غزة.. دولة الجماعة!! .. بقلم: موفق مطر
ما كنا بحاجة لتصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو لوكالة الأناضول لنعرف توجه حماس للإقرار بحل الدولتين، ولا كنا ننتظر كلام الوزير في اللقاء الذي عقد بمبنى الصحافة الوطني في واشنطن عشيّة مؤتمر انعقاد "التحالف الدولي لمحاربة داعش" والذي كشف فيه عن ضغوط على حماس لإلقاء السلاح والدخول في مفاوضات مع إسرائيل، واستعدادها للاعتراف بـها".
ما يحتاجه المواطنون في غزة حيث تسيطر حماس منذ الانقلاب المسلح قبل عشر سنوات تقريبا أن يبق قادة حماس البحصة، ويعلنوها صراحة انهم بصدد ترتيبات مع دولة الاحتلال اسرائيل عبر وسطاء ثالث ورابع وخامس، منهم متكلم بالعربي، وآخر بالإفرنجي الى جانب التركي طبعا، فالوزير اوغلو قال في ذات المحاضرة:" تركيا طبعّت علاقاتها مع تل ابيب ونتائجها الإيجابية تعود على الطرفين، وأبرزها تسهيل مهمة الحوار مع الطرف الفلسطيني".
ردت حماس بعنف كلامي على قناة الميادين الفضائية عندما اوردت خبر الضغوط على حماس بموضوع الاعتراف باسرائيل، فيما كان الوزير جاويش اوغلو يرجح كفة صحة خبر الميادين، فبدا الناطق باسم حماس كالنافخ في الهواء، فالأتراك معنيون بتقديم ما يثبت حسن سلوكهم لواشنطن، وتل ابيب، واظهار قدراتهم في اقناع حماس باعلان موقف ولو (هلامي) من موضوع حل الدولتين، أي القبول بدولة فلسطينية، والقبول غير المعلن بدولة اسرائيل، وهو ما كان أعلن عنه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل قبل 9 سنوات تقريبا عندما كان متمركزا في دمشق، فقد رد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل على قول الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في 21 -4-2008 اذ جاء كلام مشعل مشابها جدا لكلام كارتر، يومها قال مشعل: "ان حماس مستعدة للموافقة على دولة فلسطينية بحدود العام 1967، إلا أنها لن تعترف بإسرائيل". ليس مطلوبا من حماس الاعتراف باسرائيل، فهذا امر بديهي لأن موضوع الاعتراف من عدمه من صلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وليس من صلاحيات اي فصيل.
انتشرت مؤخرا بالونات اختبار كثيرة اطلقتها حماس، وكلها تحمل فكرة تغيير ميثاقها بما يمهد لمواءمة المواقف السياسة الحقيقية (الباطنية) لحماس من القضايا الدخلية الفلسطينية، والصراع مع اسرئيل، مع مواقف معلنة لقيادات في الصف الأول من حماس، وتقديرنا ان اقرار لجنة حمساوية لإدارة قطاع غزة، الجملة الأولى في رسالة حماس الى عناصره وانصارها، في تفسيرها لمعنى (حل الدولتين)، حتى لو اقسم اسماعيل هنية على المصحف بأنه لا دولة في غزة! فإن وطنيا لن يصدقه، ما دام قد رضي باستمرار حمل الانقلاب والانقسام، حتى توليد الانفصال في مقر( اللجنة) التي هي الاسم الحركي لحكومة حماس.
حماس ترتب امورها مع دولة الاحتلال اسرائيل، بضبط امن الحدود ومنع اطلاق الصواريخ، حتى عمليات المطاردة الساخنة في منطقة تل الهوا وسط مدينة غزة – تسميه حماس (تل الاسلام) - واغتيال القيادي الحمساوي الأسير المحرر في صفقة شاليط مازن الفقهاء، يعني ان التنسيق بينهما قد وصل الى حد غض الطرف خاصة في ظل التقاء مصالح في تغييب شخصية وازنة كمازن.
أما دولة الاحتلال اسرائيل فقد حسمت امرها مع حماس في قطاع غزة وباتت تتعامل مع الأمر الواقع هناك كالتعامل مع دولة، حتى ان رئيس اركان جيش الاحتلال الاسرائيلي (غادي آيزنكوت) قال قبل ايام وتحديدا في 22 من هذا الشهر: "قررنا التعامل مع غزة كدولة"، لكنه قال قبل هذه الجملة ما يلي:" الوضع الأمني أفضل حاليا والأفضل منذ عشرات السنين ونحن نعمل على إطالة الهدوء لسنوات قادمة".
نحن نراقب ما يجري على الأرض، خاصة عملية (تسمين) الانقلاب والانقسام الجيوسياسي، وتحويله الى انفصال، ونعلم ان مؤامرة الثلاثي الاسرائيلي – الحمساوي – الدحلاني ما زالت سارية، وتأخذ اشكالا عديدة، الى ان يتحقق لهم اغتيال المشروع الوطني الفلسطيني (دولة فلسطين) وما أباطيلهم التي ينشرونها حول (تشييع جثمان) المشروع الوطني في المحافل الدولية، إلا لتحويل (انقلاب الجماعة) الى (دولة الجماعة) ليس في قطاع غزة فقط، اذ وجب علينا الحذر من التحالف الشيطاني الثلاثي هذا الذي فضحه الزهار الذي قال: "سنصلي في المقاطعة" في رام الله بعد ان دعا لهدمها فوق رؤوس ساكنيها!!.