطين، وبومة الخبل، وتعيش في جنوب الخليل وجبال نابلس، والبومة البيضاء، وتعيش في كل أنحاء فلسطين، والبومة النسارية(الهوة)، وهي كبيرة الحجم، وتعتمد على افتراس الطيور، والثدييات، وتتواجد في مناطق السفوح الشرقية والغربية من جبال القدس، وقد سجلت في عدة مناطق في الضفة الغربية، مؤخرا.
وتمتاز فلسطين ببعض الطيور التي تنتمي إليها مثل عصفور الشمس الفلسطيني ودوري البحر الميت، وبالإضافة إلى بعض الطيور التي تنمتي إلى حفرة الانهدام والتي تمثل الأغوار الفلسطينية جزءا منها مثل الثرثارة العربية والحسون الصحراوي والوروار الشرقي.
وينوه الأطرش إلى وجود بعض الطيور الغازية، والتي جلبها الاحتلال الإسرائيلي مع بداية هجراتهم في القرن الماضي، مثل الدرارة الهندية، والمينا الهندي، والحباك الهندي، والتي أصبحت مقيمة في مختلف أنحاء فلسطين.
ha