حماس تعمّق أزمة المياه وتضع حياة مواطني غزة على المحك
- خلال ثلاث سنوات ستكون غزة خالية من المياه النظيفة
- حماس وزعت 10576 دونما بشكل مخالف للقانون
- علاء حنتش
حياة سكان قطاع غزة أصبحت على المحك، فكيف سيكون حالهم بعد ثلاث سنوات إن انعدمت المياه الصالحة للشرب التي تبقى منها ما نسبته 3% من إجمالي المياه الجوفية التي يعتبر 97% منها غير صالح للاستخدام المنزلي والزراعي؟
الإجابة على هذا التساؤل يملكها قادة حركة "حماس" الذين يفرضون حكم الأمر الواقع هناك ويعيقون مساعي الحكومة في إنشاء مشروع محطة تحلية المياه المركزية في قطاع غزة ومرفقاتها، برفضهم الموافقة على تسليم 100 دونم لإنشاء محطة للطاقة الشمسية لتوفير جزء من الطاقة المطلوبة لتشغيل محطة التحلية بعد أن خصصها الرئيس للمشروع.
نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة ربحي الشيخ، حذر من أنه في حال لم يتم تنفيذ هذا المشروع الذي تبلغ كلفته 600 مليون دولار، ستصبح غزة خلال السنوات الثلاث المقبلة غير قابلة للعيش والحياة.
وقال: رغم أن التوجيهات من الرئيس ورئيس الحكومة بإعطاء قطاع المياه في غزة أولوية قصوى، وتم وضع الخطط اللازمة لإنقاذ أهلنا من الوضع المائي الكارثي، إلا أن الوضع على الأرض وسيطرة حماس على قطاع غزة، تحول دون تنفيذ خطط ورؤي سلطة المياه، وإنقاذ المواطنين من الخطر المحدق بهم، والذي يترتب عليه شلل كامل للحياة لأن الماء كل شيء.
وأضاف: مصير سكان قطاع غزة رهينة في يد من يتحكم أو يحكم على الأرض، وسياسة الأمر الواقع في غزة تحول دون إنجاح الحل الرئيسي وهو إتمام مشروع محطة التحلية المركزي، داعيا الى النظر لحياة الناس ومصيرها بعيدا عن المكاسب السياسية لأن حياة المواطنين على المحك وصحتهم وسلامتهم في خطر.
المشروع يساعد في إنقاذ الخزان الجوفي ويوفر كميات مياه إضافية
وأوضح الشيخ أن مشروع محطة التحلية المركزي من أهم المشاريع في خطة سلطة المياه، من أجل توفير كميات مياه إضافية لقطاع غزة، في ظل أن 97% من مياه الخزان الجوفي غير صالحة للاستخدام المنزلي والزراعي، وأن 3% المتبقية لا يمكن لاستفادة لأنها غير نقية.
محطة التحلية ستنتج في مرحلتها الأولى 55 مليون متر مكعب في العام من المياه المحلاة للاستخدام المنزلي مباشرة، وسوف تساعد في تخفيض كميات المياه المستخرجة من الخزان الجوفي، حتى يستطيع هذا الخزان استعادة نوعية المياه الجيدة بشكل طبيعي.
وقال الشيخ: المشروع سيوفر كميات من مياه الصرف الصحي المعالجة تكون بنسب أملاح منخفضة، وبالتالي يمكن استخدامها بشكل فعال في الزراعة، في ظل احتياجات قطاع غزة من المياه التي تقدر بحوالي 190 مليون متر مكعب في العام تقريبا، نصفها يستخدم في القطاع المنزلي والنصف الآخر في القطاع الزراعي.
600 مليون دولار تكلفة المشروع ووعود بتمويل 65%
وبين الشيخ أن سلطة المياه أعدت التصميمات المبدئية للمشروع، وتقوم الحكومة بشكل عام بالتواصل الحثيث مع الجهات المانحة من أجل تأمين التمويل اللازم للمشروع، والذي يقدر بـ600 مليون دولار تغطي محطة التحلية والمشاريع المكملة لها، وهناك وعود والتزامات بحوالي 65%من هذه المبالغ من قبل صناديق التمويل العربية وبعض الجهات المانحة، مثل الاتحاد الأوروبي، ولكي تستكمل عملية التمويل هناك متطلبات يجب توفيرها.
أرض المشروع أهم متطلبات التمويل وحماس تضع يدها على جزء منها
وأوضح نائب رئيس سلطة المياه أن الرئيس أصدر مرسوما بتخصيص الأرض اللازمة للمشروع، منها 80 دونما من أجل إنشاء المحطة في أراضي دير البلح، إلا أن حوالي 55 بالمئة من المساحة المخصصة كانت مشغولة لمعسكر تابع لحركة حماس، الأمر الذي أعاق التقدم في إقناع الجهات المانحة من أجل استكمال التمويل، ومن خلال الوساطات وجهود الحكومة تم إخلاء الموقع قبل أسبوعين، بالاضافة إلى ذلك تم تخصيص مساحة 100 دونم لإنشاء محطة للطاقة الشمسية لتوفير جزء من الطاقة المطلوبة لتشغيل محطة التحلية، ورغم وجود مرسوم رئاسي بتخصيص هذه القطعة إلا أن حماس تمنع دخول طواقم سلطة المياه من أجل إجراء الفحوصات اللازمة لإعداد تصميم محطة الطاقة الشمسية، في وقت يعاني فيه قطاع غزة من أزمة خانقة في توفير الطاقة الكهربائية، وبالتالي اللجوء لمصادر الطاقة البديلة سوف يسهم في استمرارية عمل المحطة.
