الاضراب عن الطعام.. تجارب تجدد الآمال
أسيل الأخرس
"عزيمة من هم وراء القضبان تحيي من خارجها".. الاضراب يعيد إلى الأذهان نجاح من خاضوه سابقا، كالشقيقين البلبول، ومالك القاضي، وخضر عدنان، والكثير من أبناء الحركة الأسيرة، خلال سنوات نضالهم الوطني".
"جرأة، وصلابة، وعزيمة ثورية، وثبات" صفات مجتمعة يمتلكها أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، الذين يخوضون لليوم العاشر على التوالي، إضرابهم المفتوح عن الطعام.
"خلال السجن بكيت مرة واحدة عندما انتهى الاضراب.. ودخل المحامي لزيارتي، وبعد ذلك سمعت صوت بكاء، فعرفت أن والدتي في الغرفة، وأنها اكتشفت عدم قدرتي على الرؤية، فطمأنتها أنها حالة مؤقته، ونظري سيعود" يقول محمد البلبول.
ومحمد (27 عاما) أضرب عن الطعام 78 يوما، فيما سبقه شقيقه محمود بخمسة أيام ( 82 يوما)، احتجاجا على سياسة الاعتقال الإداري، ونجحا بفك اضرابهما، بعد عدم تجديد الاعتقال الإداري بحقهما، وتحديد 8/12/2016 موعدا، للإفراج عنهما.
خرج محمد بفقدان للرؤية، ومشاكل في الأمعاء، فيما خرج شقيقه محمود بصعوبة في النطق، ومشاكل في أعصاب الوجه، وكلاهما كانا غير قادران على المشي لأكثر من 35 يوما، بعد انتهاء اضرابهما.
"في المرحلة الأولى من اضرابنا، حاولوا استفزازنا بالطعام، وبعد محاولات متكررة، واصرارنا على الثبات، وتأكيدنا أن كرامتنا تستحق أن نرفض الطعام، ونستغني عنه تماما، لأن مذاق الحرية أجمل" يصف محمد.
ويتابع "كنت أنا ومحمود بسجن "عوفر"، حتى تم نقلي إلى مستشفى "ويلفنسون"، بينما تم نقل شقيقي محمود إلى مستشفى "هشفاه هارنييل"، وادارة السجن حاولت الضغط علينا، من خلال ارهاقنا الجسدي، ونقلنا بالبوسطة "عربة نقل الأسرى"، حيث تم نقلي فيها 6 مرات، واستمرت إلى أكثر من تسع ساعات، تخللها حرمان من استخدام الحمام.
ويسرد ما حدث معه آنذاك، بقوله "كنت أفقد الوعي من التعب، والانهاك، وبعد ذلك حملت على الكرسي المتحرك، وأدخلوني لرؤية محمود في محاولة جديدة لابتزازه، كونه هو من بدأ بالإضراب، وتحميله ذنبي، ودفعه لإيقافه، خوفا على حياتي".
ويستطرد "جلست في غرفة محمود، التي كانت مزودة بـ 4 كاميرات، وتحدثت معه حول آمالي في الغد، وما بعد الحرية، وكيف سنتحدث عن هذه التجربة بعد انتهائها لأبنائنا.. وبعد يومين وتحديدا في اليوم 29 للإضراب، نقلوا محمود، ورفضوا اخباري بمكان نقله، فأعلنت حينها اضرابي عن شرب المياه ليوم ونصف، حتى أخبروني عن مكان تواجده".
ويشير محمد "كانوا يحاولون اعطائي أدوية لأفقد الوعي، لتبرير تغذيتي قسريا، وكانوا يعرضون علينا الفحص الطبي الذي رفضناه، ولم نرضخ للضغوط التي مورست بحقنا لتغذيتنا بالقوة، رغم اصدار قرارين بالتغذية القسرية من المحكمة العليا، والتي رفضتها نقابة الأطباء الإسرائيلية".
"التقيت محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين طارق برغوث، بعد أكثر من 20 يوما من حرماني من الزيارة، حيث وصل لي رسالة من أمي، مفادها: تنقل تحياتها وأنها قوية، ونكمل ما بدأناه" يتابع.
نقابة الأطباء الاسرائيلية بلغت أنها رفعت توصياتها حول الوضع الصحي الصعب للشقيقين البلبول، وبعد أيام عرضت النيابة على المحامي برغوث أن يتم الافراج عنهما بعد 12 شهرا، ما قوبل بالرفض، مؤكدين ضرورة الافراج الفوري عنهما، الأمر الذي رفضوه، واشترطوا اكمال الستة أشهر الاداري، والافراج عنهم دون تجديد.
تحدث البلبول عن ضرورة أن يدعم شعبنا ويساند أهالي الأسرى، لصعوبة تجاوز ما يعانيه أبناؤهم، وتشكيل لجنة مساندة، ودعم نفسي لهم، خاصة وأن الملفات الطبية للأسرى مختلفة، ويعانون من نقص التغذية، والاهمال الطبي.
بعد التوصل لاتفاق تم نقل الشقيقان إلى سجن "مجدو، ليخبرهما السجانين هناك أن سلطات الاحتلال عممت معلومات حول وضعهما الصحي، محذرة من تداعيات وفاتهما.
ويقول: أصعب ذكريات الاضراب كانت النوم، بسبب ربط السجانين للأسرى من الأيدي، والأرجل، في عملية شبح، بالإضافة إلى أن جسد الأسير المضرب لا يحتمل ثقل الأصفاد "الكلبشات".
ويؤكد "استمرار اضراب الأسرى، وتوحدهم، ووقوفهم خلف مطالبهم العادلة، هو الذي سيحقق النتائج المرجوة، أما محاولات محاورتهم، والضغط عليهم بشكل فردي، سيفشل اضرابهم".
يشار إلى أن محمد خاض إضرابه عن الطعام بعد 35 يوما من اعتقاله الاداري، وبعد 5 أيام من خوض شقيقه محمود الاضراب، وذلك احتجاجا على سياسة الاعتقال الاداري.