النيران.. طريقة الاحتلال الوحيدة لتعريف "المنطقة العازلة" شرق قطاع غزة
محمد أبو فياض
"الموت، الإعاقة، يتم الأبناء، ثكل الزوجة، عويل الأم". بهذه النتيجة لخص المزارع أبو ياسين كريم، نهاية وحال كل مواطن أو مزارع يحاول الاقتراب من الخط الفاصل شرق قطاع غزة، لزراعة أرضه على جانب الخط جهة قطاع غزة.
المزارع كريم، يقطن شرق بلدة القرارة شمال خان يونس جنوبا، وورث مهنة الزراعة عن والده الحاج أبو شادي، ولا يعرف مهنة سواها، ويصر على توريثها لأبنائه الثلاثة، رغم مخاطرها، وقلة مردودها المادي.
"ما أن نقترب من المكان حتى يمطرنا جنود الاحتلال المتمركزون في جيباتهم ومواقعهم العسكرية بالرصاص من فوقنا، ومن تحتنا، وبشكل مباشر إن تجاوزنا مسافة معينة". وبات إطلاق النار الطريقة الوحيدة التي يتّبعها الجيش، لتعريف المسافة المحظور تخطّيها" يقول المزارع كريم لمراسل "وفا".
ولا يستطيع المزارعون- وفق المزارع كريم، العمل بحريّة واطمئنان في فلاحة أراضيهم الزراعيّة في المنطقة التي تحظر تلك القوات على المزارعين الاقتراب منها، ضمن مسافة معينة تحت مسمى "منطقة عازلة".
وفرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبشكل أحادي وغير قانوني "منطقة عازلة" برية، وبحرية، في القطاع، وذلك بعد إعادة انتشارها خارج أراضي القطاع في عام 2005.
وحظرت تلك القوات (وفق مراكز حقوقية فلسطينية وإسرائيلية) في تقارير حقوقية منفصلة لها، دخول تلك المناطق على الفلسطينيين، والممتدة على طول حدود القطاع الشرقية والشمالية، فضلا عن بحر القطاع، ولا تعرف المناطق التي تصنفها القوات المحتلة كــ "مناطق عازلة" على وجه الدقة، حيث تعرضت المناطق المحظور على الفلسطينيين الوصول إليها، سواءً في البر، أو البحر، إلى تغييرات في المساحات، والمسافات، فرضتها قوات الاحتلال بالقوة العسكرية، وهو ما يمثل انتهاكا للقانون الدولي.
وفي السياق، أشار المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، في تقرير سابق له بالخصوص، إلى أن قوات الاحتلال مستمرة في إقامة منطقة عازلة برية وبحرية في القطاع، بقوة النار، حيث يشكل منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، انتهاكا لأحكام القانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين، وممتلكاتهم، الحق في العمل، والحق في مستوى معيشي لائق، الحق في أفضل مستوى من الرعاية الصحية، يمكن الوصول إليه.
وأضاف: فرضت قوات الاحتلال وبشكل أحادي وغير قانوني "منطقة عازلة" برية وبحرية في قطاع غزة، وذلك بعد إعادة انتشارها خارج أراضي القطاع في عام 2005. وحظرت القوات المحتلة على الفلسطينيين دخول تلك المناطق، والممتدة على طول حدود القطاع الشرقية والشمالية، فضلاً عن بحر القطاع، إذ لا تعرف المناطق التي تصنفها القوات المحتلة كمناطق عازلة على وجه الدقة، حيث تعرضت المناطق المحظور على الفلسطينيين الوصول إليها، سواءً في البر أو البحر، إلى تغييرات في المساحات والمسافات فرضتها قوات الاحتلال بالقوة العسكرية، وهو ما يمثل انتهاكاً للقانون الدولي.
وحسب التقرير، يمثل فرض "المنطقة العازلة" عبر إطلاق النار، والذي أدى غالباً لاستهداف مباشر للمدنيين، جريمة حرب، حيث تشكل عمليات القتل تحت هذه الظروف جريمة قتل عمد، وهي مخالفة جسمية لاتفاقيات جنيف للعام 1949.
بدورها، قالت جمعية "چيشاه–مسلك" الإسرائيلية، (مركز للدفاع عن حريّة التنقل– هي مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية)، في تقرير لها تحت عنوان "غزّة: نظرة من الداخل": إنّ سيطرة إسرائيل على القطاع لا تتوقف على معابر الحدود والبضائع، فإسرائيل تسيطر أيضا على المجالين البحريّ والجويّ للقطاع، بل وإنّها تسيطر على "منطقة عازلة"، أعلنت عن إقامتها داخل أراضي القطاع.
وأضافت: أنّ عرض هذه المنطقة العازلة يبلغ 300 متر من الحدود، لكن جهات اسرائيلية رسمية ادّعت أن بإمكان المزارعين من غزة الوصول الى مسافة 100 متر من الحدود "بعد التنسيق"، ولم تنجح الجمعية في العثور على دليل يثبت وجود تنسيق كهذا.
وأكدت أنّ السّيطرة الإسرائيليّة على المنطقة القريبة من الجدار الحدوديّ لا تتلخّص فحسب بإطلاق النّار نحو المزارعين، والمواطنين الذين يتواجدون فيها.
كما أورد تقرير أعده مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، أنه منذ أيلول 2000، تحتفظ إسرائيل بـ"حزام أمنيّ" في محاذاة السياج الحدوديّ مع القطاع داخل أراضي القطاع، وتحقيقًا لهذه الغاية، تقيّد إسرائيل وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم القريبة من المنطقة. وعلى مرّ السنين، غيّر الجيش من حين لآخر عمق الحزام الأمنيّ وبالتالي المسافة التي يُحظر تخطّيها، وقد تراوح هذا العمق بين 100- 500 متر.
ووفق التقرير، لم يكلّف الجيش نفسه ترسيم الحدّ المحظور تخطّيه، ولا تبليغ سكّان القطاع بنطاق المساحة التي يعرّفها على أنّها محظورة، ولا بالتغييرات التي يجريها في هذا الشأن. وفوق ذلك، أحيانًا كثيرة كانت هناك فجوة بين التصريحات الرسمية حول المساحة المحظورة، وبين سلوك الجيش على أرض الواقع، ما يبقي المزارعين في حالة قلق دائم.
وجاء في التقرير، "إطلاق النار كانت الطريقة التي اتّبعها الجيش لتعريف المساحة المحظور تخطّيها، وبذلك عرّض الجيش المزارعين لأخطار جدّية، وعلى مرّ السنين أصاب الجيش وقتل مئات المواطنين، ومزارعين، وعمالاً، ومتظاهرين، دون أن يشكل أي منهم تهديدا لحياة أحد".
وحسب التقرير: إذا كانت إسرائيل على قناعة بأن إنشاء حزام أمنيّ "نظيف" بالقرب من الحدود أمر ضروري للحفاظ على أمنها، يتوجّب عليها أن تتكرّم، وتنشئ هذا الحزام داخل أراضيها.