سيدات الأرض..
بسام أبو الرب
ثمانون صورة فوتوغرافية حملت عشرات القصص للمرأة الفلسطينية، من لحظات حزن وفرح وغضب وألم، مشاهد للمرأة وهي تحافظ على أرضها، وهي تقاوم من أجل البقاء على أرضها وتقاوم من أجل بقائها كامرأة.
ثمانون صورة جسدتها عدسة المصور الصحفي علاء بدرانة، الذي يعمل في الوكالة الأوروبية، عبر 16 عاما قدمها من خلال معرض نظمه في مدينة نابلس وحمل عنوان "سيدات الأرض".
بدارنة الذي بدأ التصوير الصحفي في العام 2000 واتخذه كمهنة، لم يكن متخصصا في المجال، انتقل بعدها الى المجال الأكاديمي كمحاضر في قسم التصوير الصحفي في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت.
بدارنة يعتبر أن الصورة انعكاس لما يراه المصور ويعكس مشاعره الإنسانية، ولم تبق مجرد إطار، بل تعني الكثير لما تحويه، فإذا كان هناك مشهد جمالي عام فهو يعكس ما يحب أن يراه مباشرة على الصور، وإذا كانت تعبر عن مشاعر إنسانية فيجب أن تكون شبيهة لمشاعر المصور.
ويقول "أحاول تجنب السلبيات الموجودة في أي إنسان بالصورة، وأبحث عن الايجابيات الموجودة في حياة الشخص".
ويضيف: هذا المعرض الفردي الثالث على مستوى فلسطين، ولكن شاركت بـعشرة معارض فردية على المستوى الدولي، إضافة إلى عدد من معارض مشتركة مع زملاء مصورين في تونس والجزائر وفلسطين.
ويتابع "معرض اليوم يعبر عن المرأة الفلسطينية بكل حالاتها، بفرحها وبحزنها وبغضبها، وبمقاومتها من أجل الأرض والحفاظ عليها، وذلك من خلال اختيار 80 صورة هي الأقرب اليّ والتي وجدت نفسي فيها، وهي من ضمن المئات".
ويرى بدارنة أنه ليس من الصعب على أي مصور صحفي فلسطيني اختيار أعمال قوية لإقامة معرضه، فكل السنوات التي عمل فيها على تغطية الأحداث، كانت هناك الكثير من المشاهد، والتي جعلت الأرشيف غني بالصور الصحفية القوية في كافة المجالات.
ويشير إلى أن الأرض وسيدتها محور أساسي في الحالة الفلسطينية، التي تجسد فيها حال المرأة الصامدة، والعاملة، وفي المواجهة، وأم الشهيد والأسير، والمعلمة، والأم، والزميلة المبدعة وغيرها. ومن هنا يجب أن يكون اسم المعرض غير تقليدي وبعيدا عن العاطفي، ويكون بنفس عمق الصورة.
ويوضح أن فكرة المعرض بدأت منذ عام، وكانت تحمل فكرة الثامن آذار، وجاءت بالتعاون مع وزارة الثقافة التي أبدت رغبتها بأن يصبح المعرض ضمن نشاطاتها في أيام الثقافة الوطنية الفلسطينية، والذي يبدأ في مدينة نابلس ثم ينتقل إلى رام الله وبعدها إلى عدد من الجامعات الفلسطينية، وصولا الى المشاركة في جولة عربية ضمن احتفالات فلسطين بالقدس عاصمة الثقافة العربية.
ويؤكد بدرانة أهمية المشاركة في الجولة العربية، كونها ستعطي فرصة للتعرف على المرأة الفلسطينية، خاصة أن المصور الصحفي الفلسطيني الفوتوغرافي أثبت وجوده مع الاختلاف في درجات التناسب في المستوى الفني، لكن بمستوى المثابرة والإقدام على إخراج الصورة الصحفية والتضحية؛ من أجل إخراج الصورة والحقيقة يتساوى الجميع.
ويعتقد أن هناك مسألة مهمة في الصورة الصحفية هي قضية لحظة واتقان اللحظة لوحدها، وليس لمجرد الصدفة، بل يجب أن توازيها الخبرة والقدرة على معرفة متى يمكن أن تكون اللحظة، وبالتالي هذا ما يميز مصورا عن آخر.
ويقول بدارنة إن الصورة تعيش لوقت طويل، ويمكن النظر لاختيار أفضل الصور خلال ثلاثين عاما مضت، واكتشاف أنها صور أثرت في الناس، عاشت الذاكرة، وقامت بالتغير وأثرت في المجتمع، وفلسطين حاضرة في هذه الصور، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تقرير صحيفة الجارديان البريطانية، حين تم اختيار أهم 40 عمل خلال 100 عام، وكانت المفاجأة وجود ثلاث صور فلسطينية، وحداة منها منذ العام 1948 أيام النكبة.
ويؤمن بدارنة بأهمية التعلم من قبل جميع الأطراف في قطاع التصوير الصحفي، دون النظر الى العمر أو سنوات الخبرة، فهناك جيل جديد ترك بصمات قوية. ويأمل بوجود حاضنة لتنمية هذه المهنة بقوة ورعايتها وتحويلها إلى ما يجب أن تكون عليه أسوة بكل دول العالم، خاصة أن فلسطين تتصدر قائمة أفضل المصورين الصحفيين في العالم، لكن هذه لا يجسد بشكل مؤسسي.
ويشدد بدارنة على أهمية مواكبة المصور الصحفي للتطور ليس على المستوى التكنولوجي فقط، بل على مستوى مفهوم التصوير وتعبير الصورة، للوصول الى النتائج التي يراد الحصول عليها.
يذكر أن بدارنة حاصل على جوائز عديدة، وأولها جائزة مؤسسة عبد المحسن القطان للصحافة للعام 2005، والتي حملت اسم المصور البريطاني "توم هارندال"، الذي قضى برصاص جنود الاحتلال في قطاع غزة، إضافة الى 27 جائزة في التصوير الصحفي، أبرزها جائزة الصحافة العربية مرتين كأفضل صورة صحفية في العامين 2008 و2013، وجائزة تومبسون البريطانية وستيف ماكوري.