وأكد الشيخ أن حركة حماس لا تعترف بقرار تخصيص الأرض الصادر عن الرئيس محمود عباس، وتدعي أن لديها خطط لاستثمار هذه الأرض في مشاريع زراعية.
الحكومة مستمرة في العمل على إنجاح وتنفيذ المشروع، ولكنها غير قادرة على تقديم إجابات مقنعة للممولين حول توفير الأراضي، الأمر يجعل مصير المشروع على المحك، وإذا لم يتم توفير هذه الأراضي التي أقرت لتنفيذ المشروع من قبل الرئيس محمود عباس، سيكون المشروع في مهب الريح وربما يدفع الممولين إلى التراجع عن تمويله، ما يعني أن غزة ستذهب الى واقع مرير يؤكد ما صدر عن تقارير أممية بأن قطاع غزة غير قابل للحياة والعيش في العام 2020، الذي سيكون مصدر المياه الوحيد وهو الخزان الجوفي قد دمر تماما.
وأضاف الشيخ: هناك معيق آخر هو حاجة الممولين لضمانات تتعلق بديمومة المشروع ولديهم مخاوف في ظل استمرار الانقسام، بأن يكون المشروع عرضة لعدم الاستدامة، في إشارة لسيطرة حماس على إدارته.
وتابع: من ضمن المشاريع المكملة، الخطوط الناقلة، حيث إن سيطرة حماس ووضعها اليد على بعض الأراضي التي من المفترض أن تمر منها الخطوط الناقلة، تعيق المشروع، ولا بد من إزالة هذه العوائق المتمثلة في مراكز خاصة بحماس، أو مساحات تشغلها لأغراض خاصة بها.
خلال ثلاث سنوات ستكون غزة خالية من المياه النظيفة
من جهته، قال مدير عام جمعية الهيرولوجيين والخبير في قضايا المياه الدكتور عبد الرحمن التميمي: خلال السنوات الثلاث المقبلة، ستكون غزة خالية من المياه النظيفة، وهذا ما أكدته التقارير الدولية بأن غزة ستكون غير قابلة للعيش، إذا لم يتم إنشاء هذه المحطة في المستقبل المنظور وبقيت الظروف السياسية على ما هي، وسوف يكون الوضع المائي في غزة كارثيا بسب ازدياد عدد السكان وبسبب أن المياه الجوفية لم تعد صالحة للشرب.
وطالب التميمي بتحييد محطة التحلية عن التجاذبات السياسية، وفي نفس الوقت العمل على الإجابة على عدد من الأسئلة المهنية، أهمها البعد الاقتصادي للمتر المكعب وقدرة الناس على الدفع والتخلص من المياه الخارجة من المحطة كمياه عالية الملوحة، بطريقة بيئية وتوفير مصدر الطاقة، وتأهيل البنية التحتية التي سيتم توزيع المياه من خلالها، والمشكلة الأهم من سيدير المحطة، والجهة المشرفة على تشغيلها، لأن كل هذه التساؤلات مهمة للمانحين.
وأضاف: بسبب وجود خلل في الكهرباء وعدم انتظامها، يجب أن يكون هناك مصدر طاقة مضمون، وهذا من خلال الطاقة المستدامة، وفي هذه الأثناء من الضرورة أن تقوم سلطة المياه بعمل حملة دولية لإنجاح تنفيذ المشروع.
حماس وزعت 10576 دونما بشكل مخالف للقانون
رئيس الفريق الوطني لبناء قواعد البيانات الرسمية منير سلامة، اعتبر أن عدم موافقة واعتراف حركة حماس بتخصيص الأرض التي تخدم المصالح الحيوية للمواطنين في المحافظات الجنوبية وخاصة فيما يتعلق بموضوع بمحطة التحلية المركزية، يدلل على أنها مستمرة بمتاجرتها بمعاناة المواطنين، وتدعي كذبا وبهتانا بأن الرئيس محمود عباس والسلطة الوطنية هي من تعمل على حصار غزة.
وأضاف: المعني بالمواطنين، عليه أن يرحب بقرار الرئيس تخصيص الأرض لهذا المشروع ويتجاوز كل الخلافات السياسية ويبتعد عن المناكفات ويوافق ويعمل على تنفيذ القرار الرئاسي القاضي بتخصيص قطعة الأرض لإنشاء محطة التحلية التي سعت السلطة الوطنية بتوجيهات الرئيس وبجهد من الحكومة وسلطة المياه على مدى سنوات، للحصول على التمويل اللازم لإنشائها.
وأوضح أن حماس منذ سيطرتها على الحكم في قطاع غزة في العام 2007 حتى عام 2014، لم تتوقف عن إصدار قرارات بتوزيع الأراضي، حيث إن إجمالي القرارات حتى تشكيل حكومة الوفاق الوطني وصل إلى 560 قرارا، بمساحة 10576 دونما، دون وجه حق وبشكل مخالف للقانون.