الرأي المشورة
كتب: رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة
لا يكف الرفاق في الجبهة الشعبية، عن التعلق بجملة الاحتجاج كيفما اتفق وكلما تحصلوا على تقارير صحفية لا مصادر موثوقة لها، وغالبا ما تكون اسرائيلية المنشأ، ولا شيء فيها غير محاولات الطعن بسياسة المشروع الوطني الفلسطيني، بقيادة الرئيس أبو مازن، وآخر ما تحصلوا عليه تقرير من مصادر صحيفة بريطانية (..!!) يزعم ان هناك "مسارا بديلا" للتفاوض يقول إن القيادة الفلسطينية قد خاضت دروبه أواخر عام 2016..!! ومع ان هذا "التقرير" المشبوه لا يتحدث عن تفاهمات أو نتائج قد تحققت في هذا المسار الوهمي، إلا انه بالنسبة للرفاق في الجبهة الشعبية كاف لاطلاق المزيد من التهم الجاهزة ضد القيادة الفلسطينية، التي تصفها الجبهة الشعبية دائما بالقيادة المتنفذة..!! ومع ان هذه الصفة في الواقع، صفة ايجابية، اذا لا معنى لقيادة غير متنفذة، ولا ضرورة لها اذا ما كانت غير ذلك، لكن الرفاق في الجبهة الشعبية يستخدمون هذه الصفة كمثلبة وتهمة ضد القيادة الفلسطينية، الذين هم جزء منها، اذ لهم مقعد في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يعني انهم لا يتفحصون حتى مصطلحاتهم في الجملة الاحتجاجية التي يتعلقون بها على نحو محموم ..!! ولا ندري كيف لفصيل يقول بانه يعتمد "المنهج المادي" في رؤيته للواقع، وفي تحليله السياسي، لكنه لا يقدم في المحصلة، غير نصوص حزبية جاهزة للاعتراض والاحتجاج، بالكلمات ذاتها، مستندا الى محض تقارير وفبركات صحفية لا صحة لها، والأسوأ انه يعتمدها كحقيقة منزهة لا شك فيها، ويصدقها ليصدق جملته الاحتجاجية ويصادق عليها، وليدفع بهذه الجملة الى أقصى حدود التطرف والمغالاة والتجني، دون اية مراجعة، أو تفحص بروحه الموضوعية مع الأسف الشديد ..!!
وانه في الواقع لأمر غريب، ألا ينظر الرفاق في الجبهة الشعبية، خاصة الذين يكتبون بياناتها الاحتجاجية، الى ما حققته السياسة الفلسطينية بقيادة الرئيس أبو مازن، في قمة عمان العربية من مخرجات اكدت في المحصلة، ان لا تفاوض خارج أطر الشرعية الدولية، ولا تفاوض مع الاستيطان، والتأكيد على حل الدولتين بدعم المبادرة العربية للسلام التي لا تقبل التنفيذ المقلوب، مع التنسيق والعمل العربي المشترك، حقا انه لأمر غريب ألا ينظر الرفاق في الجبهة الشعبية الى هذه المخرجات التي تلخص الموقف الوطني في نضاله السياسي لإقرار الحل العادل، بينما يذهبون لقراءات متحاملة، لتقارير مشبوهة لا اساس لها من الصحة، ليؤلفوا على اساسها مواقفهم الخالية من أبسط مقومات اللياقة الوطنية والكياسة السياسية ..!!
ولعل الرفاق في الجبهة الشعبية يعرفون، انه ما من احد في الساحة الفلسطينية، لا بل وفي العالم اجمع، لا يعرف ان الرئيس ابو مازن لا يقرب اطلاقا الخطاب الاستهلاكي، ولا التلون السياسي، ولا العمل من تحت الطاولة، ولطالما اتسمت مواقفه بالشفافية المطلقة، ما عزز مصداقيته في مختلف المنابر والساحات الاقليمية والدولية، وما حققه الرئيس أبو مازن في قمة عمان العربية، هو الاعلان الأكثر وضوحا عن التمسك بالثوابت الوطنية المبدئية، التي لا مسارات بديلة (على افتراض انها موجودة ) يمكن ان تنال منها.
هل الأمر يتعلق بأن طائر الحي لا يشجي ..؟؟ لا نعتقد ذلك، ولأن هذا لايصح في السياسة، ولا في العلاقات الوطنية، خاصة وان لهذه العلاقات اطرها الشرعية التي يمكن مراجعة كل ما يتعلق بالشأن الوطني العام فيها، لحظة ادراك المسؤولية الوطنية وتحملها على نحو عملي ومنتج، لربما هو غياب الوعي اذا...!! او لعله التحامل الذي اثبتت التجارب بأنه لا طائل من ورائه، ثم ان الاستقطاب الحزبي لا يكون بلغة الطعن والتشكيك والاتهام، وانما بلغة الموقف الوطني الصحيح ، اللغة التي تبني ولا تهدم، وتجمع ولا تفرق، حتى في نقدها كلما كان بناء وحريصا على سلامة مسيرة التحرر الوطنية، لا مزاودا في نصوص الحسابات الحزبية الضيقة التي ما زالت تغازل الانقسام البغيض، وترجوه تقربا، على نحو لا تنسجم معه كل مقومات وأسس النظرية العلمية بماديتها الماركسية، التي يقول الرفاق في الجبهة الشعبية انهم يسترشدون بها..!!
نعم الأمر لا يتعلق بان طائر الحي لا يشجي، وانما هو أمر هذه الحسابات الضيقة التي ما زالت تنتج هذه البيانات المجافية للحقيقة، والطاعنة في مزاودتها الفارغة.
ويبقى ان نقول للرفاق في الجبهة الشعبية ما قاله الشاعر بشارابن برد:
اذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
بحزم نصيح او ناصح حازم
ولا ناصح حازم غير الناصح الوطني، بحزمه النصيح في نصوص اللغة الوطنية التي لا مزاودات فيها ولا مساومة.