احتفالات مسيحيي غزة في بيت لحم مرهونة بتصريح إسرائيلي
عنان شحادة
يجد الأسير المحرر كريس عادل البندك (32 عاما) من مدينة بيت لحم، نفسه مرة أخرى محروما من مشاركة أسرته وأهالي مدينته احتفالات وبهجة أعياد الميلاد المجيدة لهذا العام، بعد أن أبعدته سلطات الاحتلال إلى قطاع غزة.
وكان البندك قد أفرج عنه ضمن المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى في شهر أيلول الماضي مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث كان محكوما بالسجن المؤبد.
قال البندك لـ"وفا"، "العيد منقوص لا أشعر ببهجته ولا فرحة تدخل قلبي، عندما أجد نفسي مرة أخرى بعيدا عن أسرتي، رغم أنني الآن أعيش بين أخوتي وأحبتي في قطاع غزة، لكن أجمل ما في العيد أن تكون بين الأحبة تشاركهم كل مظاهره".
وأضاف: حتى لو تواجدت بين أسرتي، فالفرحة لا تزال منقوصة، لتركي ورائي في سجون الاحتلال آلاف الأسرى، الفرحة الكبيرة تكون عندما تبيض سجون الاحتلال من هؤلاء الأبطال ويعود كل واحد إلى حضن أسرته.
"إن أكبر هدية في عيد الميلاد لنا جميعا كأبناء الشعب الفلسطيني، إتمام صفقة تبادل الأسرى من خلال المرحلة الثانية التي تكللت بنجاح والإفراج عن 550 أسيرا وأسيرة، هذا إنجاز لنا جميعا، كذلك المصالحة الوطنية التي تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الأمل الفلسطيني بعودة الوحدة مجددا بين أبناء الشعب الواحد" قال البندك.
وإن كان البندك محروما من الوصول إلى مدينة مهد السيد المسيح بسبب الإبعاد، فإن مسيحيي قطاع غزة يجدون أنفسهم رهنا للإجراءات الإسرائيلية التعسفية التي تمنع الكثيرين منهم من الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم والمشاركة في قداس منتصف الليل، وهذا كله مرهون بالحصول على تصريح خاص بذلك.
وأشار الوكيل العام لحراسة الأراضي المقدسة حامل حقيبة "ستاتوس كوو"، الأب إبراهيم فلتس، إلى أن أجواء "العيد رائعة، وتختلف عن الأعياد السابقة من حيث الفعاليات التي برمجت وكذلك عدد السياح القادمين، وهذا ما حرصنا عليه مع كافة الجهات ذات الاختصاص، وتشجع مدينة بيت لحم الجميع للحضور والمشاركة في الاحتفالات جراء ما تنعم به من هدوء وأمن، لكن أملنا بأن يسمح للمسيحيين في قطاع غزة جميعا بالوصول والمشاركة".
ولفت فلتس إلى أن إسرائيل حتى الآن سمحت فقط لـ500 مسيحي من غزة بالوصول إلى بيت لحم، لكنهم يعملون جاهدين الآن مع الجانب الإسرائيلي للسماح لأكبر عدد منهم للحضور إلى بيت لحم.
وكشف أن هذا العام ستحظى الاحتفالات بمشاركة أوسع من قبل الفرق الكشفية إضافة إلى زوار من كبار الشخصيات السياسية سيشاركون قداس منتصف الليل، هذا كله سيضيف بريقا آخر على الأجواء العامة للاحتفالات.
وقال: إن رسالتهم المرجوة في هذا العام، رسالة محبة وسلام، وأن تتحقق المصالحة الوطنية الفلسطينية وأن يعود الهدوء للأراضي الفلسطينية، وأن يزول الجدار وكل الحواجز المنتشرة على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية.
ويرى مسيحيو غزة أن سياسة الاحتلال بمنح التصاريح الخاصة لزيارة بيت لحم وباقي الأراضي الفلسطينية، هي ناقصة وتنغص أجواء الاحتفالات من خلال عمر الأشخاص الحاصلين على تصاريح.
قال المواطن إلياس الجلدة، "خلال عشر سنوات، لم يسمح لي بزيارة بيت لحم والمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد إلا مرة واحدة، هذا تحت حجج أمنية لا مبرر لها، وأنا مرفوض أمنيا".
ويقول الجلدة (45 عاما)، أحد سكان حي تل الهوى في مدينة غزة، في اتصال هاتفي مع "وفا"، إسرائيل تحاول من خلال السماح لعدد قليل بالخروج من غزة باتجاه بيت لحم، هو إعطاء صورة إنسانية عنها، لكن على أرض الواقع، فإنها تعقد الأمور وتحرمنا من حقنا في أداء الشعائر الدينية.
وأشار إلى أن عملية منح التصاريح، يرافقها تعقيدات مرتبطة بالأعمار، بصورة أوضح يسمح فقط من الرجال والنساء من هم فوق (35 عاما)، والأطفال من هم تحت 16 عاما، لافتا إلى أن هناك عائلات يمنح للأب وأطفاله دون الزوجة، وفي حالات أخرى يمنح الأطفال دون والديهما، وأخرى الأم وأطفالها دون الزوج إذا ما كان مرفوضا أمنيا كما هو مدرج في القاموس.
وقال الجلدة، "بمعنى آخر إسرائيل تعاقب الأطفال بطريقة غير مباشرة وتمنعهم من التفاعل مع أجواء الميلاد الحقيقية في بيت لحم".
وتساءل الجلدة قائلا، "أين الضمير الحي العالمي من هذه الإجراءات التعسفية التي تحرمنا من أداء شعارنا الدينية وخاصة في كنيسة المهد، كما يحرم إخواننا المسلمين من الوصول إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى".
وأكد أنه "رغم كل التنغيصات التي تضعها إسرائيل إلا أننا سنحتفل بمناسباتنا الدينية الوطنية، لنؤكد لهم أننا أقوياء وأصحاب قضية عادلة ولن تثنينا همجية الاحتلال عن ذلك".