رسائل من الخيمة
زهران معالي
أربعون دقيقة فقط، قبل ستة أشهر، سمحت بها إدارة السجون الإسرائيلية لوالدة الأسيرين جلال وسعد الفقيه من عراق بورين جنوب نابلس، أن تكحل عيناه برؤيتهما، لم تستطع بعدها تكرارها؛ بذريعة المنع الأمني.
وسط ميدان الشهداء في مدينة نابلس، تجلس يوميا أم جلال في خيمة التضامن مع الأسرى منذ بدء إضرابهم عن الطعام قبل عشرة أيام، تحتضن صور ولديها وتذرف الدمع على مرارة الفراق.
وتقول أم جلال لـ"وفا"، "أملي أن أفرح بأبنائي وأن نجتمع معا في بيت واحد، جلال محكوم بالسجن مدى الحياة وأمضى 15 عاما، فيما لم يقدم الاحتلال سعد للمحاكمة منذ اعتقاله قبل سنة وثلاثة أشهر".
"رسالتي للعالم والدول العربية والإسلامية، ماذا تنتظروا؟ أن يموت أبنائنا؟، تحركوا لإنقاذ حياتهم"، قالت أم جلال.
بعض مقاعد خيمة الاعتصام تظهر فارغة من الحضور أحيانا، إلا من أم جلال وغيرها من أمهات وعائلات الأسرى المضربين عن الطعام في يومهم العاشر، ومن يؤازرهم من الحضور خاصة من الأسرى المحررين ممن خاضوا إضرابات عن الطعام في السابق، حيث يمضون الوقت بطمئنتهم بأن الإضراب سيحقق مطالب الأسرى العادلة.
على كتف أم جلال كانت تركن أم الأسير رائد عبد الجليل رأسها، واكتفت بذرف الدموع كرسالة توجز حال ولدها المحكوم بأربعة مؤبدات وأربعين عاما، وحال أكثر من 1600 أسير مضرب عن الطعام، لعل دموعها تحرك مسامع العالم الأصم.
"ابني مضرب من 10 أيام، لا أعرف عنه شيء، اعتقل طفل واليوم أصبح شابا كبيرا، نفسي أفرح فيه"، قالت أم رائد.
فيما طالب والد الأسير عبد الجليل، العالم والمؤسسات الدولية بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ حياة الأسرى وتحقيق مطالبهم العادلة.
أم حمدي زوجة الأسير قتيبة محمد مسلم (49 عاما)، من بلدة تلفيت والتي تلازم الخيمة، أوضحت أن زوجها محكوم 37 عاما أمضى منها 17 عاما، تمنت أن يزداد الدعم الرسمي والجماهيري للأسرى بشكل أكبر حتى تحقيق مطالبهم.
وتشير إلى أن الاحتلال حرم أبناءها الخمسة من حضن والدهم وحنانه، وبقيت فرحتهم منقوصة يوم زفاف ولديها حمدي ومشعل قبل عامين في ظل بقاء الزوج والاب خلف القضبان.
وتمنت أم حمدي أن يستمر الأسرى بإضرابهم حتى تحقيق مطالبهم، قائلة "منذ الإضراب لا أعرف أي اخبار عن زوجي سوى أنه كان في سجن هداريم".
مليكة ابنة شقيق الأسير مسلم تلازم الخيمة أيضا برفقة عائلتها، فهي لم ترَّ عمها منذ ولادتها قبل 11 عاما، وكل ما تعرفه عنه عبر الصور وحكايا أعمامها، قائلة: حلمي أن أرى عمي ويضمني لصدره".
ـــ