"الاكتئاب... لنتحدث عنه"
في فلسطين رجل من بين 10 وامرأة من بين 5
بيت لحم- دعت منظمة الصحة العالمية الأفراد والمجتمعات حول العالم للحديث عن الاكتئاب بهدف زيادة من يسعى من المصابين به إلى طلب المساعدة والحصول عليها، ضمن الحملة التي اطلقتها تحت شعار: "الاكتئاب...لنتحدث عنه".
وتحتفل المنظمة بيوم الصحة العالمي في السابع من نيسان/ابريل من كل عام والذي يصادف ذكرى تأسيسها، حيث تختار موضوعا يمس الصحة العامة لتسليط الضوء عليه والتوعية به، وهذا العام خصصته للحديث عن اضطراب الاكتئاب سيما وان المنظمة حذرت وفي تقريرها الأخير من ان الاكتئاب اصبح سببا رئيسيا لاعتلال الصحة والعجز على مستوى العالم اذ يعاني منه اكثر من 300 مليون شخص بارتفاع بنسبة 18% منذ العام 2005.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الاكتئاب بالمرض الذي يميزه الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي يتمتع بها الشخص عادة، وهو يقترن بالعجز عن اداء الانشطة اليومية لمدة اسبوعين على الاقل.
رئيسة قسم الصحة النفسية في وزارة الصحة سماح جبر أوضحت لـ"وفا" ان الحملة التي اطلقتها المنظمة ستستمر لمدة عام وتم اختيار الاكتئاب نتيجة لتزايد اعداد المصابين به بشكل كبير دون الحصول على العلاج، وبالتالي هذه الحملة تهدف لتشجيع المصابين إلى الحديث عن ما يشعرون به كخطوة اولى لبدء العلاج وطلب المساعدة والحصول عليها، كذلك لتحسين الاطلاع على المرض وأسبابه وعواقبه وتخطي ممارسات الوصم والتميز التي تلاحق المصابين بالاكتئاب من قبل المحيطين.
وأشارت جبر إلى أن الاكتئاب يمكن أن يصيب جميع الأعمار والفئات المجتمعية بدرجات مختلفه نتيجة لتغيرات فسيولوجية في الدماغ، اضافة إلى عوامل وراثية واسباب نفسية وشخصية كالتعرض لصدمات عصبية ونفسية ومواقف وتجارب صعبة ومؤلمة تحد من قدرة المكتئب على القيام بمهامه وعمله وتواصله مع المجتمع، وتسبب في أسوأ الاحوال الانتحار.
وبينت جبر انه في فلسطين يصاب تقريبا رجل من كل 10 بالاكتئاب، في حين تصاب امرأة من كل 5 بالاكتئاب، وذلك يعود للتركيبة الهرمونية للمرأة وكثرة الضغوطات الاجتماعية التي تتعرض لها وأحيانا ظروف العمل القاسية، وكذلك المراهقين الذين يمرون بفترات من الاكتئاب بسبب التغيرات الهرمونية وصعوبة التكيف مع هذه المرحلة بحياتهم، كما يصاب المسنون بالاكتئاب بسبب الامراض والشعور بالوحدة.
وتابعت: تزداد فرص الاصابة بالاكتئاب نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة كالبطالة وعدم توفر الدخل وفرص العمل، وبالتالي الشعور بانسداد الافق وعدم تحقيق الرغبات والامنيات، اضافة إلى الضغوطات الحياتية اليومية وتسارع ايقاع الحياة ومتطلباتها والتجارب الصعبة كالفقدان وغياب الرعاية الأسرية، او عدم القدرة على الانخراط في المجتمع وتكوين علاقات وصداقات او ما يعرف بالخوف او الرهاب الاجتماعي بسبب عدم الثقة بالنفس وتقدير الذات، اضافة إلى التعاطي والادمان.
ولفتت جبر إلى ان الاحصائيات العالمية تظهر وجود ارتفاع في نسبة الإصابة بالاكتئاب في الأماكن التي تشهد الحروب والنزوح والمناطق التي لا يوجد فيها استقرار سياسي، ففي اقليم شرق المتوسط يعاني 1 من كل 5 اشخاص من الاكتئاب والقلق بفعل ما يشهده الاقليم من ازمات انسانية ونزاعات وحروب، وهو الأمر الذي لا يختلف كثيرا عن ما يحدث في فلسطين بفعل الاحتلال وممارساته اليومية كالحواجز وصعوبة الحركة والمداهمات والاعتقالات وما تعيشه الكثير من الأسر من حزن وألم نتيجة لفقدان أبنائهم او احتجازهم في السجون الإسرائيلية.
وشددت جبر على اهمية البدء بالحديث عن الاكتئاب وتصحيح المعتقدات الخاطئة حول العلاج النفسي والامراض النفسية والعصبية، لتشجيع المصابين على العلاج وفهم طبيعة ما يشعرون به من أعراض تؤثر على حياتهم بسبب التفكير السلبي والشعور بالاحباط الذي يسلب الارادة، وهنا يأتي دور الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين بخلق جو من التوعية والتثقيف والمناصرة المجتمعية بطبيعة الأمراض النفسية بشكل عام والاكتئاب وطبيعته وأعراضه وأسبابه وسبل الوقاية منه عن طريق تعزيز الصحة النفسية بطرق وأساليب مختلفة كالرياضة والتغذية الجيدة والنوم الجيد والحرص على المشاركة في النشاطات وتعزيز العلاقات الاجتماعية، لافتة إلى ان الاكتئاب غير المعالج يقلل فرص الانتاج والنجاح.
واكدت جبر أن وزارة الصحة تولي أهمية كبيرة للصحة النفسية وتقوم باستمرار بحملات توعية مجتمعية وورشات عمل ونشاطات مختلفة توضح طبيعة الأمراض النفسية والعصبية وأساليب التدخل والعلاج سواء كان نفسيا أو بالأدوية والسبل الكفيلة بالوقاية لطلاب المدارس والجامعات والمؤسسات ذات العلاقة، اضافة إلى برامج الدعم والخدمات الارشادية والنفسية التي تقدمها الوزارة لمواجهة التحديات في هذا الإطار.