الاحتلال يدمر أقدم مطبعة كرمية
هدى حبايب
كانت الساعة الواحدة فجر اليوم الأربعاء، عندما نفذت قوات الاحتلال جريمتها بحق أقدم مطبعة في طولكرم، وهي شركة ومطابع ابن خلدون للطباعة والنشر، بدأتها بخلع وتكسير أقفال البوابات الرئيسية في مقرها الرئيسي في ضاحية شويكة شمال مدينة طولكرم المكونة من ثلاثة طوابق، تزامنت مع اقتحام مكاتب ومطبعة الشركة وسط المدينةـ وتدمير كامل محتوياتها.
ساعتان من العمل التخريبي لم يسلم منها جهاز حاسوب أو ماكنة طباعة الكترونية من التكسير والتدمير بشكل كامل، وتعدى الأمر إلى الاستيلاء على كافة قطع (الهارد ديسك) من كل الحواسيب، إضافة إلى مصادرة المخ الرئيسي للطابعة الرئيسية الذي يقدر بربع مليون شيقل، وبالتالي تعطيل كامل لكافة أجهزة وماكنات الطباعة، التي جميعها مستوردة من الخارج وتحديدا من اوروبا والصين واليابان وتايوان، وهي غير موجودة محليا.
خسائر هذه العملية قدرها صاحبها الحاج عبد الرحيم عبد الله بدوي بملايين الشواقل، معتبرا "هذا العمل الاحتلالي عملا تخريبيا مبرمجا، وتدميرا للاقتصاد الفلسطيني خاصة وأنه جراء ذلك تسبب في تشريد 35 عاملا يعيلون 200 فردا"، مشيرا إلى أن شركته أنشئت قبل 50 عاما وهي من أقدم الشركات سواء في طولكرم أو الوطن، ولها جذور معروفة في فلسطين والخارج والداخل المحتل عام 48، وقائمة حتى الآن وتقوم بعملها بشكل قانوني على أكمل وجه.
وحول مجريات الاقتحام، قال بدوي، بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من ابنه الذي يقطن في شقته فوق مقر الشركة في شويكة، يخبره بأن قوات كبيرة من الاحتلال اقتحمت الشركة، فحضر على الفور إلى المكان، إلا أن العشرات من جنود الاحتلال منعوه من الخروج من السيارة وأجبروه على إطفاء الأضواء والبقاء داخلها تحت تهديد السلاح، وفي الوقت ذاته تلقى اتصالا هاتفيا من أحد المواطنين القاطنين بالقرب من مكاتب الشركة في طولكرم يخبره بعملية اقتحام لها، عندها أدرك أن شركته "مستهدفه بشكل إرهابي لا مبرر له على الإطلاق".
ممثلو المؤسسات الرسمية والشعبية وفصائل العمل الوطني والصحفيون استنكروا عملية الاقتحام والتدمير لشركة ومطبعة ابن خلدون، واعتبروها سابقة خطيرة لم تعهدها هذه الشركة القديمة والجديدة من قبل، هدفها تدمير لكل مكونات هذه الدولة من مؤسسات اعلامية ووطنية هدفها رفعة الاقتصاد الفلسطيني، وبناء الدولة المستقلة.
محافظ طولكرم عصام أبو بكر يرافقه ممثلو المؤسسة الأمنية تفقدوا مقرات الشركة واطلعوا على حجم الخسائر التي لحقت بها، حيث أدان أبو بكر هذا العمل ووصفه "بالجريمة المستمرة بحق مؤسساتنا وشركاتنا الفلسطينية، وهي غير مبررة إنما هدفها تدميرها بالكامل، وبالتالي تدمير كل مقدرات شعبنا والاعتداء عليها".
وأدان مكتب وزارة الإعلام في طولكرم ولسان مديرها ذيب عمارة هذا الاعتداء الاحتلالي على أقدم مطبعة في طولكرم، مشيرا إلى أن هذه الشركة هي مرخصة لدى وزارة الاعلام، وكافة أوراقها قانونية وسليمة كشركة مساهمة محدودة، وذكر أن هذا العمل "ينم على طبيعة العقلية الاحتلالية التي تهدف إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني، خاصة وأن هذه المطبعة ورقية لا تضر بأي أمن كان"، ومؤكدا أن وزارة الإعلام ستتابع ما جرى لهذه المطبعة وعمل ما يلزمها.
واستنكر الصحفي عيد ياسين باسم نقابة الصحفيين في طولكرم، ما تعرضت له مطبعة ابن خلدون العريقة والتي هي أقدم المطابع المعروفة على مستوى الوطن، معتبرا ذلك بأنه اعتداء على حرية النشر والطباعة التي "هي جزء لا يتجزأ من العمل الإعلامي، وله حرمة خاصة في كافة المواثيق الدولية"، مطالباً العالم أجمع إلى محاكمة الاحتلال على جرائمه المتواصلة بحق الصحفيين والإعلاميين ووسائل النشر والطباعة.
ووصف عضو المجلس الثوري مؤيد شعبان الاعتداء على شركة ابن خلدون بأنه "إجرام تنفذه قوات الاحتلال في كل يوم وفي كل مكان"، وقال "ما شاهدناه اليوم هو عار على كل القيم المجتمعية، خاصة وأن هذه المؤسسة لها عشرات السنين قائمة حتى في زمن الاحتلال، وتقوم بعملها اليومي لخدمة المواطنين بكل ما يتعلق بالطباعة في هذه المحافظة وكل أرجاء الوطن".
واعتبر هذا الاعتداء بأنه "تدمير للاقتصاد الفلسطيني الوطني، وهجوم غير مبرر بالمطلق، مما يستدعي أخذ صدى واسع على مستوى العالم، وعلى شعبنا بكافة فئاته ومؤسساته الرسمية والشعبية التوحد والوقوف على ما يجري من اعتداءات على مؤسساته الوطنية، وتمكينها من العودة من جديد في عملها".
وأدان محمد علوش باسم فصائل العمل الوطني هذه الممارسات واعتبرها "بالعمل الإرهابي واعتداء صارخ على منشأة صناعية يعتاش منها عدد كبير من العائلات"، مشيرا إلى أن الاحتلال يمارس "القرصنة ويعمل كخفافيش الليل ويعتدي على الحركة الاعلامية الفلسطينية والصحفيين والاعلاميين ووزارة الاعلام ونقابة الصحفيين وكل المؤسسات الوطنية ذات العلاقة".