الشاعر يوسف الفسفوس.. حلم العودة أنار له الطريق
معن الريماوي
..... يبحث في الجزئيات البسيطة، لا يترك نقاشا أو حدثا إلا ويكون له رأي فيه، يكتب عن فلسطين المنشأ منذ اليوم الأول الذي مسك فيه قلمه، يهمه آراء الناس إن فرحوا أو بكوا أو حزنوا، يراقب عن كثب أحوال الأسرى وما آلت إليه القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها.
الشعر بالنسبة لديه "ملاذ للنفوس المتعبة في لحظات الإحباط والخذلان مثلما هو الملاذ من الإيقاع القوي للفوز والانجاز. الطاقة المتولدة من حرائق القلب أو من وهج النشوة والانتصار. والشعر دوماً هو الملاذ للنفس الشاعرة في الحالتين".
هو الشاعر يوسف محمد الفسفوس، من دورا غرب مدينة الخليل، الذي ولد في عام 1952 في الأردن، تخرج من كلية المعلمين في عمان عام 1973، وحاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة السودان. عمل مدرسا وممثلا مسرحيا حتى عام 1980، ثم سافر الى السعودية ليعمل مدرسا للغتين العربية والانجليزية ومدربا للتنمية البشرية. وهو عضو منتدى شعراء بلاد الشام وعضو النادي الثقافي الفلسطيني في المملكة العربية السعودية، وعضو النادي الادبي في المنطقة الشرقية وعضو نادي التوستماسترز للخطابة. لديه ديوانان شعريان وهما: "قصائد للحب والموت"، و"الطريق الى سدرة المنتهى"، ولديه عدد من المخطوطات الشعرية، ومسرحية شعرية بعنوان "عودة الفارس المهاجر" ومجموعة قصصية بعنوان "حفار القبور"، إضافة إلى النشر في الصحف السعودية. ساهم في الصالونات الأدبية المتعددة والنادي الأدبي ومنتدى شعراء بلاد الشام بشكل منتظم.
الحلم والأمل الممزوج بالاصرار والثقة بالعودة الى فلسطين المنشأ، هو السبب الرئيسي الذي أنار للشاعر طريق الشعر، وهو ما دفعه للكتابة، كما يقول.
فهو القائل: آهٍ لو أني قادرٌ في لحظتي أمضي إليكْ.. لأُقَبِّلَ الكفينِ فيكَ ثم ألثُمَ وجنتيكْ.. يا مَن أَحلتَ حجارة َ الأرضِ الطهورِ قنابلاً.. راحتْ تُزَغرِدُ في يديكْ!.
ويقول "فلسطين هي مهوى الأفئدة لكل عربي ومسلم فكيف لا تكون لإنسان تضرب جذور اجداده بتربتها وتشكل انفاسهم جزءاً من هوائها وتُشْغِلُ احلامهم شطراً من فضائها".
وكان لـ "وفا" الحوار القصير التالي معه:
كيف بدأت بكتابة الشعر؟
المرحلة الثانوية هي بداية توهج العواطف والاحاسيس الإنسانية التي لا بد للإنسان من أن يعبر عنها بأحد اشكال التعبير المتعددة فكانت الكتابة النثرية الوجدانية والخواطر الذاتية، وكان الدفتر الخاص الذي كنت أدون فيه تلك الكتابات رفيقاً يومياً ضمن حزمة الدفاتر والكتب التي أحملها الي المدرسة. وتطورت الكتابة النثرية إلى المحاولات الشعرية بعد دراستي لعلم العروض والبحور الشعرية التي أحببت. كنت أقرأ وأكتب وأمزق حتى تمكنت من ادواتي الشعرية في مرحلة دار المعلمين التي كتبت فيها أول قصيدة وقرأتها في حضور حفل طلابي.
عندما تهاجمك الملكة الشعرية ويشتعل خيالك بعبارتها الأولى فلا مناص أمام الشاعر سوى الإمساك بفاتحة القصيدة، ويبدأ بنسج مفرداتها. إنها متعة الخلق والإبداع الشعري التي لا تضاهيها متعة لدى الشاعر. فالسبب المباشر للكتابة يحمل في طياته المتعة وإثبات الوجود. ثم يتطور هذا الهدف لاحقاً ليُضافُ إليه دافعٍ مختلف وهو الإيمان برسالة القصيدة والكلمة وفي المرحلة الثالثة يتطور الهدف بدخول (الأنا ) للشاعروبروز الذات الشاعرة .
متى أمسكت بالقلم وكتبت؟ ومن قرأ لك أول مرة؟
العلاقة مع القلم تبدأ منذ اليوم الأول لدخول المدرسة . أتذكر في الصف الأول الإعدادي كانت فرحتي الكبرى عندما نشرت مجلة الشريعة التي كانت توزع على الطلبة في المدارس خاطرة لي، فأصبحت محط إعجاب المدير والمدرسين وألقيتها في الطابور الصباحي، ومنذ ذلك اليوم أصبحت مغرماً بمواضيع الإنشاء، اما الكتابة الشعرية فكما ذكرت سابقاً بدأت المحاولات في آخر المرحلة الثانوية، وكان مدرس اللغة العربية أول من قرأت على مسامعه في تلك المرحلة.
هل كانت الأسرة أو محيطها من أقارب وأصدقاء تهتم بالأدب والفكر؟
كان لوالدي رحمه الله الذي كان مهتماً بالعلم الديني تأثيرا على حب المطالعة والقراءة لدي رغم أنها كانت محصورة بالجانب الديني من كتب الحديث والفقه والسيرة النبوية وقصص الأنبياء.
ولكن المرحلة المهمة المؤثرة كانت انضمامي إلى نادي اسرة القلم في الزرقاء منذ بداية تأسيسه عام 1975 حتى عام 1980 عندما استقلت من الوظيفة وسافرت للعمل. ذلك النادي أدين له بالفضل في صقل وتكوين شخصيتي الثقافية فخلال تلك السنوات الست تشكلت حياتي الأدبية والفكرية من خلال الزخم الثقافي الذي كان يشهده النادي من امسيات وندوات شعرية وقصصية وثقافية وفكرية ونقدية، وكان أعضاء النادي المؤسسون في تلك الفترة من الشعراء وكتاب القصة الكبار الذين كانوا قد قطعوا شوطاً في مسارات الشعر والقصة والفن والفكر. كان النادي مدرسة أدبية وفنية متقدمة ساهمت في ما بعد في إبراز العديد من الشباب الذين اصبحوا أسماءً وقامات أدبية وفنية معروفة الآن في الأردن وفلسطين.
هل الشعر يكون بمثابة متنفس لك من بعض القضايا؟
بالتأكيد، فالشعر هو ملاذ للنفوس المتعبة في لحظات الإحباط والخذلان مثلما هو الملاذ من الإيقاع القوي للفوز والإنجاز. الطاقة المتولدة من حرائق القلب أو من وهج النشوة والانتصار لا بد لهما من تصريف والشعر دوماً هو الملاذ للنفس الشاعرة في الحالتين.
الشعر دوما مرتبط بالأحلام الجميلة وبالآمال الكبيرة ولو تأملت الشعر الفلسطيني بشكل خاص لوجدت ان الامل والحلم الممزوج بالإصرار والثقة بالعودة هو جوهر القصيدة.
ha