المستوطن الضحية.. ظنوه فلسطينيا فأعدموه
بلال غيث كسواني
الرواية كانت جاهزة وكما تصدر دائما عن شرطة الاحتلال... فلسطيني حاول طعن أحد الجنود أو المستوطنين، فقام الجنود "بتحييده" على الفور مع العثور على سكين بجانبه. وهي الرواية نفسها التي خرجت بها شرطة الاحتلال فور إطلاق النار على شاب كان يمر بالقرب من حاجز حزما الاحتلالي شمال شرق القدس المحتلة.
بعد نصف ساعة تقريبا، تغير المشهد، عادت شرطة الاحتلال للحديث عن أن هوية القتيل ربما لا تكون فلسطينية، وربما يكون إسرائيليا، وبعد وقت قليل أعلنت أنه مستوطن من مستوطنة "بسغات زئيف" المقامة على أراضي المواطنين في بلدتي بيت حنينا الجديدة وحزما، كان يخرج من الحاجز سيرا على الأقدام فأطلقت عليه النار وأردته قتيلا وأقرت بمصرعه.
هذه هي المرة الثانية التي تتراجع فيها سلطات الاحتلال عن روايتها، التي يؤكد كثيرون أنها مفبركة أصلا وجاهزة للإرسال لوسائل الإعلام لكل عملية إعدام ميداني ينفذها جيش الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، حيث جرى قتل إسرائيلي داخل إحدى الحفلات بالقدس قبل قرابة عام، وتبين لاحقا أنه إسرائيلي مختل عقليا.
تلك الحوادث تشير إلى عدم اكتراث قوات الاحتلال لحياة المواطنين الفلسطينيين، وإسراعها بإطلاق النار لمجرد الشك أو الاشتباه دون وجود سبب مقنع لإطلاق النار، لكن هذه المرة سقط مستوطن يقطن في أراض اغتصبوها من أبناء الشعب الفلسطيني.
في هذا السياق، قال أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت جورج جقمان، إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي هو قتل بدم بارد، وما جرى اليوم يؤكد أن ما يتم هو قتل بدم بارد، ووضع سكين بجانب القتيل لتثبيت الادعاء، وتبين حادثة اليوم عند حزما أنهم يكذبون كل الوقت ووسائل الإعلام الغربية تأخذ بوجهة النظر الإسرائيلية، إلا إذا كان هناك توثيق كما حدث في حادثة الشهيد الشريف، ما يجري هو قتل عمد خارج إطار القانون وجرائم حرب ونحن بحاجة لمتابعة كافية لما يجري لإدانة الاحتلال.
وأضاف أن المطلوب هو توثيق هذه الجرائم رغم صعوبة التوثيق، ولكن في نفس الوقت كما هو معروف، الكاميرات في متناول يد الجميع من خلال الهواتف الخليوية والكاميرات الثابتة، ومن الواجب على الجميع القيام بالتصوير قدر الإمكان من أجل إدانة الاحتلال.
من جانبه، قال مدير عام مؤسسة الحق الحقوقية شعوان الجبارين، ما حدث على حاجز حزما يعكس سياسة جيش الاحتلال بإطلاق النار دون التحذير والتأكد فقط عندما يشعر أن الشخص المقابل هو فلسطيني تسهل عملية إطلاق النار.
وأضاف أن ما جرى اليوم يعكس حالة التلفيق التي طالت مئات الشهداء بحجة السكين والطعن، ما جرى اليوم هو انكشاف لسياسة الاحتلال وسيرافق عملية القتل هذه عمليات تحقيق، قد تلحقها مساءلة ومحاسبة لأن من قتل هو يهودي وهو يعكس البعد العنصري.
وأوضح جبارين أن إطلاق النار على الفلسطيني يهدف للقتل دائما، ويجب أن يجري وضع حد إطلاق النار بهدف القتل، والحادث عند حاجز حزما يؤكد أنه فيما يخص الفلسطيني السياسة هي القتل.
وقال إنه بالإمكان الاستفادة من الحادث على حاجز حزما بشكل كبير، خصوصا أنه سيكون له تداعيات كبيرة، حيث سيلاحق الإعلام الإسرائيلي القتلة ويطالب بتحقيق نزيه وشفاف وحقيقي، سيطلب جمهور الإسرائيليين الكشف عن التفاصيل، وسينفضح أمر جيش الاحتلال بشكل رسمي، لذلك بالإمكان الاستفادة منه فلسطينيا بإظهار الصور الحقيقية للعالم، وهي أن جيش الاحتلال لديه رواية جاهزة لتبرير قتل الفلسطيني.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود، إن ما جرى اليوم في حاجز حزما هو دليل واضح على زيف وكذب الرواية الإسرائيلية أمام العالم بشكل سافر.
ودعا العالم لمراجعة كافة المزاعم الإسرائيلية والتي سقط جرائها عشرات الشهداء بحجة الطعن أو مهاجمة قوات الاحتلال الإسرائيلي وهو تزوير من قبل قوات الاحتلال، لتغطية جرائم القتل التي ينفذها جنوده المجرمون.
وأوضح المحمود أن حكومة الوفاق الوطني تدعو المجتمع الدولي للوقوف عند مسؤولياته تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني، و"عندما ندعو المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية للتدخل وتحمل مسؤوليتها في هذا السياق لحماية أبناء شعبنا نكون محقين، ونحن محقون بالمطالبة بحماية دولية لأننا نقع تحت جور وظلم الاحتلال الإسرائيلي، وقد تبين اليوم بشكل واضح بقتل هذا المستوطن الإسرائيلي".
وقال إن الحادثة على حاجز حزما أظهرت كذب الذرائع والحجج التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي لقتل أبناء شعبنا الفلسطيني، فسقط هذه المرة مستوطن كان يسير قرب الحاجز.
وطالب بإحلال السلام العادل والشامل، وإحلال سياسة القتل أينما كانت. وقال إن للقيادة الفلسطينية مواقف واضحة حول هذا الموضوع، فهي تدير كافة أعمال القتل والإرهاب وخاصة ما يمارسه الاحتلال ضد أبناء شعبنا". وأشار إلى أن السلام لا يمكن أن يتحقق دون إحلال السلام العادل والشامل.
ha