"شوفة" في دائرة الاستهداف
هدى حبايب
ينظر مواطنو قرية شوفة جنوب شرق طولكرم، بقلق بالغ إلى أعمال التجريف التي تقوم بها جرافات الاحتلال الإسرائيلي، في الأراضي المحاذية للطريق الالتفافية غرب القرية التي تربط مستوطنتي "عناب"، و"أفني حيفتس" بالمناطق داخل أراضي عام 1848، إضافة إلى أعمال التجريف في الأراضي المحيطة بالبؤرة الاستيطانية "دير بان"، المقامة على أراضي كفر اللبد شرقا.
وقدّر المواطنون مساحة الأراضي التي يجري العمل بها منذ أيام، 10 دونمات، تعود ملكيتها لورثة المواطن أحمد صالح أبو شقيف، مؤكدين أن التجريف بدأ دون سابق إنذار، باستخدام جرافات إسرائيلية ضخمة "بلدوزرات"، بحجة إنشاء محطة تقوية كهربائية لمستوطنة "أفني حيفتس"، ويدور الحديث عن نواة لمنطقة صناعية.
وأعربوا في الوقت ذاته عن تخوفهم من مخططات الاحتلال في المستقبل بتنفيذ مشروع لكسارات، على غرار مشروع كسارات واد التين جنوب طولكرم، الذي كانت تخطط لإنشائه قبل سنوات في تلك المنطقة.
"هذه الممارسات والاعتداءات على أراضي المواطنين ليست بالمرة الأولى، بل ولم تتوقف منذ أن استولت سلطات الاحتلال على آلاف الدونمات من أراضي القرية، وأقامت عليها مستعمرة "أفني حيفتس" وغيرها من البؤر الاستيطانية، واستولت على الطرق الرئيسة، لتأمين الحماية للمستوطنين، على حساب المواطنين، والتضييق عليهم، وإنشاء معسكر للجيش يعتبر ثكنة عسكرية ملاصقا للمستوطنة تنطلق منه آليات الاحتلال"، يقول الناشط تيسر حامد من قرية شوفة لـ"وفا".
وأضاف "لم يعد لدى أهالي القرية مجال للشك، بأنهم أمام مخطط استيطاني كبير يهدف إلى سلبهم ما تبقى من أراضيهم، وتهجيرهم عنها، والاحتلال لم يتوان لحظة واحدة في فرض هيمنته على أراضي المواطنين في القرية، من خلال تجريفها، واقتلاع المئات من أشجار الزيتون منها".
وأشار إلى أن آليات الاحتلال تعمل ليلا نهارا لتخريب الأراضي؛ لأهداف استيطانية، والتي تزداد بوتيرة عالية، لإجبار أصحابها على تركها، وآخرها كانت أعمال تجريف الأراضي المحاذية للطريق الالتفافية، وتجريف المناطق المحيطة ببؤرة "دير بان"، القريبة أيضا.
وأوضح حامد، "أن العمل يجري على قدم وساق في تجريف الأراضي، وشق الطرق المحيطة بالبؤرة الاستيطانية "دير بان" الموازية لمستوطنة "افني حيفتس"، والتي يهدف الاحتلال من جعلها مستوطنة كبرى، كما المستوطنات المجاورة لها، وهي: "افني حيفتس"، و"عناب"، باستخدام عشرات الآليات الضخمة، موضحا أن هذه البؤرة أقامتها سلطات الاحتلال "بكرفانات" متنقلة عام 1999، على أراضي قرية كفر اللبد، بعد الاستيلاء عليها، واقتلاع مئات الأشجار المثمرة منها.
ولفت إلى أن مساحة هذه الأراضي بلغ 500 دونم، تعود معظمها لآل حنون، منوها إلى أن الاحتلال لا يكتفي بـأعمال التجريف، والتخريب، بل تقوم شاحناته الضخمة بسرقة الصخور والحجارة الكبيرة إلى داخل أراضي 48، وهي ليست المرة الأولى التي يقوم الاحتلال بسرقة محتويات الأرض، بل قام قبل عامين بسرقة أشجار الزيتون، بعد اقتلاعها من جذورها، من أراضي المواطنين المستهدفة.
وحذر من سابقة خطيرة تواجه القرية وأراضيها الزراعية، وهي تسرب كبير لمياه الصرف الصحي من مستوطنة "افني حيفتس"، أثر بشكل سلبي على أشجار الزيتون، والمزروعات الأخرى، مؤكدا "أن إقدام سلطات الاحتلال على تدمير هذه الأرض، ما هو إلا بأمر من المستوطنين، الذين يدعون بأن الفلسطينيين يعمرون ويتوسعون في العمران، وسيصلون إلى مستوطناتهم، وهذا دليل على خوفهم، وذعرهم من أي شيء على الأرض يخص الفلسطينيين".
وأشار إلى أن 'افني حيفتس' المقامة عنوة على أراضيهم، تقترب رويدا رويدا من أراضيهم، وأصبحت لا تبعد عنها سوى 3 كم، بسبب أعمال التوسع، والتجريف.
من جانبه، أكد منسق اللجان الشعبية في حملة مقاومة الجدار في محافظات الضفة الغربيةسهيل السلمان، "أن منطقة شوفة من المناطق المستهدفة من قبل الاحتلال، وتشهد تصعيدا خطيرا، وهجمة شرسة منذ فترة طويلة، حيث الاستيلاء على أراضيها، وتجريفها لصالح مستوطنة "افني حيتفس".
وأشار إلى أن أصحاب هذه الأراضي سيقومون خلال الأيام المقبلة بتقديم اعتراضات لدى المحاكم الإسرائيلية، خاصة أن بحوزتهم كافة الأوراق الثبوتية لملكيتهم لأراضيهم، رغم عدم قناعتهم بالقضاء الإسرائيلي، ولكنها إجبارية للفلسطينيين، لإثبات أن أراضيهم تم مصادرتها رغما عنهم، وهذا ينتج عنه أيضا اللجوء للمحاكم الدولية، ومقاضاة الاحتلال على جرائمه بسرقة أراضيهم.
وأوضح السلمان أن وتيرة الهجمات الاستيطانية ارتفعت منذ مطلع العام الحالي، مقارنة مع العام المنصرم، وتحديدا بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب سدة الحكم، فزادت عدد الوحدات السكنية التي تم إقرارها من قبل حكومة الاحتلال، وأصبحت توازي ما تم بناؤه عام 2016، وهذا مؤشر خطير.
وتطرق إلى الازدياد الكبير في سياسة هدم المنازل، بالإشارة إلى أن عدد المنازل التي هدمها الاحتلال عام 2016 بلغ (1023) منشأة، ومنزلا، أي بمعدل 3 منشآت يوميا، فيما وصلت منذ مطلع العام الحالي 2017 إلى 5 منشآت يوميا.
وأشار السلمان إلى أن دولة الاحتلال وبإجراءاتها اليومية بحق الأرض، والحجر، والإنسان، أصبحت في سباق مع الزمن في فرض حقائق على الأرض، من خلال اقرارها لما يسمى قانون "تسوية المستوطنات"، الذي يعني تشريع سرقة الأراضي في وضح النهار، من جهة أخرى نسف لحل الدولتين، لأن إقرار مثل هذا القانون يعني تطبيق القانون المدني الإسرائيلي على الأراضي المحتلة عام 1967، وهذا يعني "ضم هذه الأراضي".