سمر..أربعون عاما بين الكتب
زهران معالي
بين أروقة مكتبة بلدية نابلس، أضخم المكتبات شمال الضفة الغربية، وأقدمها، تنشغل أقدم موظفي البلدية سمر السعودي (59 عاما)، بترتيب الكتب ومتابعة شؤون زوار المكتبة، منذ أربعة عقود.
والسعودي واحدة من 22 موظفة في المكتبة من أصل 34 موظفا، وتعمل حاليا مسؤولة لوحدة الاستعلامات والإعارة في المكتبة، ما زالت تحفظ اليوم الذي تعينت فيه بالعمل في20 تموز 1977 وتتذكر تفاصيله جيدا، "كما تحفظ تاريخ ميلادها"، وفق قولها.
ووفقا للنتائج الأساسية لمسح القوى العاملة في فلسطين للعام 2016 الصادرة عن جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، فإن نسبة المشاركة في القوى العاملة بين الأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 45.8%، إلا أن الفجوة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث ما زالت كبيرة، حيث بلغت 71.6% للذكور مقابل 19.3% للإناث.
وتحدثت السعودي لـ"وفا"، إنها التحقت بالعمل بالمكتبة بعد أن أنهت الثانوية العامة، حيث بدأت عملها في قسم الإعارة، مع أربعة موظفين آخرين فقط، يعملون في أقسام المكتبة المختلفة، قائلة: المكتبة كانت مساحتها أقل، لكن اليوم زاد العمل، والكتب، وكذلك مرتادو المكتبة والموظفون.
"هنا بيتي الثاني هناك تعلق روحي مع المكتبة، أكثر من ست ساعات في العمل هنا يوميا". تضيف السعودي.
ولا تخفي أن العمل بالمكتبة في السابق كان أكثر متعة، حيث كان تسجيل الكتب والاشتراكات وحتى البحث عن الكتب يجري يدويا، اكسبتها ثقافة الاطلاع والبحث الجيد مقارنة باليوم مع دخول الحاسوب في عمل المكتبات.
وتستيقظ السعودي يوميا مع آذان الفجر تصلي وتقرأ القرآن، تحتسي القهوة، ثم تتوجه لعملها في الثامنة صباحا، ترتب الكتب التي يقرأها مرتادو المكتبة برفقة زميلاتها، دون "ملل أو ضجر من الروتين، في ظل الأجواء الهادئة وبحر الثقافة اللذان يميزان المكتبة".
وتشير السعودي إلى أن العمل في المكتبة إنساني خدماتي؛ يتطلب أن يتمتع الموظف بالصبر وتحمل ضغط، لمساعدة الناس والأطفال في البحث عن المواضيع والقصص في الكتب.
ورغم عدم التحاقها بالدراسة الجامعية لعدم توفر جامعة في نابلس في تلك الفترة، إلا أنها ترى أن العمل بالمكتبة أكسبها ثقافة تغنيها عن دراسة أربع سنوات، فمنذ عملها قبل أربعين عاما، تقرأ الكتب، والروايات، والقصص.
وتنوه إلى أنها تربطها علاقة محبة وصداقة مع كثيرين من مرتادي المكتبة، الذين باتوا معروفين للعاملين، حيث اعتادوا على رؤية بعضهم بشكل شبه يومي، من كافة الأعمار: كبار السن، وطلبة جامعات، وأطفال، وكذلك أجانب، ومثقفين من خارج المدينة.
في يوم المرأة العالمي، الذي يصادف الثامن من آذار من كل عام، ما تطلبه السعودي فقط هو إنصاف المجتمع للمرأة وإعطائها الفرص وحقوقها في العمل، وإلغاء النظرة المجتمعية بأن "المرأة ترضى بأي شي، فهي تستطيع العمل بأي وظيفة جنبا لجنب مع الرجال".
ويعزو مدير مكتبة بلدية نابلس ضرار طوقان لـ"وفا"، أن النسبة الأكبر من العاملين في المكتبة من النساء؛ كون طبيعة العمل فيها تتطلب ذلك؛ للتعامل مع الجمهور وبساطة العمل هنا والمثابرة بذات الوقت.